غار ثور

اقرأ في هذا المقال


هو غارٌ يقعُ على بعدِ أربعة كيلو متراتٍ من مكة المكرمة، ويقعُ في الجهةِ الجنوبيةِ من المسجد الحرام، يرتفعُ عن سطح البحر حوالي سبعمائة وثمانية وأربعين متراً تقريباً، هو عبارةٌ عن صخرةٍ مجوفةٍ بارتفاعِ متر وربع المتر، يتكونُ من فتحتين ، فتحةٌ في الشرقِ ، وفتحةٌ في الغربِ ، والفتحةٌ التي دخل منها النبي صلى الله عليه وسلم مع صحابهِ أبو بكر الصديق هي الفتحةُ الغربية ، وهو الغار الذي التجأ النبي صلى الله عليه وسلم مع صديقه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهم في طريقِ الهجرةِ إلى المدينة المنورة.

الاتجاة إلى الغار

في شهرِ صفر من السنة الرابعةََ عشرة من بعثةِ النبي ، وفي ليلةِ السابعِ والعشرين خرج النبي متوجهاً ومهاجراً إلى المدينة المنورة ، وكان النبي على علمٍ أنَّ قريشاً لن تتركهُ يرحلُ ويهاجر بتلكَ السهولةِ ، وكان يعلمُ أنَّ قريشاً ستلحق به من الطريق الشمالي الرئيسي المتوجه للمدينة ، فما كان من النبي إلّا أن سار طريقاً عكس ما تسير به قريش، وهو الطريق الجنوبي الذي يتجه نحو اليمن، حتى وصل عليه السلام هو وصاحبه أبو بكر الصديق إلى جبل ثور، وهذا الجبل عرفَ بأنَّه ذا طريقٍ وعرٍ، صعبِ المرتقى ، كثيرِ الحجارة .

وعندما وصلوا إلى غار ثور، دخل أبو بكر الصديق إلى الغار قبل النبي خوفاً على سيدنا محمد أن يصيبه شئ إذا دخل النبي أولاً ، فعندما دخل أبو بكر الصديق إلى الغار، سدّ فتحات الغار ، وحتى أنَّه أصيب بلدغةٍ ولم يتحرك حتى لا يشعر النبي بما حصل لصاحبه.
ومكث النبي وأبو بكر الصديق في الغارِ مدَّة ثلاثِ ليالٍ، ليلة الجمعة والسبت والأحد، وقد أمر أبو بكر الصديق ولده عبد الله أن يعلم ما يتناقله الناس في قريش من الكلام على هجرة النبي وصاحبه ، وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر الصديق يرعى غنمه في النهار، ويأتي إلى النبي وسيدنا أبو بكر الصديق عند حلول الليل، وكان يتبعُ غنمه خلفَ أثارِ عبدالله بن أبي بكر حتى لا تعرف قريش له طريقاً، أمّا أسماء بنت أبي بكر كانت توصل الطعام لوالدها ولنبي الله صلّى الله عليه وسلّم.
وعندما تأكدت قريش من خروج النبي من مكة، صابهم من الصدمة الكبيرة ، لدرجة أنَّهم سحبوا سيدنا علي رضي الله عنه إلى الكعبة وضربوه وحبسوه لعلَّه يخبرهم عن مكان النبي وصاحبه، فلم يجدوا أيَّ جواب منه، وبعد ذلك ذهبوا إلى بيت أبي بكر الصديق ، فخرجت لهم أسماء، وسألوها عن أبيها وقالت أنَّها لا تعلم أيَّ شئ عن مكانه ، فما كان من أبو جهل ألَّا أن ضرب أسماء على وجهها .

وبعد ذلك أجتمعت قريش للحديث عمّا حصل من فشل خطتهم في قتل النبي وخروجه من مكة مع صاحبه أبو بكر الصديق ، فاتفقوا في ذلك الاجتماع على عدم ترك النبي يُكمِلُ مسيره إلى المدينةِ، والبحث عن النبي في كل الطرق المؤدية للمدينة، وأستخدام جميع الوسائل لإيجاد النبي ومن معه، وحددت قريش مكافأة كبيرة مقدارها مئة ناقة عن كل واحد منهم ، لمن يعيد النبي وصاحبه إن كانا حيين او ميتين.

وعندها طلبت قريش جمعَ الفرسان والمشاة ومن يعرف قصّ الأثر، ونشرهم في كل مكان للبحث عن النبي وصاحبه ، فانتشروا في الجبال والوديان والهضاب، ومع كل هذا البحث الهائل لم يكن بمقدور قريش إيجادُ النبي صلى الله عليه وصلم وصاحبهِ أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ولكن مع استمرار البحث من المطاردين ، وصلوا إلى جبل ثور وتحديداً غار ثور، ولكنَّ قدرةُ اللهِ كبيرةٌ في حمايةِ النبي وصاحبهِ، وكان أبو بكر متخوفاً كثيراً من عثور الفرسان المشركين عليه وعلى النبي ، فقال النبي : ( يا أبا بكر ما ظنُّك باثنين الله ثالثهما).
وقال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: ( إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )…سورة التوبة.
 وحينها عاد المطاردون بمعجزة من الله تعالى بعدما كانوا على مقربة من العثور عليهم.


شارك المقالة: