اقرأ في هذا المقال
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود). متفق عليه.
من علامات الساعة “قتال اليهود”
إن من علامات الساعة الصغرى التي ستظهر في آخر الزمان هي قتال المسلمين لليهود، وذلك أن اليهود يكونون من جند الدجّال، فيُقاتلهم المُسلمون الذين هم جندُ عيسى عليه السلام، حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهوديٌّ ورائي، تعال فاقتله.
وقد قاتل المسلمون اليهود من زمن النبي عليه الصلاة والسلام، وانتصروا عليهم، وأجلوهُم من جزيرة العرب؛ امتثالاً لقول النبي عليه الصلاة والسلام:” لأخرجنّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب، حتى لا أدع إلا مسلماً”. صحيح مسلم.
ولكن هذا القتال ليس هو القتال الذي هو من أشراط الساعة، وجاءت به الأحاديث الصحيحة؛ فإن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر بأن المسلمين سيُقاتلونهم إذا خرج الدّجّال، ونزول عيسى عليه السلام.
حديث عن اليهود آخر الزمان:
وروى الإمام أحمد عن سَمرة بن جندب رضي الله عنه جديثاً طويلاً في خطبة النبي عليه الصلاة والسلام يوم كسفت الشمس، وفيه أنه ذكر الدّجّال، فقال، وإنه يحصر المؤمنين في بيت المقدس، فيُزلزلون زلزالاً شديداً، ثم يهلكه الله تبارك وتعالى وجنوده حتى أن جذم الحائط، أو قال: أصل الحائط وقال حسن الأشيب: وأصل الشجرة، لينادي، أو قال: يقول يا مؤمن، أو قال يا مسلم، هذا يهوديٌ، أو قال: هذا كافرٌ، تعال فاقتلهُ، قال: ولن يكون ذلك كذلك حتى تروا أموراً يتفاقم شأنها في أنفسكم، وتسألون بينكم: هل كان نبيّكم ذكر لكم منها ذكراً” مسند الإمام أحمد.
وروى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم! يا عبد الله هذا يهوديٌ خلفي، فتعال، فاقتله، إلا الغرقد؛ فإنه من شجر اليهود” وهذا لفظ مسلم.
فإن الذي يظهر لنا من هذا الحديث أن كلام الحجر والشجر وغير ذلك حقيقة؛ وذلك لأن حدوث تكلّم الجمادات ثابتٌ في غير أحاديث قتال اليهود، وقد سبق أن أفردتُ لهذا مبحثاً خاصّاً؛ لأنه من علامات الساعة. وإذا كانت الجمادات تتكلّم في ذلك الوقت، فلا داعي لحمل كلام الشجر والحجر على المجاز، كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء؛ فإنه ليس هناك دليلٌ يوجبُ حمل اللفظ على خلاف حقيقته، ونطقُ الجماد قد ورد في آيات من القرآن: ومنها قول الله تعالى: “قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ“الصف:21. وقوله أيضاً: “وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ” الإسراء:44.
وجاء في الحديث عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فكان أكثر خطبته عن الدّجال، وحذرناهُ، فذكر خروجه، ثم نزول عيسى عليه السلام لقتله، وفي ذلك قال عيسى عليه السلام: افتحوا الباب، فيُفتحُ، ووراءه الدّجال، معه سبعون ألف يهوديّ، كلهم ذو سيفٍ محلّى وساجٍ، فإذا نظر إليه الدّجال، ذاب كما يذوب الملح في الماء، وينطلقُ هارباً، ويقول عيسى عليه السلام: إنّ لي فيك ضربةً لن تسبقني بها، فيذكره عند باب اللدّ الشرقي، فيقتله، فيهزم الله اليهود، فلا يبقى شيءٍ مما خلق الله يتوارى به يهوديّ إلا أنطق الله ذلك الشيء لا حجر، ولا شجر، ولا حائط، ولا دابّة؛ إلا الغرقد من الجمادات بكونها لا تُخبر عن اليهود؛ لأنها من شجرهم، يدل على أنه نطقٌ حقيقي، ولو كان المراد بِنطق الجمادات المجاز، لما كان لهذا الاستثناء معنى.
انتصار المسلمين على اليهود من علامات الساعة:
ولو حملنا كلام الجمادات على المجاز، لم يكن ذلك بالأمر الخارق في قتال اليهود في آخر الزمان، وكانت هزيمتهم أمام المسلمين كهزيمة غيرهم من الكفار الذين قاتلهم المسلمون وظهروا عليهم، ولم يرد في قتالهم مثل ما ورد في قتال اليهود من الدلالة على المختبئُ بنطقِ الجمادات، فإذا لاحظنا أن الحديث في أمرٍ مستغرب يكون آخر الزمان هو من علامات الساعة، دلّ ذلك على أن النّطق في قتال اليهود حقيقيٌّ، وليس مجازاً عن انكشافهم أمام المسلمين، وعدم قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم؛ كما قيل.
ومن صفات اليهود: أنهم أعداء الله، وأنهم قتلةُ الأنبياء في القرآن الكريم، ومنها الجِدال والتحايل، ومن طبيعتهم أيضاً أنهم ماديون وحريصين على الحياة، وأنهم أنانيون ويحتقرون الغير، ولديهم نزعةً عنصريةً لشخصيتهم، ونقض العهود والمواثيق، وكرههم الشديد للمسلمين، ويتَصفونَ بصفة الكذب والارتجاف والتحريف والتطاول على ذات الله ومن صفاتهم أيضاً إفسادهم في الأرض. فقال تعالى:” وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَٰؤُلَاءِ أَهْدَىٰ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا–أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ ۖ وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا“النساء:50-51.