دعاء الاستفتاح

اقرأ في هذا المقال


يُعدُّ الدُعاء بمثابة التوجه إلى الله تبارك وتعالى، وهذا من خلال الدُعاء الذي يُعد من أحبّ العبادات إليه تعالى؛ وهذا تبعاً لما فيه من إظهار ذلك الخضوع وكذلك الخشوع إلى جانب الالتجاء إليه وحده سبحانه وتعالى، كما وأنَّ للدعاء المواضع المختلفة ومنها ما هو عام الذي يتناسب مع كل الأزمنة والأمكنة، ومنها ما هو محدود، ومن بين الأدعية المحددة أو المحدودة هو دعاء الاستفتاح وهذا في الصلاة سواء كانت فرض أم نافلة وهذا ما ورد عن سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وهذا فيكتب الحديث الصحيحة، وسوف نتناول الحديث عن دعاء الاستفتاح.

ما هو دعاء الاستفتاح

ثبت عن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ذلك الدُعاء الذي كان يقرأه مستفتحاً الصلاة، وهذا بالعديد من الصيغ والألفاظ وكذلك بالعديد من الروايات ومن بينها على النحو الآتي:

  • كان سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام يسكن وهذا ما بين التكبير وما بين قراءة سورة الفاتحة، حيث أنَّ أحد الصحابة سأل سيدنا محمد عليه السلام فقال له: أحسبه قال هُنيّة، فقال: بأبي وأمي يا رسول الله، إسكاتك بين التكبير والقراءة، ما تقول؟؛ أي أنَّ يسألها عن سبب سكوته ما بين تكبيرة للصلاة وبين قراءته لسورة الفاتحة حينها، فقال له النبي الكريم: “أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي، كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد“. وهذه هي الصيغة الأولى لقراءة دعاء الاستفتاح.
  • وأمَّا عن الصيغة الثانية لقراءة دعاء الاستفتاح، إذا قام سيدنا محمد إلى الصلاة كان يقول مستفتحاً لها: “وجَّهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إنَّ صلاتي ونُسكي ومحياي ومماتي لله ربِّ العالمين لا شريك له وبذلك أُمرتُ وأنا من المسلمين، اللهم أنتَّ الملك لا إله إلّا أنت، أنتَ ربَّي وأنا عبدك ظلمتُ نفسي واعتفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً إنَّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلّا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلّا أنت، لبيك! وسعديك! والخير كله بيديك، والشرُّ ليس إليك، أنا بِكَ وإليك، تباركت وتعاليت، استغفرك وأتوب إليك“.
  • وبالنسبة للصيغة الثالثة التي وردت عن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أنَّه إذا جاء يستفتح الصلاة قال: “سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمُك وتعالى جدُك، ولا إله غيرك“.
  • وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنَّه قال بمعنى الرواية أنَّه سأل السيدة عائشة زوجة النبي الكريم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بأيِّ شيء كان النبي يستفتح صلاته إذا قام الليل، حيث أنَّها قالت أنَّه إذا كان يقوم الليل يقوم باستفتاح صلاته ب: “اللهم ربِّ جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنتَّ تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنَّك أنتَ تهدي من تشاء إلى صراطٍ مستقيم“. وهذه هي الصيغة الرابعة التي وردت عن سيدنا محمد عليه السلام.

ولكل صيغة من الصيغة الأربعة السابقة معنى محدد لها وهي على النحو الآتي:

  • الصيغة الأولى ومعناها هو أن يطلب العبد من الله تعالى أن يُباعد ما بينه وبين ذنوبه وكذلك السلامة منها، إلى جانب أن يُنقيه من أثر تلك الذنوب على نفسه وكذلك على روحه وهذا كما باعد من بين الشرق والغرب، وهذا حتى تكون توبته هذه خالصة إلى الله تبارك وتعالى ولوجهه، وهذا كما الثوب الأبيض النقي والخالي من كافة أنواع الشوائب أو حتى الأوساخ.
  • وأمَّا بالنسبة للصيغة الثانية فكان معناها هو إقرار العبد وكذلك اعترافه وهذا من خلال التوجه الكامل إلى الله تبارك وتعالى الذي يعتبر فاطر السموات والأرض، إلى جانب أن يُعلن العبودية لله وحده لا شريك له، وكذلك أن يصرِّف كافة أشكال العبادات من الصلاة وتأدية النُسك كذلك، وأنَّه تبارك وتعالى هو القادر على الإماتة وعلى الإحياء أيضاً، والاعتراف بارتكاب الذنوب، وأخيراً أن يطلب الهداية وكذلك الغُفران منه تعالى.
  • والصيغة الثالثة تحمل في معناها تنزيه الله تبارك وتعالى وهذا عن كافة أشكال العيوب والنقص وهذا في كل من الصفات، الأسماء الأفعال، الأقوال، إلى جانب الثناء على الله سبحانه وتعالى وهذا ببلوغ البركة إلى منتهاها، وتمجيد عظمة الله سبحانه وتعالى، وكذلك بأنَّه لا يوجد في هذا العالم من يستق العبادة إلّا الله وحده لا شريك له.
  • والصيغة الرابعة والأخيرة تُعني توسل العبد لله تبارك وتعالى وهذا من خلال أنَّه هو ربِّ الملائكة جميعاً، المقربين منه، ألا وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل عليهم السلام، ومن ثم الثناء على الله سبحانه وهذا بأنَّه هو عالم كل من الغيب إلى جانب العلن، وأنَّه تعالى هو الذي خلق السموات والأرض وهذا طلباً للهداية.

متى يمكن للمسلم أن يقرأ دعاء الاستفتاح

يُقال دعاء الاستفتاح ما بين تكبيرة الاحرام وما بين قراءة الفاتحة، كما وأنَّه ثبت عن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أن يقول تلك الأدعية في الصلاة سواء كانت نافلة أم فرض كما ذكرنا آنفاً.

حيث كان النبي يقول دعاء الاستفتاح عند قيامه لليل، وعند تهجده، حيث كان يقول عليه السلام: “اللَّهمَّ لَكَ الحمدُ أنتَ نورُ السَّمواتِ والأرضِ ومن فيهنَّ ولَكَ الحمدُ أنتَ قيَّامُ السَّمواتِ والأرضِ ومن فيهنَّ ولَكَ الحمدُ أنتَ مالِكُ السَّمواتِ والأرضِ ومن فيهنَّ ولَكَ الحمدُ أنتَ الحقُّ ووعدُكَ حقٌّ وقولُكَ حقٌّ ولقاؤُكَ حقٌّ والجنَّةُ حقٌّ والنَّارُ حقٌّ والسَّاعةُ حقٌّ والنَّبيُّونَ حقٌّ ومحمَّدٌ حقٌّ اللَّهمَّ لَكَ أسلمتُ وبِكَ آمنتُ وعليْكَ توَكَّلتُ وإليْكَ أنبتُ وبِكَ خاصمتُ وإليْكَ حاكمتُ فاغفر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ وما أسررتُ وما أعلنتُ أنتَ المقدِّمُ وأنتَ المؤخِّرُ لا إلَهَ إلَّا أنتَ ولا إلَهَ غيرُكَ ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بِكَ“.

كما وكان النبي الكريم صلوات الله عليه يكبِّر عشراً ويحمد عشراً ويُسبِّح عشراً ويُهلل عشراً ويستغفر عشراً، وكان يقول: “اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني وأعوذ بالله من ضيق المقالم يوم القيامة“.

المصدر: أدعية وأذكار: سلسلة العلوم الإسلامية، دار المنهل ناشرون وموزعون. كتاب الرقية الشرعية من الكتاب والسنة النبوية، محمد بن يوسف الجوراني، 2006. المأثورات، حسن البنا، 2018. فقه الأدعية والأذكار: عبدالرازق بن عبد المحسن، 1999.


شارك المقالة: