أعشى قيس

اقرأ في هذا المقال



شاعر الطَّبقة الأولى في الجاهليّة، هو ميمون بن قيس بن جندل بن شرحبيل بن عوف بن سعد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن صعب بن علي بن بكر، وكان أعمى و يُكنَّى أبا بصير وكان أبوهُ قيس يُدعى قتيل الجوع؛ لأنّهُ كان في غارٍ فوقعت صخرة من الجبل فسدّت فم الغار فمات فيهِ جوعاً، كان جاهلياً قديماً حيث أدرك الإسلام في آخر عُمُرهِ، ورحل إلى النبي ــ صل الله عليه و سلم ــ في صلح الحديبية فسأله سفيان بن حرب عن وجهته التي يريدها فقال: أردتُ محمداً فقال: إنّهُ يُحرِّم عليكم الخمر والزّنا والقمار قال: أمَّا الزّنا تَركني ولم أتركَهُ، وأمّا الخمر فقد قضيتُ منهُ وطراً، وأمّا القمار فلَعلّي أصيبُ منهُ عوضاً فقال له: فهل لك إلى خير قال: وما هو؟ قال: بيننا و بينهُ هُدنة فترجع عامك هذا وتأخذ مئة ناقة حمراء، فان ظفر بعد ذلك أتيتهُ وإن ظفرنا كنتُ أصبتُ من رحلتك عَوضاً، فقال لا أبالي، فأخذهُ أبو سفيان إلى منزلهِ وجمع عليهِ أصحابه وقال: يا معشر قريش هذا أعشى قيس ولإن وصل إلى محمدٍ ليضرينَ عليكم العرب قاطبة فجمعوا مئة ناقة حمراء فانصرف، فلمّا صار بناحية اليمامة ألقاهُ بعيرهُ، فقتلهُ وكان الأعشى يفدُ على ملوك فارس، ولذلك كثرت الفارسيّة في شِعْرهِ حيث قال في قصيدتهِ:

ولقد شربت ثمانياً و ثمانياً *** وثمان عشر واثنتين وأربعاً

من قهوة باتت بفارس صفوة *** تدع الفتى ملكاً يميل مصرعاً


بالجلسان وطيب أردانه *** باللون يضرب لي يكرّ الإصبعا


الناي نوم وبربط ذوبحة *** الصبح يبكي شجوه أن يوضعا

نشأته
عاش الأعشى في بلدة منفوحة، في ديار القبائل البكرية، و التي تمتدُّ من البحرين وحتى حدود العراق، وأصبحت المنفوحة قرية الأعشى اليوم حيّاً من أحياء الرياض القديمة، وكانت المنفوحة دياراً طيبة وفيرة بالمياه والأرض الخصبة، وكان الأعشى بحاجة إلى الماء دائماً حتى يُغطّي تبعات أسفارهِ الكثيرة فراح بديار العرب قاصداً المُلوك، يمدحهم و يكسب عطاءهم، ولم يكن يجتمع المال حتى راح ينفقهُ على شهواتهِ، ولم يلبث حتى يعاود البحث عن المال و الحصول عليهِ من جديد.
شعرهُ
كان شعر الأعشى من الطَّبقة الأولى، وعظيم في أبواب الشعر كافّة، إلّا أن معظم قصائده التي نظمها لم يصل إلينا منها ولا نعلم عنها إلا القليل، والتي كان أشهرها ” ودّع هريرة”، التي عدّها الكبار أحد المعلقات الشعر، وكان الأعشى أحد كبار شعراء الجاهلية، والذي عدّه ابن سلام أحد الأربعة الأوائل في عِداد زهير بن أبي سلمى، و النابغة الذبيانيّ، وكذلك امرؤ القيس.

صفات الأعشى

  • كان يرى أنَّ الحبَّ أحد أشكال المغامرة والصراع، لذلك كان غزله بالمرأة حسيٌّ وماديّ؛ ولذلك أيضاً كان يرى المرأة أحد وسائل اللهو.
  • كان يُعدُّ في الجاهلية صاحب أول قصيدة شعرية، وكانت في مديح الشاعر شريح بن السموأل.
  • وكان يعتمد وحدة القصيدة، والاستطراد، و القصص، والاستدارة، وكانت هذه الأساليب من أكثر ما استخدمهُ الأعشى في كتابة قصائدهِ.
  • ذكر المؤرّخون أنَّ الأعشى أدرك بعثة النبي محمد عليهِ السَّلام، فقد قام بنظم قصيدة، و توجَّهَ فيها إلى المدينة المنورة ليعلن إسلامه أمام النبي محمد عليه السلام، إلّا أنَّ قريش قدّمت لهُ مئة ناقة ليرجعَ عن إسلامهِ حيث تمكّنوا من إقناعهِ بعد إعلان إسلامهِ.

أشهر ما قاله الأعشى :

صَحَا القَلبُ مِنْ ذكرَى قُتيلَةَ بَعدمَا … يَكُونُ لهَا مِثلَ الأَسِْيرِ المُكبَّلِ
لَهَا قَدمٌ رَيَّا، سِبَاط بَنَانُهَ … قَدِ اعتدَلَت فِي حُـسنِ خَلقٍ مُبتَّلِ
وَسَاقَانِ مَارَ اللَّحمُ مَورَاً عَلَيهِما … إلَى مُنتَهَى خَلخَالِهَا المُتَصَلصِلِ
إذَا التمِسَت أُربِيّتَاهَا تَسانَدَت … لَهَا الكفُّ فِي رابٍ مِنَ الخلقِ
مُفضلِ إلَى هَدَف فِيهِ ارتِفَاعٌ تَرى لَهُ … مِنَ الحُسْنِ ظِلاً فَوق خَلقٍ مُكمَّلِ

وفاته :

توفي سنة 629 ويقع قبره في منفوحة أيضاً، حيث تمّ إطلاق اسم الأعشى على أحد شوارع المنفوحة وذلك تخليداً لِذِكْراه في هذه المدينة.
ولمَّا أعطوهُ قريش مئة ناقة عاد بهم إلى منفوحة، وفي طريقهِ إليها كان في منطقة اليمامة فأوقعهُ بعيرهُ على الأرض فمات.


شارك المقالة: