كيف يكون قانون العمل فرع من فروع القانون العام؟

اقرأ في هذا المقال


هل يعتبر قانون العمل فرع من فروع القانون العام؟

يعترف مؤيدو هذا الاتجاه بأن التطور التاريخي لقانون العمل، يستدعي القول بأنه فرع يتفرع من القانون الخاص ولا علاقة له بالقانون العام؛ لأنه يعمل على تنظيم العلاقات بين الأفراد العمال وأصحاب الأعمال. ويستند مؤيدو هذا الرأي إلى حقيقة أن معيار التفريق بين القانون الخاص والقانون العام يتناسب مع طبيعة المصالح التي تحميها القاعدة القانونية، وتحقيق المصلحة العامة فيدخلونها في مجال القانون العام.

وأدى تطور قانون العمل إلى اختراق أحكام القانون العام مع زيادة أحكامه وأنظمته؛ نتيجةً لتدخل الدول المتزايدة في شؤون العمل، خاصةً بعد تراجع الرأسمالية الحرة وولادة الرأسمالية المقيدة، وأدى ذلك إلى استبداد القواعد التشريعية في قانون العمل واتساع محتواه.

وأدى ذلك إلى انفصال قانون العمل عن القانون المدني ليصبح فرعًا يتفرع من القانون العام؛ لأن القانون الخاص على اعتبار   أنه قانون لا يهدف إلى الحرية وقوة الإرادة، في حين أن القانون العام هو قانون الحرية والاختيار وقوة الإرادة أنه قانون القيادة والسيطرة، ومن وجهة النظر هذه، فقد تم تجاهل المعايير الأساسية للتمييز بين القانون العام والقانون الخاص، وهي إما أن يكون أحد طرفي العلاقة شخصًا عامًا، أو أن الدولة هي موضوع قواعد قانونية التي تنتمي إلى طائفة القانون العام.

وبما أن قانون العمل لا ينظم عمل السلطة العامة، والعقود الخاضعة لأحكامه ولا تُبرم بين أطراف العقد، بما في ذلك السلطة العامة، بل بين أفراد العمل (العامل وصاحب العمل)؛ لذلك لا يُنظر في قانون العمل، حتى لو كانت بعض قواعده تأمر به؛ لأن الهدف منه هو تطبيق المعايير المحددة في قانون العمل.

أما المعيار الذي يتبناه أنصار هذا الاتجاه، وهو طبيعة المصلحة التي يهدف إليها القانون، سواء كانت مصلحة خاصة أو عامة، فيؤخذ أن القانون في فروعه المختلفة تهدف إلى تحقيق كل من المصالح الخاصة في نفس الوقت، وأن البحث عن المصلحة المهيمنة هو أمر تعسفي يُخشى من عواقبه، مثال على ذلك هو قانون إيجار العقارات، وهو قانون قطعي يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، المتمثلة في حل أزمة السكن ويحمي مصلحة الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية وهو المستأجر فيها.

ومع ذلك، فإن عقد الإيجار هو عقد قانون خاص؛ لذلك فإن هذا المعيار غير دقيق؛ لأنه يؤدي إلى الخلط بين القانونين العام والخاص وعدم وضوح الحدود بينهما. وتحكم قواعد قانون العمل أساسًا علاقات العمل القائمة بين العمال وأصحاب الأعمال، وهذه العلاقات خاصة بطبيعتها ولا علاقة لها بتنظيم السلطة العامة أو سيادة الدولة، ونتيجةً لذلك، اتجهت الأنظار إلى اعتبار قانون العمل قانونًا خاصًا.


شارك المقالة: