اقرأ في هذا المقال
قصة ماء زمزم:
قصة إبراهيم عليه السلام وزوجته سارّة والخادمة التي أعطاها له ملك مصر الطاغية الذي كان يأمر جنوده بأن كل امرأة جميلة تدخل إلى هذه البلاد بأن يجلبوها له. وعندما جاءوا فيها للملك وأراد أن يقترب منها كانت تدعو ربها بأن لا يمسها فكان يُشلّ جسده كله وعندما أمر جنوده بإطلاق سراحها أمرهم بأن يعطوا سارّة زوجة إبراهيم عليه السلام خادمة من عنده من القصر واسمها هاجر، فلما رجعت سارّة لعند إبراهيم عليه السلام سألها من هذه، فأجبته إنها خادمة أعطاها لي الملك عندي خروجي من قصره، ومن هنا بدأت رحلة إبراهيم عليه السلام مع زوجته والخادمة التي مُنحت لها من قبل الملك الظالم.
ماء زمزم وهاجر عليها السلام:
مرحلة جديدة من حياة النبي إبراهيم عليه السلام مع زوجته سارّة وهاجر، فقد رجعوا مرةً أخرى إلى فلسطين ولما رأت سارّة أن إبراهيم الخليل مضى به العمر وكبر في السن ولم ينجب الولد قامت سارّة بإعطائه هاجر وقالت له: تزوجها لعل الله يرزقك منها بأولاد فتزوجها وأنجب منها أول ولد لإبراهيم الخليل وسماه إسماعيل عليه السلام، فلما فرح بإبنه من هاجر غارت منه زوجته سارّه وأرادت أن يبتعد هو وهاجر عنها، فأذن الله لإبراهيم عليه السلام بأن سافر أنت وزجك وابنك إلى أرضٍ قاحلة وعلى وادٍ غير ذي زرع لا ماء فيها ولا بشر.
فأي أرض هذه التي لا يوجد فيها الماء والزرع، إنها مكة المكرمة، فقام إبراهيم بوضع هاجر وابنها الصغير عليه السلام ولم يبقي معها سوى قليل من الماء والتمر وتركهما خلفه، فقالت هاجر: يا إبراهيم لمن ستدعنا من خلفك وهو لا يعتبر لكلامها ولا يرد عليها، فنادت عليه وقالت له يا إبراهيم هل أمرك الله بهذا، فالتفت عليها وقال لها: نعم، لقد أمرني ربي فقال تعالى: “وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ” التوبة:51.
ترك إبراهيم عليه السلام هاجر وابنه إسماعيل عليهما السلام:
فعندما علمت هاجر بأن الله تعالى أمره بهذا، قالت له: اذهب فلن يُضيعنا الله وتركهما إبراهيم بالأرض القاحلة بين جبالٍ ووادٍ لا زرع فيه ولا ماء، فعندما وصل إبراهيم عليه السلام إلى قمة جبل رفع يديه للسماء وأخذ يدعو لهما: “رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ” إبراهيم:37.
وبقيت هاجر وابنها الرضيع في الأرض القاحلة الميتة، فنفذ منها الماء والطعام وصار ولدها يبكي ويصيح من الجوع وهاجر عليها السلام تقول لنفسها ماذا سأفعل، ولكن تعلم في نفسها أن الله لن يتركها وظلت تنتظر ولم ينجدها أحد، فصارت تصعد إلى أرضٍ مرتفعة تسمى “الصفا” ثم صارت تركض إلى منطقة أخرى تسمى “المروة” وأخذت تركض وتسعى بين منطقة الصفا والمروة وتنادي هل من مغيث هل من مجيب وقامت بسبعة أشواطٍ حتى انتهت بمنطقة المروة.
فلما انتهت في تلك المنطقة سمعت صوتًا عند ولدها وإذ بظل رجلٍ عند ابنها إسماعيل عليه السلام الذي لا يزال يبكي من شدة الجوع والعطش، فركضت السيدة هاجر على ابنها لكي تنقذه وإذ هو بجبريل عليه السلام قد نزل إليها، وإذا به يضرب الأرض بجناحه وإذا بالأرض تنبع ماءً، فأي ماءٍ هذا الذي خرج إنه خير ماءٍ على وجه الأرض إنه ماء زمزم وهو أطهر ماء على وجه الأرض، فلما ظهر شيءٌ من الماء أسرعت أم إسماعيل إلى هذا الماء وتأخذ منه وتسقي ولدها وشربت هي شيئًا منه، ثم قال لها جبريل عليه السلام: لمن ترككما إبراهيم، فردت لقد تركنا لله عز وجل، فقال جبريل: إذن فلن يُضيعكم الله ثم قال لها جبريل: في هذا المكان سيكون بيت الله الحرام وسيبنيه هذا الغلام وأبوه.
ثم عاشت هاجر وإسماعيل في هذا الوادي ورزقها الله بعد ذلك الثمرات والخيرات، فمرت قافلة من الجنوب من قبيلة جرهم من العرب، ورأت طيرًا يحوم في هذا المكان فجاءت ورأت الماء والخيرات واستأذنت أم إسماعيل أن يجلسوا معها في هذا الوادي فأذنت لهم أم إسماعيل وعاش العرب في تلك البقعة الطاهرة المباركة.
لقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه بزيادة عن ماء زمزم أنه قال: “إِنْ شَرِبْتَهُ تَسْتَشْفِي بِهِ شَفَاكَ اللهُ، وَإِنْ شَرِبْتَهُ لِشِبَعِكَ أَشْبَعَكَ اللهُ بِهِ، وَإِنْ شَرِبْتَهُ لِيَقْطَعَ ظَمَأَكَ قَطَعَهُ اللهُ، وَهِيَ هَزَمَةُ جِبْرِيلَ ضربها برجله فنبع الماء وَسُقْيَا اللهِ إِسْمَاعِيلَ”.
وهناك حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ” فهو ماء مبارك في أرض مباركة خرج على يد جبريل عليه السلام حتى ينقذ هاجر وابنها إسماعيل بأمر من الله تعالى بعد أن تركهما إبراهيم عليه السلام.