أبو الطيب المتنبي

اقرأ في هذا المقال


من هو المتنبي؟

هو من أكثر شعراء العرب شهرةً وأعظمهم، وهو من الشعراء الذين اكتسبوا أهميةً تجاوزت زمانهم ومكانهم، حيث أنّه لم يكن مجرد شاعر يمتلك الفصاحة والبلاغة بل كان شخضيةً شجاعة متميزة يعتز بنفسه.

المتنبي: أحمد بن الحسين الجعفي الكندي ولد في الكوفة سنة (303_354هــ)، نُسب الى قبيلةكندة؛ لأنه ولد فيها، نشأ محباً للعلم والأدب؛ حيث ظهر ذلك من خلال مرافقته للعلماء والأدباء في مجالسهم.

كان أبو الطيب المتنبي يتميز بالذكاء وقوة الحفظ واجتهاده، كما أنّه أظهر موهبته الشعرية مبكراً؛ وذكراً نظراً لكونه كان متأثر بقصائد الشعراء القدماء والشعراء المعاصرين له.

عاش المتنبي أفضل أيامه في بلاط سيف الدولة الحمداني، وكان المتنبي من أعظم الشعراء العرب وأكثرهم فصاحةً وبلاغةً، كما أنّه كان عالم باللغة العربية وقواعدها، هذا وقد عُرف عنه أنّه كان شاعراً حكيماً ظهر ذلك من خلال كتاباته في شعر الهجاء، المديح، الرثاء وغيرها في الحكام والسلاطين، حتى أنّه بدأ كتابة الشعر في وهو في عمر التاسعة.

سبب تسمية المتنبي بهذا الاسم:

كان أبو الطيب المتنبي شاعراً يفتخر بنفسه، حيث أطلق عليه الكثير لقب الغرور لدرجة أنّه ادعى النبوة في صحراء الشام حتى أنّ كثير منن الناس اتبعوه، ولكن عندما سمع سلطان الدولة حمض بذلك قام بأعتقاله، وبقي المتنبي معتقلاً الى أن تاب وبعد ذلك أطلق سراحهُ ومن هنا لقب بالمتنبي.

بيئة المتنبي:

عاش المتنبي فترة تفكك الدولة العباسية، حتى أنّ شعره كان صورةً صادقة لعصره؛ نظراً لكونه كان يتحدث عما كان في زمانه من ثوراتٍ واضطرابات، إلى جانب ذلك فقد كان شعره يمثل حياته المضطربه حيث ذكر فيه طموحه وعلمه وشجاعته وحرصه على المال وقوه معانيه وعباراته والفاظه كما أنّه كان يتميز بالذكاء وسعة الخيال، حتى أنّ كثير من الشعراء كانو قد ذكروه، فقد ذكره الشاعر فالح الحجية في كتابه الأدب والفن أن أبو الطيب المتنبي شاعر العرب الأكبر.

العوامل المؤثرة في ثقافة وشعر المتنبي:

  • مدارس العلويين: عندما أرسله والده إلى هذه المدرسة في الكوفه حتى يتعلم القراءة والكتابة.
  • ذكاءه: ساعده ذكاؤه على الإلمام بالعلوم والمعارف حتى أنّه كان يأخذ من كل الثقافات.
  • ذهابه الى البادية: كان المتنبي يحب العلم ويحصل عليه، حتى أنّه اتقن اللغة العربية واكتسب البلاغة في أثناء الفترة التي قضاها في الباديه.
  • تأثر بفلسفة أبي الفضل: وأخذ عنه الفلسفة اليونانية.
  • كان المتنبي يذهب الى المجالس الأدبية التي يجتمع فيها السلاطين ممن يهتمون بالأدب والشعر، كما أنّه كان يشاركهم في هذه المجالس على الرغم من أنّه لم يكن الوصول الى هذه المجالس سهلاً، ولكن ونظراً لكونه كان على علاقة قوية مع السلاطين كان يتردد دائماً عليها.

أغراض المتنبي الشعرية:

المدح: اشتهر المتنبي بالمدح خاصةً في مدح سيف الدولة الحمداني، حيث كان يمتاز مدحه بصدق المشاعر وغزارة المعاني، حتى أنّ مدحه لسيف الدولة كان أصدق عاطفة؛ لاعتباره المثل والقدوة الأعلى.

عَـلَى قَـدْرِ أَهـلِ العَـزمِ تَأتِي العَزائِمُ وتَــأتِي عَـلَى قَـدْرِ الكِـرامِ المَكـارِمُ

وتَعظُـمُ فـي عَيـنِ الصّغِـيرِ صِغارُها وتَصغُـر فـي عَيـنِ العَظِيـمِ العَظـائِم

يُكـلّفُ سَـيفُ الدَولَـةِ الجَـيشَ هَمّـهُوقـد عَجَـزَتْ عنـهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ

الوصف: أجاد المتنبي وصف الحروب البارزة في عصره، إلى جانب وصفه للطبيعة ووصف أخلاق الناس ونوازعهم النفسية، ولقد وصف نفسه وطموحه أروع الوصف، وكان أبو الطيب المتنبي واضحاً في وصفه وأوصافه حتى أنّ وصفه كان واقعي الى حد كبير.

لهَا ثمرٌ تُشير إليك منه بأشربةٍ وقفن بلا أوان

وأمواهٌ تصلُ بها حصاها صليل الحلي في أيدي الغواني

إذا غنى الحمامُ الورقُ فيها أجابتهُ أغانيُ القيانِ

الهجاء: لم يكثر المتنبي من الهجاء في أشعاره؛ لاعتباره أنّ هذا النوع من الشعر لا يتناسب مع نفسه، ولكن تميز هجائه باحتوائه على حكمٍ وقواعد عامة، تخضع لمبدأ معين أو خُلق ، كما أنّه كان يلجأ الى استعمال ألقاب تحمل في موسيقاها معاني كثيرة.

لساني بنطقي عنه عادلٌ وقلبي بصمتي ضاحك منه هازل

وأتعب من ناداك من لا تجيبه وأعيظ من عاداك من لا تشاكل

الرثاء: شعر أبو الطيب في الرثاء غلب فيه العاطفة، حتى أنّه كان يحتوي على صورٍ صادقه وقوية التأثير تهز المشاعر.


يَظُنُّ أَنَّ فُؤادي غَيرَ مُلتَهِبٍ   وأنَّ دَمعَ جُفوني غَيرُ مُنسَكِبِ

وَلَيتَ عَينَ الَّتي آبَ النَهارُ بِها فِداءُ عَينِ الَّتي زالَت وَلَم تَؤُبِ

الحكمة: عُرف المتنبي بالحكمة والدهاء، حتى أنّ أقواله كانت مجرى الأمثال؛ لانها تتصل بالنفس.

غير أن الفتى يلاقي المنايا كالحاتٍ ولا يلاقي الهوانا

ولو أن الحياة تبقى لحيٌ لعددنا أضلنا الشجعانا

منزلة المتنبي الشعرية:

لقد اصبح أبو الطيب المتنبي ذات مكانةٍ مرموقةٍ سالمية، حتى أنّه كان نادر زمانه، وشعره يُجسد صورة صادقة في عصره.
بقي شعر أبو الطيب المتنبي قائماً إلى يومنا هذا، كما أنّه يُعدّ بمثابة مصدر للشعر والشعراء، الأدب والأدباء، ولقد لعب المتنبي دوراً هاماً في الشعر العربي، وبقي شعره صورة صادقة عن زمانه، حتى أنّ شعره لم يكن شعراً ارتجالياً بل كان شعره صناعةً.
أمّا من ناحيه الخيال والأسلوب فقد أجاد المتنبي وأبدع في شعره الذي كان يتصف برقة معانيه وصدق لهجته وبراعة كلماته، إضافةً إلى ذلك فقد كان للمتنبي في شعره صورةً مغريةً تجذب القلب والعقل، لذلك ظل أبو الطيب شاعراً عظيماً اسمه محضورٌ عبر العصور.

مقتل المتنبي:

قُتل المتنبي بالنعمانية بالقرب من دير العاقول غربي بغداد؛ لأنه قد هجا ضبه الأسدي بقصيدةٍ شنيعة الألفاظ، تحتوي على كثير من الطعن بالشعر ومطلعها:

ما أَنصَفَ القَومُ ضَبَّه وَأُمَّهُ الطُرطُبَّه

وَإِنَّما قُلتُ ما قُل تُ رَحمَةً لا مَحَبَّه

وَما عَلَيكَ مِنَ القَتـ ـلِ إِنَّما هِيَ ضَربَه

وعندما اقترب منه فاتك الأسدي هو خال ضبه أراد المتنبي الهروب فقال ابنه محسد أتهرب وانت القائل: “الخَيْـلُ وَاللّيْـلُ وَالبَيْـداءُ تَعرِفُنـي وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَـمُ”

فقال المتنبي: قتلتني يا هذا، قتلك الله، حتى أنّ البعض يقول سبب قتله هو هذا البيت، ولكن السبب الرئيسي هي القصيدة التي هجا فيها ضبه الأسدي.

أشهر حكم أبي الطيب المتنبي الشعرية:

إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا

أبيني أبيناً نحن أهل منازل أبداً غراب البين فيها ينعق

شرّ البلاد مكانٌ لا صديق به و شرّ ما يكسب الإنسان ما يصم

فالموت أعذر لي والصّبر أجمل بي والبرّ أوسع والدّنيا لمن غلبا

وكم ذنب مولده دلال و كم بعد مولده اقتراب

وإذا كانتِ النُفوسُ كِباراً تَعِبَتْ في مُرادِها الأَجسامُ

إِذا رَأيتَ نُيُوبَ اللّيثِ بارِزَةً فَلا تَظُنَّنَ أَنَّ اللَيثَيَبْتَسِمُ

ذلّ من يغبط الذليل بعيش ربّ عيش أخف منه الحمام

وكلّ شجاعة في المرء تغني ولا مثل الشجاعة في الحكيم

و لم أر عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على الكمال


شارك المقالة: