أسطورة هالسيون

اقرأ في هذا المقال


هالسيون (Halcyon) هو اسم آخر لصياد الرفراف والذي وجد اسمه من الأسطورة اليونانية ألسيون (Alcyone)، وأسطورة هالسيون اليونانية القديمة هي قصة لطيفة عن الحب والالتزام وهو ما يفسر أيام هالسيون المشمسة من البحار والرياح الهادئة، وتظهر أيام هالسيون أو ألكونايدس ميريس (Alkionides Meres) كما يسميها اليونانيون في منتصف شهر يناير من كل عام، وهالسيون هو نوع من طيور الرفراف التي تعشش بجانب البحر حيث تهب رياح البحر الساحرة بحيث يتم حماية بيضها خلال فترة التعشيش، وتشير عبارة أيام هالسيون اليوم أيضًا إلى الازدهار والفرح والتحرر وبالطبع الهدوء.

حب هالسيون للملك سيكس

قصة هالسيون وسيكس مؤثرة للغاية وتصور الحب الذي ينتصر على المأساة، فكان هذا الزوجان الشابان في حالة حب لدرجة أنّ لا الآلهة ولا الموت يمكن أن يفرق بينهما، وتبعت هالسيون زوجها إلى الحياة الأخرى وفعلت ذلك بإرادتها الحرة ومن هذه الأسطورة أيضًا تُشتق عبارة معروفة أيام هالسيون، وكانت هالسيون الجميلة ابنة عولس إله الريح اليوناني وكانت والدتها إما إناريت أو إيجالي، وكانت الزوجة المخلصة لسيكس ملك تاتشيس في وسط اليونان وحكم سيكس مملكته بالعدل والسلام، وكان هالسيون وسيكس معجبين من قبل الآلهة والبشر على حد سواء لجمالهم الجسدي الرائع فضلاً عن الحب العميق الذي كان لديهم لبعضهم البعض.

لقد كانوا سعداء جدًا في زواجهما لدرجة أنّهم اعتادوا على استدعاء بعضهم البعض بشكل هزلي زيوس وهيرا، وأثار هذا غضب رئيس الآلهة الذي اعتبره جرأة، وانتظر زيوس الوقت المناسب لمعاقبة الزوجين المتغطرسين اللذين تجرأوا على جعل أنفسهم مشابهين للآلهة، وكان سيكس لا يزال في حالة حداد على وفاة أخيه وكان منزعجًا بشدة من بعض العلامات المشؤومة التي لوحظت، ولذلك قرر استشارة المستشار الحكيم أبولو في كارلوس في إيونيا (غرب الأناضول)، ومع ذلك حاولت هالسيون ثني زوجها عن قراره بالسفر عبر البحار الخطرة للتشاور مع المستشار الحكيم.

رحلة سيكس وحزن هالسيون

في الأساطير اليونانية كانت الإلهة هالسيون -والذي يعرف باسم ألسيون (Alcyone) باليونانية- ابنة عولس حاكم الرياح، والذي عاش عولس في الكهوف حيث كانت الرياح مسجونة، وكان هو الشخص الذي كان يختار وقت السماح لهم بالخروج اعتمادًا على كيفية توجيه الآلهة العليا له، وتزوجت هالسيون من الملك البشري سيكس، وكان حبهم لبعضهم البعض معروفًا لدرجة أنّه حتى الآلهة اختلسوا النظر في خصوصيتهم وسمعوا بعض النكات التي لم يعجبهم كثيرًا (مثل استدعاء بعضهم البعض زيوس وهيرا!).

عقاب زيوس للزوجين

ذات مرة عندما اضطر سيكس للذهاب إلى دلفي للتشاور مع نبوءة أبولو فاختار الإبحار هناك على الرغم من كل صرخات حبيبته هالسيون التي كانت خائفة بشكل رهيب من البحر، فحاولت بشكل يائس إقناعه بالتخلي عن الرحلة، وذلك لأنّها قد نشأت في قصر ملك الرياح وكانت تعرف جيدًا عنف الرياح في البحر، ولكن وقع الأمر وقامت بتوديعه بالدموع والبكاء ثم سقط على الأرض حزينًا على ركب السفينة وغادرها.

قرر زيوس الإله الرئيسي أن هذا هو الوقت المناسب لمعاقبة الزوجين على تدنيس المقدسات، فأطلق صاعقة أثارت إعصارًا غاضبًا اجتاح السفينة التي بدأت تغرق، وفي هذه الليلة التي تكون الأولى بدأت الريح الشرقية تهب عاصفة ووسط هدير الرعد ارتفع البحر المتضخم إلى السماء وتناثر زبده بين الغيوم ثم هبط إلى قاع البحر العميق.

فأدرك سيكس أنّ النهاية قد حانت بالنسبة له وقبل أن يغرق صلى إلى الآلهة للسماح لغسل جسده على الشاطئ حتى يتمكن حبيبته هالسيون من أداء طقوس الجنازة، وبينما كان سيكس يلهث أنفاسه الأخيرة كان والده أسافروس (Esophorous) نجم الصباح يراقب بلا حول ولا قوة ويغطى وجهه بالغيوم غير قادر على مغادرة السماء وإنقاذ ابنه.

ووفقًا لأسطورة مولفتش (Bullfinch) أنّ المطر تساقط في السيول كما لو كانت السماء تنزل لتتحد مع البحر، وعندما توقف البرق للحظة بدا أنّ الليل يضيف ظلامه إلى ظلام العاصفة، ثم أتى الوميض واشتعل الظلام وأضاء كل شيء مع وهج، فما كان من بعض البحارة الذين أذهلهم المنظر غير السكتة الدماغية وغرقوا ولم ينهضوا، بينما آخرون يتشبثون بشظايا الحطام، في حين سيكس مع اليد التي كانت تمسك الصولجان سريعًا إلى لوح خشبي كان يطلب المساعدة، ولكن للأسف لم يكن ذلك إلّا عبثًا، ولكن غالبًا ما كان اسم هالسيون على شفتيه.

تحول هالسيون وسيكس

لقد أثبت هالسيون صحة خوفها وحزنها على رحلة زوجها المحب لأنّ سيكس غرق عندما قتلت عاصفة ضخمة حياته على مقربة من الساحل واختفى قاربه في الأمواج، وفي محاولة لمحاربة العاصفة مدركًا أنه سيغرق طلب سيكس من بوسيدون (إله البحر) إحضار جسده بين ذراعي زوجته، وفي غضون ذلك كانت هالسيون خائفة على زوجها ولا تعرف بعد ما حدث وطلبت هالسيون من هيرا ضمان رحلته الآمنة.

ولكن كان قد فات الأوان ولم يكن أمام هيرا أي خيار سوى إرسال هيبنوس (Hypnos) إله النوم ومعزي المنكوبين الذي أمر ابنه مورفيوس إله الأحلام بالظهور في أحلام المرأة الفقيرة وإخبارها بالمأساة، وتم إرسال مورفيوس في المنام لإخبارها بفقدان زوجها وبيبها سيكس، وذهبت هالسيون اليائسة إلى الساحل حيث وجدت جثة سيكس عندما ظهر جسد زوجها أمامها عائمًا نحو الشاطئ ألقت هالسيون المليئة بالحزن بنفسها في البحر، وألقت بنفسها في الأمواج المظلمة، ولكن قبل أن تضرب الماء تحولت على الفور إلى طائر، بينما كانت تطير على طول سطح الماء نحو الجسد الميت وكان حلقها ينفث أصواتًا مليئة بالحزن وصوتها والرثاء.

عندما لمست جسد سيكس البكم وغير الدموي قامت بتغطيته بجناحيها المتشكلين حديثًا وحاولت تقبيله بمنقارها المقرن، فشعرت الآلهة بحزنها العميق وغيرت الزوجين بدافع الشفقة إلى زوج من الملوك، وذلك نتيجة دهشة الألهة من حب هالسيون وتفانيها وبناءًا عليها قررت الآلهة إنقاذها وتحويلها إلى طائر بحري، وقاموا أيضًا بتحويل سيكس إلى رفراف آخر حتى يتمكن الاثنان من العيش معًا، ومنذ ذلك الحين تقول الأسطورة أنّ هالسيون تحمل رفيقها الميت إلى دفنه ثم تبني عشًا وتطلقه في البحر، وهناك تضع بيضها وتفقس فراخها وتتغذى على عشها الذي يحمله البحر سبعة أيام هادئة قبل الانقلاب الشتوي وسبعة أيام بعد ذلك، وأثناء تأملها يظل البحر هادئًا بشكل غير عادي وتُعرف هذه الأيام بأيام الهالسيون.

أسطورة أيام هالسيون

حتى في الأساطير اليونانية لم تكن الحياة سهلة دائمًا فأمر زيوس بأن تضع هالسيون بيضها فقط في الشتاء، حيث أن عشها بالقرب من الشاطئ بالقرب من المكان الذي وجدت فيه جثة سيكس استمرت الأمواج العاصفة في اجتياح بيضها، وكانت تبكي وتصلي بلا نهاية وتمكنت هالسيون أخيرًا من لمس قلب زيوس، وبتشجيع من الآلهة الأخرى أيضًا قررت زيوس منحها أربعة عشر يومًا من الطقس الجيد والهادئ في منتصف الشتاء.

لذلك كان هذان الطائران الرفراف أو طائر هالسيون كما يُعرفان أيضًا قادرين على الحفاظ على بيضهما آمنًا كل شتاء خلال الفترة التي تأتي قبل سبعة أيام وكذلك سبعة أيام بعد الانقلاب الشتوي، وخلال هذه الأيام كان والد هالسيون يبقي الرياح هادئة على البحر، ولا يزال الاحتفال بأيام هالسيون في اليونان تخليدًا لذكرى هالسيون وتضحياتها، ومن الناحية العملية تظهر أيام هالسيون في منتصف شهر يناير ولا تستمر لأكثر من أسبوع أو عشرة أيام كحد أقصى.

المصدر: E. M. Berens, The Myths & Legends of Ancient: Greece and Rome, MetaLibri, October 13, 2009.LILIAN STOUGHTON HYDE, FAVORITE GREEK MYTHS: YESTERDAY’S CLASSICS, CHAPEL HILL, NORTH CAROLINA, 2008.JESSIE M. TATLOCK, GREEK AND ROMAN MYTHOLOGY, NEW YORK, THE CENTURY Copyright, 1917.ALEXANDER S. MURRAY, MASTUAL OF MYTHOLOGY: GREEK AND ROMAN, NORSE, AND OLD GERMAN, HINDOO AND EGYPTIAN MYTHOLOGY, NEW YORK: CHARLES SCRIBNER'S SONS, 1893.


شارك المقالة: