نشأت أحكام القانون الإداري واستقرت في فرنسا، ثم انتقلت من هناك إلى بلدان أخرى، لذلك ليس من المستغرب أن تبدأ الدراسات التي تتناول أصل القانون الإداري من أصوله الفرنسية، مما يجعل من المناسب والملائم البدء بأخذ نظرة سريعة على تأسيس القانون الإداري هناك.
مدلول القانون الإداري
يرجع ذلك إلى خصوصية قواعد القانون الإداري، والتي تحدد العلاقة بين الإدارة كسلطة عامة والأفراد أو الإدارات، وغني عن البيان أن الإدارة العامة كموضوع ومكان للقانون الإداري بدلالاتها العضوية والوظيفية تبدأ من المصالح العامة وتنتهي بها، بينما يبدأ الأفراد من مصالحهم الخاصة وينتهون بمصالحهم الخاصة، وفي حالة التعارض بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، تتفوق المصلحة العامة.
أما المعنى الواسع للقانون الإداري فهو ينطلق من مبدأ الوحدة القضائية، فهو لا يعترف بوجود مؤسسات قضائية إدارية متخصصة في معالجة المنازعات، وبدلاً من ذلك تنظر المؤسسات القضائية العادية في مختلف المنازعات بموجب هذا النظام القضائي، يظهر في الدولة سواء كانت إدارية أو عادية.
والمملكة المتحدة هي مهد هذا النظام القضائي الموحد، مما يدفع الفقه للقول: ليس لدى المملكة المتحدة قانون إداري بالمعنى الضيق، ولكن يوجد قانون إداري بالمعنى الواسع، بشرط أن يكون لهذه الدوائر دوائر وأنشطة. ولا توجد هيئة قضائية مخصصة للنزاعات الإدارية في المملكة المتحدة ويستند النظام القضائي للبلاد إلى القانون العام أو مبادئ القانون العام والتي أدى تطبيقها إلى ما يسمى بنظام السوابق القضائية، وقسم علماء القانون القانون منذ فترة طويلة إلى قسمين رئيسيين: القانون الخارجي والقانون الداخلي.
- الأول: يركز على العلاقات القائمة بين الدول والدول الأخرى، ومثال على ذلك القانون الدولي العام.
- أما الشق الثاني فيتناول مجموعة القوانين الخاصة بكل دولة.
وفي المقابل ينقسم القانون المحلي إلى فرعين رئيسيين: القانون العام والقانون الخاص. وأما بشكل عام فهو يقوم على وجود الدولة كطرف في صاحب السلطة العامة، مثل الدستور والقانون الإداري والقانون المالي والقانون الجنائي، إذا انتقلنا إلى القانون الخاص، فإنه ينظم القانون الطبيعي، والأشخاص الاعتباريون الخاصون بين أي من هؤلاء الأشخاص والأمم، بشرط ألا تكون طرفًا ذا سيادة وقوي ولكن كشخص عادي.
ومن هذا يمكننا أن نستنتج أن القانون العام يسعى إلى أن يكون من القواعد القانونية التي تنظم العلاقة التي تكون فيها الدولة (أو الحكومة) طرفًا واحدًا بصفتها صاحب السلطة العامة في الدولة، بينما تشير قواعد القانون الخاص إلى تنظيم الأشخاص مجموعة من القواعد التشريعية للعلاقات مع الناس. وكيان قانوني خاص أو دولة (إداري) إذا كان يعمل كشخص عادي وليس كمالك ذي سيادة وموثوق.
ومن هذا التقسيم يمكننا أن نرى بوضوح أن القانون الإداري هو قسم من أقسام القانون العام الداخلي، حيث أن قواعده وضعت أساسًا لتنظيم إدارة الدولة وتحديد أنشطتها ومجالات عملها وأساليب الرقابة، ويتمتع القانون الإداري بخصائص معينة تجعله مختلفًا عن فروع القانون الأخرى، حيث أن مصادر أحكامه ومبادئه العامة يختلف اختلافًا طفيفًا عن المصادر القانونية التقليدية.
المعنى الواسع للقانون الإداري
بمعنى أنه حيثما توجد مجموعة منظمة من البشر يوجد قانون إداري. إذا كان القانون الإداري يعكس تشكيل الأجهزة الإدارية للدولة، ويحدد قواعد إدارتها وقواعد توضيح العلاقة مع الأفراد، فهذا يتطلب أن تكون موجودة في كل مجموعة سياسية منظمة، بغض النظر عن الشكل السياسي للبلد وما إذا كانت المجموعة تستخدم نظامًا قضائيًا موحدًا أو نظامًا قضائيًا مزدوجًا.
ويتوافق هذا الرأي مع الأحكام الدستورية التي تشير إلى عناصر الوجود المشروع للدولة من مطالبة مجموعة من الناس بالموافقة على العيش معًا على قطعة أرض معينة قبل الحكومة لرعاية مصالحهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبالتالي عدم وجود سلطة تنفيذية (حكومة) تنكر الجماعة مكانة الدولة، ووجودها يتطلب وجود قوانين يمكن أن تنظم تلك السلطة وتحديد اختصاصها.
وبالتالي في كل مجموعة منظمة، أي في حالة قانونية، بغض النظر عن شكل ونوع الحكم، حتى لو كنا أمام نظام، فمن الضروري أن يكون لدينا قانون إداري بمعنى واسع، ولا تتمتع السلطة التنفيذية بقواعد التنظيم العام ومراقبة الأنشطة.
المعنى الضيق في القانون الإداري
عندما نكتشف أن القواعد القانونية التي تحكم النشاط الإداري تختلف عن تلك التي تتناول النشاط الخاص، نجد أنفسنا أمام ما يسمى بالمعنى الضيق للقانون الإداري.
ويعود مؤدّى القانون الإداري إلى جانبين الجانب الضيق والجانب الواسع، حيث لا يصلح المعنى الضيق للقانون الإداري إلا إذا تم استيفاء شرطين:
- أولاً: أن تكون هناك مؤسسة إدارية وقضائية تختص بمعالجة المنازعات الإدارية.
- ثانياً: القواعد القانونية المحددة التي يطبقها هذا القضاء على إدارة المنازعات وهي قواعد القانون الإداري، تختلف عن قواعد القانون الخاص المطبقة على العلاقات الشخصية.
وفي الخاتمة يتم تعريف هذا القانون على أنه مجموعة القواعد التشريعية التي تنظم النشاط الإداري في الدولة، وتختلف في طبيعتها عن القواعد الشرعية العامة التي تحكم النشاط الخاص، وهذا يتطلب وجود إداري مستقل يعمل مع النظام القانوني.