زكاة أموال التأمين

اقرأ في هذا المقال


التأمين من المعاملات المعاصرة التي ظهرت في زمن متقدّم، والتي عُرفت بأشكالٍ وأنواع مختلفة، منها ما هو محرّم ونهى الفقهاء عن التعامل فيها، ومنها ما هو جائز، وأباح الفقهاء التعامل بها، ويتمثل التأمين بعقد يلتزم به المؤمّن والمؤمَّن له، حيث يتم تعويض المؤمَّن له، عند تعرضه لحادث محتمل وقوعه، مقابل حصول المؤمّن على مبلغ من المال من المؤمَّن له، يصح تقاضيه على شكل أقساط، أو غير ذلك، فما حكم الزكاة في هذه الأموال المدفوعة؟ وكيف يتم إخراجها إن كان ذلك واجباً؟

أنواع التأمين:

سنتعرّف هنا على ثلاثة من أنواع الـتأمين، وهي كالتالي:

التأمين التجاري:

وهو نوع من عقود التأمين التي تهدف لتحقيق الأرباح، مع عدم قدرة المؤمَّن له على استعادة أمواله، في حال عدم وقوع الخطر المحتمل الذي عمل على التأمين لأجله. ويشتمل التأمين التجاري على تأمين الأشخاص، تأمين الأموال وتأمين المسؤوليات.

التأمين التعاوني:

ويُعرف التأمين التعاوني بالتأمين التبادلي، ويتمثّل باشتراك مجموعة من الأشخاص في مبلغ نقدي، ليتم تعويض مَن يتعرّض منهم للخطر، وقد يكون ذلك عن طريق مؤسسات خاصة، تعمل على إدارة هذه المعاملات، بصفة الوكالة بأجر.

ويُعتبر التأمين التعاوني من أهم أشكال التكافل الاجتماعي الذي دعا إليها الإسلام، ومن الأدلّة على ذلك ما جاء في السنة النبوية من أحاديث، منها حديث الأشعريين: أنهم كانوا إذا أرملوا في الغزو أو قلّ طعامهم في المدينة جمعوا ما كان عندهم في إناء واحد ثمّ اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فقال النبي _عليه الصلاة والسلام_: “هم مني وأنا منهم” رواه بخاري.

التأمين الاجتماعي:

التأمين الاجتماعي هو نظام مالي عام، وقد يكون إجبارياً في بعض الدول، لأغراض الضمان الاجتماعي للمواطنين العاملين، ويشترك في تمويله المواطن نفسه، وصاحب العمل، وأحياناً تُسهم الدولة في جزء من تمويل التأمين الاجتماعي، ويستحقّ المواطن المؤمّن اجتماعياً، راتباً عند وقوع الضرر المؤمَّن ضده، إضافةً إلى المكافآت والتأمينات الصحية والتقاعدية وغيرها.

حكم زكاة أموال التأمين:

يختلف حكم زكاة أموال التأمين تبعاً لنوع التأمين، لذلك سنتحدّث في حكم الزكاة في كلّ نوع من التأمين على حدة.

أولاً: زكاة أموال التأمين التجاري:

كان في حكم زكاة أموال التأمين التجاري رأيان، وهما:

الرأي الأول:

حرّم أغلب الفقهاء إخراج زكاة التأمين التجاري، فاعتبروا أموال التأمين التجاري من الأموال المحرّمة، اعتماداً على حكم التحريم في التأمين التجاري، فلا يجوز إخراج زكاة مال التأمين التجاري، بسبب عدم استحقاق الشخص الذي يقبض المال، وهو بذلك يكون قد فقد شرط تملّك المال لوجوب الزكاة فيه.

الرأي الثاني:

أجاز بعض علماء الفقه المعاصرين إخراج زكاة أموال التأمين التجاري، مع بقاء حكم تحريم أموال التأمين، وقالوا إن لم يتخلّص الشخص المؤمّن من هذه الأموال المحرّمة، فعليه بإخراج زكاتها، خيرٌ من تركها، فلو كان المال بيد صاحبه الذي يستحقه، لوجبت عليه الزكاة، كما أنه بإخراج الزكاة المترتّبة على المال، تبرأ ذمّة قابض المال في إيصال الحقوق لمستحقيها، من ناحية أداء الزكاة، مع بقاء حرمة قبض المال المحرّم في ذمته.

أمّا شركة التأمين التجاري، فيترتّب عليها إخراج زكاة عروض التجارة، والتي تتمثّل بربع العشر، بعد جمع رأس المال والأرباح، والديون المأمول سدادها، مع خصم ما يترتب على الشركة من ديون، وقيمة الأصول المستعملة في الشركة، من مجمل مقدار المال.

ثانياً: زكاة أموال التأمين التعاوني:

رغم أنّ التأمين التعاوني من أنواع التأمين المباحة، والتي يحثّ عليها الإسلام، إلّا أنّه لا زكاة في أمواله، سواء على المؤمّن، أو المؤمَّن له؛ لأنّ المال لا يقع في ملكية أحدهما حتى تجب عليه الزكاة، فالمؤمّن عبارة عن وكيل فقط، والمؤمَّن له يكون قد أخرج المال من ملكيته عند دفعه للمؤمّن، مقابل عدم استحقاقه لاستعادته إن أراد ذلك، حسب ما يتضمّن عقد التأمين التعاوني.ِ

أمّا إذا حققت شركة التأمين التعاوني مقداراً فائضاً من المال، بعد تغطية مستحقات المشتركين خلال السنة الواحدة، فإن استعاد المشتركين أموالهم في هذه الحال تترتّب عليهم الزكاة، وإن كان متّفق على استحقاق الشركة لأي مبلغ فائض من الأموال المدفوعة خلال السنة، فإنّه يجب على الشركة إخراج زكاة المال الفائض وما تحقق من أرباح، بعد مرور سنة كاملة من حصول الشركة على هذا المال؛ بسبب ثبوت ملكها له من ذلك الوقت.

ثالثاً: زكاة أموال التأمين الاجتماعي:

بعد البحث والدراسة تبيّن لنا أنّ التأمين الاجتماعي لا يهدف لتحقيق أيّ أرباح، وإنّما يهدف لتحقيق التكافل الاجتماعي، وهو يقوم على نفس الأساس الذي يقوم عليه التأمين التعاوني، لذلك يتّفق التأمين الاجتماعي مع التأمين التعاوني في الحكم.

وعن الحكم في زكاة أموال التأمين الاجتماعي فلا زكاة فيها؛ بسبب افتقارها لأهم شروط وجوب الزكاة وهو تحقق ملكية المال من قِبل الموظف العامل، ولا زكاة فيها من قِبل الدولة؛ لأنّ أموال التأمين الاجتماعي تُعتبر مال عام ولا زكاة فيه.


شارك المقالة: