اقرأ في هذا المقال
- الحالات الاجتماعية التي سادت في الأندلس
- الحالة الاجتماعية للأندلس في عصر الطوائف
- رأي ابن حزم في حالة الشعر الأندلسي
تأثر الشعر في العصر الأندلسي بالحياة الاجتماعية في ذلك العصر، وكانت البيئة الأندلسية عبارة عن خليط من جميع الأصول المشرقية والغربية، فقد اختلط في الطبيعة الأندلسية كل من الإسبان والبربر والأمازيغي والمصريون والشاميون، وكذلك العراقيون، فكان لكل هذه الأصول والأعراق أثر كبير في الحالة الاجتماعية في الأندلس.
الحالات الاجتماعية التي سادت في الأندلس
1- العرب: وعرف عن العرب حُسن السّمعة بالإضافة إلى الشجاعة، ومحاولاتهم القوية في نشر الدعوة، وكان يتغلبون على البربر والإسبان بلغتهم.
2- البربر: وهم يشبهون العرب في البداوة والإسلام والشجاعة، وكذلك كانوا يشبهون العرب بالعصبية القبلية.
3- الإسبان: وهم من المسيحيبن الكاثولوكين، وكانوا يتعاملون مع العرب وكذلك البربر على أنهم دخلاء عليهم وأنهم أحق منهم بملك بلاد الأندلس.
4- العرب المولدون الذين ولدوا من تزاوج العرب بالأصول البربرية، أو الذين ولدوا نتيجة تزاوج العرب من الأصول الغربية، وقد نشأ من هذا التزاوج أجيال جديدة مختلفة ولقد عرف عنهم الذكاء والجمال وكذلك القوة، وكان العرب يحبون هذا التزاوج لجمال الإسبانيات والبربريات من جمال البشرة وبياضها، كما دخل الكثير إلى الإسلام واهتموا باللغة العربية وتعصبوا لها وأعجبوا بالطبيعة الأندلسية وتغنوا بجمالها في ذلك قال قائلهم:
إن للجنة بالأندلس
مُجْتَلَى مرأى وريَّا نفس
فسَنا صُبْحَها من شُنَبِ
ودجى ظلمتها من لعس
فإذا ما هبت الريح صبَّا
صحت واشوقي إلى الأندلس
ويقول في ذلك آخر:
وليس في غيرها بالعيش منتفع
ولا تقول بحق الأنس صهباء
وكيف لا يذهب الأبصار رؤيتها
وكل روض بها في الوشي صنعاء
أنهارها فضة والمسك تربتها
والخزُّ روضتها والدر حصباء
وللهواء بها لطف يرق به
من لا يرق و تبدو منه أهواء
فيها خلعت عِذاري ما بها عوض
فهي الرياض وكل الأرض صهباء
وتباين أهل الأندلس عن غيرهم من المشارقة العرب، وتميزت الأندلس والحياة الاجتماعية عن مثيلتها في المشرق، ولذلك كان يتباين الناتج الأندلسي عن نظيره في المشرق العربي.
وعندما تولى عبد الرحمن الناصر الحكم في الأندلس، كانت لديه الجرأة والشجاعة التي دفعته إلى أن يطلق على نفسه لقب أمير المؤمنين، ولقد ظهرت مظاهر الثراء والترف والغنى في عصره، واستمر هذا الترف حتى استلم ابناءه بعده الحكم على يد زرياب.
الحالة الاجتماعية للأندلس في عصر الطوائف
عند سيطرة ملوك الطوائف على الدولة الأندلسية، ثار كل ملك منهم في بلد وسيطر عليها، وكان هذا سبب رئيسي لتعدد الملوك، وكان سبب في فرقة الشعب الأندلسي وتفككهم، وتميز العرب الفاتحين للأندلس على الغرب، حتى تغلبوا عليهم بروحهم ودينهم ولغتهم، فأصبحوا الإسبان يتوجهون إلى اعتناق الإسلام، ويتوجهون إلى استخدام اللغة العربية لما كانت تزخر به من العلوم والمعارف والفنون، التي كانت تفتقره لغتهم.
وعرف عن أهل الأندلس صفات ميّزتهم عن غيرهم، مثل اشتهارهم بالنظافة سواء أكان في نظافة الملبس أو المأكل حتى لو كان ذلك بسيطًا متواضعًا.
رأي ابن حزم في حالة الشعر الأندلسي
يرى ابن حزم أن أهل الأندلس على اختلاف أصولهم وأعراقهم لا يختلفون في أدبهم وشعرهم وعلومهم عن المشرقيين، ولقد أبدعوا في جميع هذه المجالات سوى علم الكلام، فلقد عرف عن أهل الأندلس خوضهم في الجدل، وكذلك الضعف في مجال الحساب والهندسة، ولقد تفوق أهل المشرق عليهم في هذه المجالات.
وعن ذلك الضعف يقول السيوطي أنه لا يجيد حل المسائل الحسابية حتى لو كانت بسيطة، أما عن الشعر فلقد ازدهر الشعر في هذا العصر، وتميز بجميع أغراضه، وبرز في هذا العصر أشهر شعراء الأندلس ومن ذلك ما قيل عن ابن دراج الذي قيل فيه أنه في الأندلس كالمتنبي في الشام.
وكان للشعر حظ وفير، وكذلك الشعراء فكان منهم من كان ذو منزلة رفيعة ويلقي شعره في مجالس العظماء والملوك، ولكن بعضهم كان يتعرض للاضطهاد والنفي من قبل الحكام، ومن أمثال ذلك ما حصل بابن حزم عندما أحرق المعتضد بن عباد كتبه في إشبيلية حيث قال:
فإن تحرقوا القرطاس لم تحرقوا الذي
تضمنه القرطاس بل هو في صدري
يسير معي حيث استقلت ركائبي
وينزل إن أنزل ويدفن في قبري
ولقد اشتهر العصر الأندلسي بظهور الشاعرات المتميزات اللواتي أبدعن في نظم الشعر بجميع أغراضه، على الرغم من التشديد والقيود التي كانت تعاني منها حرائر الأندلس، ورغم كل هذه الظروف تميزن بنظم الشعر واتصفن بالقوة العاطفية في الشعر، مثل قول إحداهن:
يا معشر الناس، ألا فاعجبوا
لولاه لم ينزل ببدر الدّجى
حسبي بمن أهواه لو أنه
مما جنته لوعة الحب
من أفعه العلوي للترب
فارقني تابعه قلبي
وفي النهاية نستنتج أن الشعر الأندلسي قد تأثر بالحياة الاجتماعية والظروف التي مرّت بها الأندلس، وعلى الرغم من تعدد الأصول والأعراق في الأندلس تميزت في أدبها وعلومها، وبرزت في مجال الشعر الذي كان يُعَد وسيلة مُجدية لتعبير عن كل حالات المجتمع الأندلسي آنذاك.