ما هي أعمال آدم عليه السلام؟
من الطبيعي عند نزول آدم عليه السلام أن يقوم ببعض الأعمال التي سوف تؤهلهُ للقيام بتلك المهمة التي من أجلها خلق الإنسان ومن أجلها أنزل على هذه الأرض، ويُقال إن من هذه الأعمال بناء الكعبة وأداء الصلاة والضرب في الأرض.
- بناء الكعبة: وهناك روايتان لبناءِ الكعبة:
الأولى: تقول بأن الكعبة نزلت من السماء، وذلك للخبر الوارد الذي ذكره الطبري وغيره من: أن الله أنزل آدم من الجبل وملّكه الأرض وجميع ما عليها من الجن والدواب والطير وغير ذلك، فشكا إلى الله تعالى وقالَ يارب، أما في هذه الأرض من يُسبحك غيري؟ فقال الله تعالى سأخرجُ من صلبك من يُسبحنى، وسأجعل فيها بيوتاً ترفعُ لذكري، وأجعل، وأجعل فيها بيتاً أختصهُ بكرامتي وأجعله حرماً آمناً، ثم أمره أن يأتي البيت الحرام الذي أهبط له إلى الأرض فيطوف به كما كان يرى الملائكة تطوف حول عرش الله، وأن البيت أُهبط يا قوتُه واحدة أو درة واحدة حتى إذا أغرق الله قوم نوح رفعه وبقي أساسه فبوأ الله عزّ وجل لإبراهيم فبناه.
الثانية: تقول إن آدم هو الذي بني الكعبة وذلك للخبر الوارد عن ابن عباس، أن الله أوحي إلى آدم أن لي حرماً بحيال عرشي فانطلق فابن لي بيتاً، ثم حفّ به كما رأيت ملائكتي يحفون بعرشي، فهناك استجبت لك ولولدك من كان منهم في طاعتي، فقال آدم أي رب فكيف لي بذلك لست أقوى عليه ولا أهتدي له، فقيض الله له مُلكاً فانطلق به نحو مكة، فكان آدم إذا مرّ بروضة ومكان يُعجبه قال للملك إنزل بنا ها هنا، فيقول له الملك مكانك حتى قدم مكة، فكان كل مكان نزل به صار عمراناً وكل مكان تعداه صار مفارز وقفاراً، فبنى البيت من خمسة أجبل من طور سيناء وطور زيتون ولُبنان والجودي، وبنى قواعده من حراء فلما فرغ من بنائه خرج به الملك إلى عرفات فأراه المناسك كلها التي تَفعلها الناس اليوم، ثم قدم به مكة فطاف بالبيت أسبوعاً، ثم رجع إلى أرض الهند فمات على نود.
أما الحجر الأسود، فقد أنزله آدم من الجنة، وكان أشدُ بياضاً من الثلج، ثم وضع الحجر الأسود في مكانه، وكان الرجال والنساء يتمسحون به في الجاهلية فأسودٌ لونه وسُمي فيما بعد بالحجر الأسود. وقد ذكر الديار بكري في تاريخه: أن الحجر الأسود هو في الأصل من جواهر الجنة قصده آدم حين نزل فأخذه وتمسك به فصار حجراً وهبط معه وصار من أركان الكعبة.
وذكر الطبري عن ابن عباس قال: أنزل آدم معه حين أهبط من الجنة الحجر الأسود وكان أشدُ بياضاً من الثلج، وفي رواية عن مجاهد قال: ونحن جلوس في المسجد هل ترى هذا قلت يا أبا الحجاج الحجر قال: كذلك تقول، قًلت: أوليس حجر قال: فوالله لحدثَني عبد الله بن عباس أنها ياقوتُه بيضاء، خرج بها آدم من الجنة، فقلت: يا أبا الحجاج فمن أي شيء إسودّ، قال: كان الحيض يلمسنهُ في الجاهلية.
إذن فقد كان بناء المسجد أول عمل قام به آدم وطافَ به، ووضع الحجر في مكانه، لما له من أهمية قصوى في بناء الأمة، لذلك كان بناء المسجد أول عمل قام به آدم عليه السلام، فهو أول ركيزة في بناء المجتمع وهو مكان اللقاء والاجتماع الذي تتلاقى فيه القلوب وتتصافى، وتتساقط فيه فوارق المال والجاه، وتسمو فيه روابط الأخوة والتآلف والتآخي.
إن بناء المساجد اليوم هو أحد شعائر الأمة المسلمة ومن أهم الروابط التي تربط المجتمع بعضه ببعض، لذلك كله لم يغفل نبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام عن أهمية المسجد ودوره، فكان أول عمل قام به عند وصوله للمدينة المنورة هو تأسيس المسجد الذي انصهر فيه المسلمون في بوتقةٍ واحدة راسخة متماسكة تجلت وسمت فيها روح الأخوة والعدل والمساواة بين المسلمين، فكانوا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر، وهذا هو دور المسجد قديماً وكلنا أمل أن يؤدي المسجد في وقتنا الحاضر إلى تجميع شتات المسلمين لينهضوا وينفضُوا الغبار عنهم، ويَرفعوا الراية التي طال خفقانها، لترتفع فوق عنان السماء ويصدحُ الآذان ويعلو التكبير والتهليل، يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً. - أوقات الصلاة:
عندما تم بناء الكعبة وجاء موعد الصلاة اشتبهت على آدم أوقات الصلاة، فلم يعرف أقاتِها فشكا إلى جبريل عليه السلام، فجاء جبريل بديك أبيض من الجنة يصبح كلما حان وقت الصلاة فيقوم آدم ويؤدي شعيرة الصلاة. قال وهب: لما قَبل الله توبة آدم قال: يارب شُغلت بطلب الرزق والمعيشة عن التسبيح والعبادة ولستُ أعرف مقدار ساعات التسبيح من أيام الدنيا، فأهَبطَ الله عليه ديكاً وأسمعه صوت الملائكةِ.ثم تطورت معرفة الأوقات من زمنٍ إلى زمن، حتى وقتنا الحاضر عصر التقنية والتطور عصرِ الساعات الرقمية والإلكترونية، بحيث تحسب الأوقات في دقة تامة وسرعة مذهلة، فأراحتِ الإنسان من عناءٍ كبير لمعرفة أوقات الصلاة، فالحمد لله رب العالمين. - الضرب في الأرض:
لقد سعى آدم في هذه الأرض وأخذ يعمل بها ويزرع ويحرث، وأخذ يصنع لهذه الحرف أنواعاً من الأدوات كي تُسهل عليه العمل، فأخذ آم يضرب في الأرض بحثاً عن المواد الخام، من أجل أن يستخدمها في صناعة أدوات الحراثة والسقاية وغيرها.
لقد ذكر الثعلبي عن كعب قال: أول ما ضّرب الدينار والدرهم آدم، وقال لا تصلح المعيشة إلا بهما، وقال كذلك لما أهبط الله تعالى آدم فأخرج معه من الجنة قطعة من ذهب، فلذلك يبقى الذهب لا يُبلى بالثرى ولا يصدأ من الندى ولا تُنقصهُ الأرض ولا تأكله النار؛ لأنه من الجنة حُمل.
واستطاع آدم عليه السلام من هذه المعادن وغيرها أن يصنع لنفسه أدوات، يكسر بها الأشجار مثل المطرقة والمدية، فقد ذكر الطبري وابن سعد أنه لما أزل الله إلى آدم الحديد نظر إلى قضيبٍ من حديد نابت عن الجبل، فقال هذا من هذا فجعل يكسر أشجاراً قد عتقت ويَبست فأوقد على ذلك الحديد حتى ذاب، وكان أول شيء ضربه مدية فكان يعمل بها.
وهكذا استطاع آدم أن يُسخر الحديد والذهب والفضة والذهب في صناعة أدوات الحراثة والسقاية وقطع الأشجار لتدبير شؤون الحياة التي لا يستطيع الإنسان أن يعيش بدونها، وتطورت أدوات السقاية والحراثة من وقت لآخر حتى وصلت إلى عصر الآلات الزراعية التي تحرث عشرات الآلاف استطاعوا أن يسقوا آلاف الأفدنةِ في زمنٍ يسير، هكذا سُخر لهذا الإنسان من وقت لآخر ما يقوم بأعباء الحياة من مأكل وملبس ومشرب، كي يستطيع أن يقوم بأعباء الخلافة الراشدة التي من أجلها خُلق الإنسان.