إن الشركات من المعاملات المالية الجائزة بصورتها العامة في فقه المعاملات المالية، وأهم أنواع الشركات التي أجمع الفقهاء على صحتها من الناحية الشرعية، هي شركة الأموال التي تعتمد على أساس المشاركة بالمال، بأن يقوم الشركاء بالمساهمة بحصص مرتبة من الأموال، والعمل جميعاً على استثماره وتقاسم ما ينتج عنها من أرباح، وسنتحدث في هذا المقال عن بعض الأحكام والشروط التي تتعلّق بشركة الأموال.
صور شركة الأموال:
تأخذ شركة الأموال صورة شركتي العنان والمفاوضة، وفيما يلي سنتحدّث عن كل واحدة منها:
شركة العنان:
شركة العنان هي شركة تعتمد على أساس المشاركة في الأموال، ولكن بحصص متفاوتة في القيمة وغير متساوية، وتكون حصة كل واحد حسب ما لديه من مال، وقد يكون التفاوت في نسبة السماح بالتصرّف للشركاء، وبالتالي تتفاوت نسب الأرباح لكل منهم.
وشركة العنان جائزة بإجماع الفقهاء، والدليل على ذلك أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ كان شريكاً مع السائب بن أبي السائب، وكان يقول له: ” مرحباً بشريكي لا يُماريني ولا يدفعني”.
شركة المفاوضة:
أما شركة المفاوضة فهي الشركة بنسب متساوية من الحصص بين الشركاء، بالإضافة للتساوي بينهم في التصرف والربح، وشركة المفاوضة لا تجوز بين المسلم وغير المسلم، وذلك بسبب اخلافهما في الدين والذمة. كما تقوم شركة المفاوضة على الكفالة والوكالة، ليكون كل شريك كفيل للشركاء الآخرين في الشركة ووكيل عنهم.
وحكم شركة المفاوضة مختلف فيه بين الفقهاء، فأجازها الجمهور ولم يُجزها بعض الفقهاء الحنابلة، أما الشافعية فقد أنكروها بشكل تام، وقالوا بأن شركة المفاوضة من الشركات الباطلة.
أما الحنفية فقد اشترطوا الأهلية في الكفالة والوكالة بشركة المفاوضة، والتساوي في حصص رأس المال بين الشركاء، يترتب عليه التساوي في التصرف والربح والخسارة، ويجب أن يكون العمل في الشركة من ضمن عموم التجارات، وأن تُنشأ الشركة عند العقد بما يدل على المفاوضة، وينعقد العقد على شركة المفاوضة.
شروط شركة الأموال:
تختص شركة الأموال بشروط خاصة إضافة للشروط العامة للشركات، وهي:
- قابلية الوكالة.
- أن يكون الربح شائعاً وقدره معلوم ومحدد.
- واعتماداً على الشرط السابق، يجب أن يكون رأس المال معلوماً، ليتم تحديد حصة كل شريك، وبالتالي القدرة على تحديد الربح.
- أن يكون رأس المال حاضراً في مجلس العقد، فلا يجوز أن يكون ديناً ولا مالاً غير موجود؛ لأنه قد لا يمكن تحقيق هدف الشركة في الاستثمار وتنمية المال.
خلط الأموال الحاضرة في شركة الأموال:
إنّ خلط الأموال الحاضرة في شركة العقد ليس من شروط شركة الأموال عند مهور الفقهاء؛ لأن الشركة تنعقد بالاتفاق والعقد، وليس بالمال، وهذا جائز لأن شركة الأموال تقوم على مبدأ الوكالة، أما الشافعية وبعض الفقهاء فقد اشترطوا خلط المال قبل انعقاد الشركة.