اقرأ في هذا المقال
- أصول الحداثة في الآداب
- تعريف الحداثة
- مفهوم الحداثة الشعرية
- الحداثة الشعرية العربية بين الرفض والقبول
- الاتجاه الرافض للحداثة الشعرية العربية
- الاتجاه المؤيد للحداثة الشعرية العربية
- نماذج شعرية تدل على الحداثة الشعرية المقبولة في الشعر العربي
- نماذج شعرية على الحداثة الشعرية المرفوضة في الشعر العربي
لم يتقبل العرب قديماً بعض الفنون الأدبية اليونانية التي كانت وثنية المنشئ وكذلك تم رفض الشعر اليوناني الذي لم يتوقف مع المزاج العربي وكذلك مضامينه المغايرة، لكنهم حاولوا جاهدين قدر المستطاع من الاستفادة من هذه الآداب مثل رفضهم لفن النحت والتصوير ولكنهم استفادوا منه في فن العمارة والزخرفة، وأما الزمن الحالي اتجه أهل الشعر إلى الغرب والاغتراف منه ولكن بجذر وسلك منهجه.
أصول الحداثة في الآداب
الحداثة سواء أكانت نثرية أو شعرية هي مصطلح غربي، حيث تصف التجارب الأوروبية، ويقصد بالحداثة هو الانفتاح في جميع المستويات الثقافية والاجتماعية والفكرية كذلك.
ولقد أخذ العرب الحداثة من الغرب مثل محمود درويش، وبدر شاكر ونزار قباني نازك الملائكة، ويوسف الخال وخليل حاوي وغيرهم الكثير من الشعراء.
تعريف الحداثة
مصطلح الحداثة الغربية يشمل النظرة الفلسفية في كافة مجالات الحياة سواء اجتماعية أو ثقافية أو صناعية وغير ذلك، المبدأ الذي تتكي عليه الحداثة هو الذهن المتحرر وهو مقياس الحداثة الغربية، وهو انفصال عن القديم والتحرر والانطلاق دون قيود أو ضوابط.
أما الحداثة العربية فقد قال عنها أدونيس ما يلي: “الصراع بين النظام” وقال عنها أيضًا: “قول ما لم يعرفه موروثنا، أو هي قول المجهول من جهة، وقبول بلا نهاية المعرفة من جهة ثانية”.
وهناك ترابط وعلاقة توافق بين الحداثة الغربية والحداثة العربية فهي تنفصل عن الموروث، كما أنها تُبنى على أساس الحرية المطلقة، وتحث إلى التغيير والتجديد في كافة أمور الحياة.
مفهوم الحداثة الشعرية
الحداثة الشعرية عند الغرب هي التي تهتم بتعريف الشعر والاختصاص به ثم تقوم بتعميم أنماط المتحولة التي تستعمل في وزن القيم والعادات الاجتماعية وتعيين قيمة الأفعال المختلفة، وكانت الحداثة الشعرية الغَربية تعبر عن حال أفرادها الذين يعيشون في قلق وشك في حضارتهم، وأنه لم تجلب له هذه الحضارة سوى الدمار والهلاك وخصوصًا بعد الحربين العالميتين التي دمرت الحرث وأهلكت النسل.
وكان شعر الحداثة في الغرب منبثق من احتجاج على الوضع الذي رافق العقل الغربي من دمار وانهيار وما حلَّ بالمدن الأوروبية من انهيار نتيجة الحربين العالميتين، كما تأثر المحدثين العرب بالمفهوم الغربي لِلحداثة الشعرية، فقال أدونيس عن الشعر العربي:
“هو الشعر الذي يبحث عن نظام آخر غير النظام الشعري القديم، أي هو الذي يصدر عن إدارة تغيير النظام القديم للحياة العربية، وعن طموح الفئات الجديدة بهذا التغير، والقادرة على تحقيقه، والعاملة له لأنه قضيتها الأولى، ولأنها بذلك تمارس دورها التاريخي والطبيعي، إنه الشعر الذي يغير أولاً طريقة استخدام أدواته، لكي يستطيع أن يغير طريقة التذوق، وطريقة الفهم لكي تغير تبعاً لذلك دور الشعر ومعناه عما كانا عليه في النظام القديم للحياة العربية”.
الحداثة الشعرية العربية بين الرفض والقبول
عملت الحداثة الشعرية على إنعاش الحركة النقدية فقد أثارت الجدل حول هذا الموضوع ونرى نقداً رافضاً هذه الحداثة، وقام بها أنصار الثقافة التقليدية وأنصار القديم الذين اهتموا بالقديم وحافظوا عليه كما تحافظ المرأة على وليدها الذي ترى فيه المستقبل، أيضًا أنصار القديم كان يحافظون عليه وينتظرون أن تعود أمجاد هذه الآداب القديمة.
وفي نظرة أخرى نلاحظ أن للحداثة مؤيدين ومناصرين فكانت فكانت الحداثة الشعرية لديهم هي حركة فن وتميز وإبداع تواكب مجريات الحياة وتغيراته الدائمة، فعندما يجد أي شيء في هذا الكون ينتفض الشعر معبراً عن كل تجديد يطرأ في هذه الكون.
الاتجاه الرافض للحداثة الشعرية العربية
ينظر الرافضون للحداثة العربية لهذا الاتجاه من منظورين فني وفكري أي أنهم لا يتقبلونها فكرياً، ويرجع ذلك إلى ما يترتب عليها من رؤية فكرية وأيديولوجية تجاه التراث والعادات والقيم، ويرفضونها فنياً بسبب ما تحتويه من غموض وإهمال الثوابت اللغوية وكذلك الثوابت الفنية في القصيدة العربية.
ويرى الرافضون لِلحداثة الشعرية المشرقية أنها بأسلوب عبارة عن آلات هدم وتدمير لِدين والأخلاق وكذلك هدم للقيم والثوابت المتوارثة وتحرر من القيم، والرافضين لهذا الاتجاه يذهبون في هذا آرائهم إلى أنها غير عربية فهي وليدة الغرب، لكن ترجمتها إلى العربية.
الاتجاه المؤيد للحداثة الشعرية العربية
ينظر أصحاب هذا الاتجاه إلى الحداثة الشعرية بأنها نوع من التحرر، وحث على الاندماج مع متغيرات الحياة الفكرية والثقافية والأدبية والانفتاح لمواكبة هذه المتغيرات، وأهم مبررات هذا الاتجاه ما يلي:
1- إن الحداثة عبارة عن حركة إبداع وتميز، أيضًا تحدي ورفض لتقليد في الفكر والثقافة والفن.
2- التعدد الكبير في المناهج وظهر العديد من المعاهد الحداثية مثل الحداثة السلفية، والحداثة القديمة والحداثة الأدبية.
3- تتصف الحداثة بَالعقلانية والابتعاد عن التقليد فهي تطور وازدهار في إدراك الأشياء.
4- يرى الحداثيين العرب إلى أن الرؤية هي من خصائص الحداثة بمعنى التطلع للحياة والتأكيد على الذات.
نماذج شعرية تدل على الحداثة الشعرية المقبولة في الشعر العربي
1- أبيات نزار قباني من “رسالة جندي في جبهة السويس”:
يا والدي!
هذي الحروف الثائرة
تأتي إليك من السويس
تأتي إليك من السويس الصابره
إني أراها يا أبي، من خندقي، سفن اللصوص
محشودةٌ عند المضيق
هل عاد قطاع الطريق؟
يتسلقون جدارنا..
ويهددون بقاءنا..
فبلاد آبائي حريق
إني أراهم، يا أبي، زرق العيون
2- أبيات صلاح عبد الصبور من “هجم التتار”:
ورموا مدينتنا العريقة بالدمار
رجعت كتائبنا ممزقة، وقد حمى النهار
الراية السوداء والجرحى وقافلة موات
والطبلة الجوفاء، والخطو الذليل بلا التفات
وأكف جندي تدق على الخشب لحن السغب
والبوق ينسل في انبهار
والأرض حارقة، كأن النار في قرص تدار
والأفق مختنق الغبار
3- أبيات بدر شاكر السياب من “شهداء الحرية”:
شهيد العلا لن يسمع اللوم نادبه
و ليس يرى باكية من قد يعاتبه
طواه الردى فالكون للمجد مأتم
مشاركة مسودة ومغاربة
فتى قاد أبناء الجهاد إلى العلا
و قد حطمت بأس العدو كتائبه
فتى همه أن يبلغ العز موطن
غدا كل باغ دون خوف يواثبه
فتى يعرف الأعداء فتكة سيفه
قد فتحت فتحا مبينا مضاربه
نماذج شعرية على الحداثة الشعرية المرفوضة في الشعر العربي
1- أبيات نازك الملائكة التي تحدثت عن عبثية الحياة حيث قالت:
ماذا وراء الحياة؟ ماذا
وفيما جئنا؟ وكيف نمضي
2- شعر أدونيس الذي ينتابه الشك في كل شيء حوله في هذه الحياة حيث يقول:
عابرٌ أحَمل أيامي وبي
ظمأ للرمل وفي خطوي بحار
يا هوى ضيعني، مُرَّ على شُطأنها
وسل الأصداف عن كُهَّانها
أيُّ سر في أعماقها
أيُّ حلم لي في أجفانها؟
3- النظرة التشاؤمية عند الشعراء مثل شعر يوسف الخال حيث يقول في قصيدته “غد يحتضر”:
سراباً غدا مطلبي
وخيطاً من الغيهبِ
وفيءَ جناح يطير
ويُمعن في المهرب
كأَن الزمان براءة
محالاً ليعبث بي
ويملأ نفسي احتضار
الضياءِ لدى المغرب
وفي النهاية نستنتج أن الحداثة مستمدة من الآداب الغربية وقد انقسم الأدباء بين مناصرين ومعارضين لهذه الحركة الأدبية، حيث يرى المؤيدون أنها حركة تحرر وتجديد وتطوير ومواكبة لمجريات الحياة، ويرى المعارضون أنها تعدي على التقاليد والثوابت والقيم والموروث، وهي غريبة لا تتناسب الطبيعة العربية.