ماذا يعني التفريق للنزاع والشقاق؟

اقرأ في هذا المقال


النزاع والشقاق:

الأصل في العلاقة الزوجيّة أنّ تكون قائمة على جوّ من التآلف التوادّ والتراحم، بقول الله تعالى:“ومن آياته أنذ خلَقَ لكُم من أنفسكم أزواجّاً لتسكنوا إليها وجعلَ بينكم مودّةً ورحمةً” الروم:21.
فإذا خرج الزوجان عن الأصل المعهود كان ذلك سبباً في وقوع البغضاء والكره والشقاق فيما بينهما إلى حدٍّ يورث العداوة والمشاحنة.
فالذي ينظر إلى عبارات الفقهاء في استعراضهم للشقاق والنزاع بين الزوجين، يرى أنهم يجعلون الخلاف بينهما على ثلاثة أقوال:
– تعدّي الزوج: وهو أن يمنع الحقوق الخاصة بالزوجة الواجبة عليه شرعاً، مثل النفقة، وحسن المعاشرة، والمهر والإقامة في مسكنٍ مستقل خاصٌ بها.
– تعدّي الزوجة: ويُسمّى هذا نشوزاً، وهو معصيتها لزوجها فيما يجب له عليها من حقوق النكاح. واختصاص لفظ النشوز بالزوجة ليس من باب التفريق في المعنى بين التعدّي والنشوز، فكلاهما مخالفاً للحقّ وخارجاً عن الصواب بدليل قول الله تعالى:“وإنّ إمرأةً خافت من بعلها نشوزاً” النساء:128. إلا أنذ الفقهاء استندوا إلى قول الله تعالى:“والآتي تخافون نشوزهنّ” النساء:34.
– تخاصم الطرفين: وهو ما يُسمّى “شقاقاً بينهما” كما في كتاب الله تعالى:”وإنّ خفتم شقّاق بينهما” النساء:35.
وهذا ما يقال له النفور والمجادلة والمخالفة والتعادي القائم من كلا الزوجين.

الشقاق:

الشقّاق: هي عداوةٌ بين فريقين، وخلافٌ بين اثنين، ويُسمّى ذلك شقاقاً، لأنّ كلاً من الفريقين قصدَ شِقّاً أيّ ناحية غير شق صاحبه وشقّ أمره يشقّ شقاً فانشق، أي تفرقَ وتبدد اختلافاً، قاله قاله الزجاج :”وإنّ الظالمين لفي شقّاق بعيد”الحج:53.

نصت المادة”132″ من القانون على أنه إذا ظهر نزاع وشقاق بين الزوجين فيحقُ لكلٍ منهما أن يطلب التفريق إذا ادّعى أضرار الآخر به قولاً أو فعلاً، بحيثُ لا يمكن مع هذه الأضرار استمرار الحياة الزوجية بينهما.

أولاً: إذا كان طلب التفريق من الزوجة، وإثبات أضرار الزوج بها، بذل القاضي جهده في الإصلاح بينهما، فإذا لم يتمكّن من الإصلاح أنذر الزوج من أجل أن يُصلح حاله مع زوجته وتأجيل الدعوى فترةً لا تقلُ عن شهر، فإذا لم يتم الإصلاح بينهما أُحيل أمرهم إلى الحكمين.
ثانياً: إذا كان المدعي هو الزوج وأثبت وجود النزاع والشقاق فعلى القاضي أنّ يبذل جهده في الإصلاح بينهما، فإذا لم يتمكّن القاضي من الإصلاح تؤجّل الدعوى لمدةً لا تقل عن شهر متأملين بالمصالحة، وبعد انتهاء المدة إذا أصرّ على دعواه ولم يتم الصلح أحال القاضي الأمر إلى الحكام.
ثالثاً: يشترط في الحكام أن يكونوا بالغين عاقلين عادلين وقادرين على الإصلاح، وأن يكون أحدهما من أهل الزوجة والآخر من أهل الزوج إن أمكن، وإن لم يتيسر ذلك حكم القاضي لرجلين من ذوي الخبرة والعدالة والقدرة على الإصلاح.
رابعاً: يبحث الحكمان أسباب الخلاف والنزاع بين الزوجين معهما أو مع أحدٍ من أقاربهما أو جيرانهما أو مع أيّ شخص يرى الحكمان فائدة في بحثهما معه، وعليهما أن يدونا تحقيقاتهما بمحضرٍ يوقّع عليه، فإذا رأوا أنه يوجد مكان للتوفيق والإصلاح على طريقة مرضيةٍ فعليهم إقرارها.
خامساً: إذا عجز الحكمان عن الإصلاح بينهما، وتبيّن لهما أنّ الإساءة جميعها من الزوجة فقد قررا التفريق بينهما على العِوض الذي يريانه على أنّ لا يقلُ عن المهر وتوابعه. وإذا كانت الإساءة جميعها من الزوج قرر التفريق بينهما بطلقةٍ بائنة على أنّ للزوجة أنّ تطالبه بكاملِ حقوقها الزوجيّة كما لو طلقها بنفسه.
سادساً: وإذا تبيّن للحكمين أنّ الإساءة صادرة من الزوجين قررا التفريق بينهما على قسمٍ من المهر بنسبة إساءة كلٍ منهما. واذا جهلوا الحال ولم يتمكّنوا من تقدير نسبة الإساءة، قررا التفريق بينهما على العوض الذي يروا أخذ من أيهما.
سابعاً: إذا حُكم على الزوجة بأيّ عِوضٍ، وكانت هي المطالبة بالتفريق فعليها أنّ تؤمّن دفعةً قبل قرار الحكمين بالتفريق ما لم يقبل الزوج بتأجيله، وفي حالة قبول الزوج على التأجيل يقرر الحكمان التفريق على البدل ويحكم القاضي بذلك. أما إن كان الزوج هو الذي طالب بالتفريق وقرر الحكمان أنّ تدفع الزوجة عِوضاً فيحكم القاضي بالتفريق والعِوض وفقاً لقرار الحكمين.
ثامناً: وإذا اختلف الحكمان، حكّم القاضي حكماً غيرهما أو ضمّ إليهما حكماً ثالثاً مرجحاً، وفي هذه الحالة فإنهم يأخذوا بقرار الأغلبية.
تاسعاً: يجب على الحكمين رفعُ القرار إلى القاضي بالنتيجةِ التي توصلوا إليها، وعلى القاضي أنّ يحكم بمقتضاه إذا كان موافقاً لأحكام هذه المادة. كما نصت المادة “133” على أنّ الحكم الصادر بالتفريق يتضمّن الطلاق البائن.


شارك المقالة: