الإمام الترمذي والرواية

اقرأ في هذا المقال


لقدْ كانَ القَرْنُ الثَّالِثُ الهِجْرِيُّ قرْنَ التَّأليفِ والتَّصْنِيفِ للحديثِ النَّبويّ، وبرّزَ في هذا العَصْرِ منْ برَزُوا في علمِ الحديثِ منْ أصْحابِ السُّنَنِ والمُصّنَّفاتِ وأصحابُ الصَّحيحِ والمسانيدُ، ومنَ الّذين كانَ لَهُمْ دورٌ مُهِمٌ: الإمامٌ التَّرْمِذيُّ رَحِمَهُ اللهُ، فَتَعالوا مَعَنا في سيرَتِهِ مَعَ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ.

نبذة عن الإمام الترمذي:

هوَ الإمامُ المُحَدِّثُ، أبو عيسَى، مُحَمَّدُ بنُ عيسَى بنِ سَوْرَةَ بنِ موسى التِّرْمِذِيُّ، صاحِبُ كتابِ الحديثِ المَعْروفِ بِسنُنِ التِّرْمِذِيِّ، منْ أعلامِ المُصَنِّفينَ في القَرْنِ الثَّالِثِ الهِجْرِيِّ، والتِّرْمِذِيُّ نِسْبَةً إلى موْطِنِهِ تِرمِذَ منْ بلادِ أوزباكستانَ، وُلِدَ في تِرْمِذَ في العامِ التَّاسِعِ بعدَ المائَةِ الثَّانِيَةِ منَ الهِجْرَةِ النَّبويَّةِ، ورَحَلَ في طَلَبِ العلمِ والحديثِ، فتَنَقَّلَ بين ترمِذَ والعراقِ وخُراسانَ وبلادِ الحِجازِ، وجمَعَ كَمَّاً هائِلاً منَ الحديثِ منْ المُحَدِّثينَ فيها، وصنَّفَ كِتابَهُ السُّنَنِ بعدَ رحلاتِه، ورُوِيّ أنَّهُ أصِيبَ بالعَمَى بعدَ تَقَدُمِهِ في العُمرِ، وبَقيَ في مدينَتِهِ تِرْمِذَ حتَّى تَوَفاهُ اللهُ في العامِ التَّاسِعِ والسَّبْعينَ بعدَ المائَتَيْنِ منَ الهِجْرَةِ يرْحَمُهُ اللهُ.

سيرة الإمام الترمذي مع الحديث:

لقدْ كانَ الإمامُ التِّرْمِذِيُّ منْ أعلامِ المُصَنِّفينَ والرُّواةِ للحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ، وقدْ روَى الحديثَ منْ طريقِ كثيرٍ منَ المُحَدِّثينَ منْ شيوخِهِ وغيرِهمْ منْ أمْثالِ: إسْحاقَ بنِ راهَوَيْهَ وقُتَيْبَةَ بنِ سعيدٍ ومَحْمودِ بنِ غَيْلانَ وإسْماعيلَ بنِ موسَى الفَزارِيِّ وأحْمَدَ بنِ مَنيعٍ وعمْرِو بنِ عَلِيِّ الفَلَّاسِ ونَصْرِ بنِ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيِّ وهَنّادِ بنِ السَّرِيِّ وعَبْدِ بنِ حُمَيْدٍ وعبدِ اللهِ بنِ الوَضَّاحِ الكوفِيِّ ومُحَمَّدِ بنِ المُثَنَّى ومُحَمَّدِ بنِ بَشَّارٍ ومُحَمَّدِ بنِ العَلاءِ الهَمَدَانِيِّ ورَجاءِ بنِ مُحَمَّدٍ البَصْرِيِّ والحَسَنِ بنِ عَرَفَةَ العَبْدِيِّ وإسْحاق بنِ موسَى الأنْصارِيِّ وعِمْرانَ بنِ موسَى القَزَّازُ وغيرِهمْ يرْحَمُهُمُ اللهُ.
أمَّا منْ روَى الحديثَ منْ طريقِ الإمامِ التِّرْمِذِيِّ فَمِنْهُمْ: أحْمَدُ بنُ إسْماعيلَ السَّمَرْقَنْدِيُّ وأسَدُ بنُ حَمْدَوَيْهِ النَّسْفِيُّ ومُحَمَّدُ بنُ أحْمَدُ النَّسْفِيُّ وأحْمَدُ بنُ عبْدِ اللهِ المِرْوَزِيُّ وأحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المُقْرِئُ وغيرِهمْ كثيرٌ يرْحَمُهُمُ اللهُ جَمِيعاً.

الإمام الترمذي وكتابه السنن:

يُعْتَبَرُ الجامِعُ الصَّحيحُ المُعْروفُ بِسُنَنِ التِّرْمِذِيِّ منْ كُتُبِ السُّنَةِ والحديثِ المُعْتَبَرَةِ عنْدَ أمَةِ الإسْلامِ، وقدْ جَمَعَهُ الإمامُ التِّرْمِذِيُّ مِمَّنْ حدَّثَ عنْهم، وقامَ الإمامُ التِّرْمِذِيُّ بتَقسيمِهِ إلى قسْمَينِ: صَحيحُ التِّرْمِذِيِّ وضَعيفُ التِّرْمِذِيِّ، وقدْ أعتَمَدَ في تَصْنِيفِهِ وروايَتِهِ للحديثِ على منْهَجِهِ الّذي يقومُ على رِوايَةِ الحديثِ الصَّحيحِ وغَيْرِهِ والرِّوايَةِ عمَّنْ لمْ يُخْرِجْ لهما الشَّيْخانِ البخارِيِّ ومُسْلِمٍ، وكانَ يٌَسِّمُ الحديثَ حسَبَ دَرَجَتِهِ في الصِّحَةِ والضَّعْفِ معْ بيانِ ضَعْفِ الحديثِ الضَّعيفِ وبيانِ عِلَلِهِ، وكانَ يتَوَسَّعُ في أحاديثِ الأحْكامِ، فيورِدُ أقوالَ الفُقَهاءِ وآرائِهِمِ فيها، ولا زال كتابُ سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ مْرْجِعاً لعُلماءِ الحديثِ وطَلَبَتِهِ حتَّى عَصْرِنا الحاضِرِ.


شارك المقالة: