الإعجاز التربوي في القرآن الكريم من خلال سورة البقرة

اقرأ في هذا المقال


إنَّ القرآن الكريم أكبر مربي ومعلم للأجيال السابقة واللاحقة، فهو من خلال آياته الكريمة وقصصه الرائعة يعطينا حكماً ومواعظ لنتعلم منها دروس كثيرة ونعلمها لمن بعدنا من الأجيال، ومن خلال سور القرآن الكريم يضرب الله لنا الأمثال من الأمم السابقة لكي نأخذ الجانب التعليمي منها، وهذا يعتبر إعجازاً بحد ذاته؛ لأن البشر لا يستطيعون أن يأتوا بمثل هذه الحِكم والمواعظ التربوية التي يأتي بها القرآن الكريم.

تعريف عام بسورة البقرة

هي أول سورة نزلت على الرسول صلَّى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، وهي ثاني سورة بترتيبها بعد سورة الفاتحة في القرآن الكريم، عدد آياتها 286 آية، سورة مدنية، عدد حروفها 25613، وعدد كلماتها 6144، تحتوي هذه السورة على كثير من القصص والأمثال، وذكر لقصص الأنبياء وأفعالهم، وسميت بسورة البقرة لذكر قصة بني إسرائيل مع البقرة.

تعريف الإعجاز القرآني

هو أمر خارق لا يستطيع الإنسان أن يأتي بمثله، وهو إثبات على أن مصدر القرآن الكريم إلهي ليس من الأرض، وإثباتاً على صدق سيدنا محمد صلَّى الله عليه وسلَّم، وله أنواع وأشكال عديدة، جميعها تحدت العالم منذ نزول القرآن الكريم إلى يومنا هذا، قال تعالى: “وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ” (سورة البقرة:23).

تعريف الإعجاز التربوي في القرآن الكريم

وهو ذكر مواقف وقصص تعليمية موجودة في القرآن الكريم من باب التربية للأجيال وذكر عقابها أو مكافأتها، لكي نأخذ العبرة منها وإتباعها ليس من باب التسلية فقط، وقد وردت وذكرها الرسول الكريم عليه صلوات الله وتسليمه في مواقف عديدة حصلت على أيام الصحابة رضوان الله عليهم فسردها لهم.

الإعجاز التربوي في القرآن الكريم من خلال سورة البقرة

لسورة البقرة مجالٌ واسعٌ في ذكر مواقف كثير من أنواع عديدة من أنواع الإعجاز القرآني، نظراً لطول السورة وأخذها أكثر من جزأين ونصف من القرآن الكريم وكثرة القصص والمواقف والأمثال فيها، وتذكر السورة العديد من الآيات الكريمة في مجال التربية، وهي:

1- قال تعالى: “كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ(151)”، تشير الآية الكريمة إلى المنهج التربوي الإسلامي الذي نزل به سيدنا محمد صلَّى الله عليه وسلم ونزل به من قبله من الرسل، وهو الهدف من نزول الرسل تعليم الناس الكتاب والحكمة ويبعدونهم عن طريق الظلال ووضعهم على الطريق السليم الصحيح، ويعلموهم الأمور التي لم يكونوا يعلموها.

2- قال تعالى: “أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِی حَاۤجَّ إِبۡرَ ٰ⁠هِـۧمَ فِی رَبِّهِۦۤ أَنۡ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ إذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258)”، في هذه الآية نقاش وحوار سيدنا إبراهيم عليه السلام مع النمرود الذي كان يدعي أنه يقوم بأفعال الله عز وجل أنه يستطيع أن يحيي الموتى من خلال عدم قتله للشخص المقابل له فإنه يحييه، فقال له سيدنا إبراهيم أن الله عز وجل يأتي بالشمس من المشرق فلم يستطع أن يجيبه بأنه قادر على ذلك.

3- قال تعالى: “يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (122) “، في هذه الآية اظهار للمنن الإلهية التي أنعم الله تعالى بها على بني إسرائيل وأنكرها بنو إسرائيل.

4- قال تعالى: “أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ(44)”، ففي هذه الآية الكريمة منهاج تربوي تعليمي على أن الإنسان يجب عليه قبل أن يأمر الناس بالمعروف والإحسان وأن يأمر نفسه أولاً وأن يأمر الناس بهذا المعروف ثانياً، ونقيس عليه باقي أمور الحياة غير المعروف، فتربينا الآية الكريمة على عدم إعطاء الناس النصائح التي لم يعطها الشخص لنفسه.

5- قال تعالى: “وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ ولا هم ينصرون(48)” ففي الآية الكريمة تعليم تربوي للإنسان على أن يوم القيامة لا ينفع شفاعة للكافرين، ولا ينفع أي شيء، فقط ينفع الإنسان عمله فقط.

وفي الختام فبحر الإعجاز القرآني واسعٌ لا ينفذ والتوسع فيه أمر طويل، فالإعجاز التربوي في سورة البقرة جزء صغير من أجزاء الإعجاز في القرآن الكريم، وأنواعه أمثالها كثيرة، فيتوجب علينا إتباع المناهج التربوية في القرآن الكريم وتعليمها لأطفالنا وأجيالنا القادمة، فإتباع القرآن الكريم أمرٌ عظيمٌ جداً.


شارك المقالة: