أشهر الأدلة التي تدل على رضى عند النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم راضياً بكل ما كتبه الله له وراضياً بقضاء الله وقدره، حيث تمثل خلق الرضا في رسول الله صلى الله عليه وسلم في العديد والكثير من الأمور، ومن الأمثلة على ذلك:
دعاؤه صلى الله عليه و سلم أن يرزقه الله تعالى الرضا:
وبالرغم من ما كان عليه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من تمام وكمال الرضى عن الله سبحانه وتعالى فقد كان نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يدعوا دائماً أن يرزقه الله سبحانه وتعالى الرضا وأن يرزقه الثبات، وقد كان من دعاء النبي الكريم محمد صلى الله عليه و سلم : “وأسألك الرضا بعد القضاء وأسألك بَرْدَ العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، وأسألك الشوق إلى لقائك، من غير ضراء مُضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زَيِّنا بزينة الإيمان. واجعلنا هداة مهتدين”.
تنويه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بخلق الرضا وحث الأمة عليه:
لقد كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حريصاً بشكل كبير على إظهار وتوضيح وتأكيد ما يكون للرضا من جزاء كبير وعظيم وذلك حتى يحث أمته عليه، وكان من الأمثلة على ذلك:
عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “من قال حين يسمع المؤذن وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا غفر له ذنبه”.
أيضاً قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم :”ذاق طعم الإيمان من رضي الله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا”.
وقوله أيضاً صلى الله عليه وسلم :”من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وجبت له الجنة “.
فضل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم بغاية الرضوان:
وإذا كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على ذلك النحو من الرضا عن الله سبحانه وتعالى في كل أقواله وفي كل أفعاله فلا شك أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم هو سيد الراضين عن الله جل وعلا وسيجازيه الله سبحانه وتعالى برضوان أكبر من رضوان النبي الكريم محمد عنه وأكبر من رضوانه عن أي بشر من خلقه الراضين عن الله عز وجل وذلك لعظم رضاه عنه ومنزلته عنده.
حيث قد كانت الإشارة والدليل إلى ذلك في الكتاب العزيز فقال الله سبحانه وتعالى: “وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى” – سورة الضحى آيه 5.
قال الحافظ ابن كثير في تفسير الآية: ” أي في الدار الآخرة يعطيه حتى يرضيه في أمته و فيما اعد له من الكرامة ومن جملته نهر الكوثر الذي حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف و طينه مسك أذفر”.
ومن ثم روى عن ابن عباس عن أبيه – رضي الله عنهما – قوله: “عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته من بعده كنزا كنزا فسر بذلك فأنزل الله تعالى ” (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) فأعطاه في الجنة ألف ألف قصر في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج و الخدم ثم عزا ذلك إلى ابن جرير و ابن أبى حاتم و قال : “وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس و مثل هذا ما يقال إلا عن توقيف” (تفسير القرآن العظيم 4/522).
أما في الحياة الدنيا فقد جعل الله سبحانه تعالى رضاه عن الخلق يقترن برضا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم، حيث أتبع الله عز وجل رضا نبيه الكريم محمد لرضاه سبحانه وتعالى مباشرة وذلك كما دلت عليه الآيات الكريمه في قوله تعالى: “مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا” – سورة النساء آية 80، وفي قوله تعالى : “يَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ” – سورة التوبة أية 61.
ويكون إرضاء الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يكون من خلال طاعته ومن خلال موافقة أوامره والقيام بإيفاء جميع حقوقه عليه الصلاة والسلام وذلك في باب الإجلال وأيضاً الإعظام حضوراً وغيبة، وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد جعل إرضاء رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إرضاء له عز وجل وجعل طاعة النبي هي طاعة له فهذا دليل كبير وواضح على كمال رضاه عنه في الدنيا قبل أن يكون الآخرة.