اقرأ في هذا المقال
- الشعر الأندلسي والشعر المشرقي
- الخاص بين الشعر الأندلسي والشعر العباسي
- المشترك بين الشعر الأندلسي والشعر العباسي
ولد الشعر الأندلسي من رحم الشعر المشرقي، وكانت أول أبيات ظهرت في الأندلس ممتدة من الشعر العباسي، ورغم ذلك كان الشعر الأندلسي له خصوصية وسمات مختلفة فرضتها المتغيرات والمجريات مثل جغرافية الأندلس، والتنوع الثقافي وتلاحقها بدخول أصول متنوعة إلى البلاد، وهكذا أصبح لشعر الأندلسي مشتركات فنية مع الشعر العباسي.
الشعر الأندلسي والشعر المشرقي
ظهر الشعر في المشرق قبل 150 سنة قبل الهجرة، وظهر الشعر الأندلسي عام 92 للهجرة وهذا العام هو العام الذي تم فيه فتح بلاد الأندلس، وفي بداية الفتح لم يُرى شعراء مهمين مرافقين للجيش في فتح الأندلس؛ لأنه معروف أن مكانهم المعهود بالقرب من الأمراء والملوك الذين يغدقونهم بالهبات، وكان اهتمام الخلفاء في العهد الأموي بأهل الشعر كبير جدًا وكانوا يقربونهم منهم من أجل تخليد ذكرهم في أشعار الشعراء.
ومن أبرز من نظم الشعر في فترة تحرير الأندلس الأمير أبو الخطار ولقد تم تعيينه أمير على الأندلس، ولم يكن معروفًا على أنه شاعر بل كان ينظم أبيات شعرية تخلو تمامًا من الذوق والجمال وكان يلجأ إلى استخدام مفردات صعبة تحمل أفكار جاهلية كقوله في أبياته:
فليتَ ابن جوّاسٍ يخبرُ أني
سعيت به سعي امرىءٍ غير غافل
قتلت به تسعين تحسَب أنهم
جُدوع نخيلٍ صُرّعت بالمسايل
فلو كانت الموتى تباعُ اشتريتُه
بكفي وما استثنيت منها أناملي
ويعتبر الداخل أول شعراء أهل الأندلس ورويت له مقطوعات ورجز، ويعتبر شعره شعر أمراء يحمل طابع الأمراء والحكام لا شعر شعراء، ولقد اهتم بالتوقيعات وأكثر من استخدامها على الرغم من أنه من الفنون النثرية العباسية، وهذا يدل على أنه كان متصل بدول المشرق متابع لما يستجد هناك مستفيد منه في السياسة والأدب.
ومن هنا نخلص إلى أن الشعر الأندلسي لا يوجد له تراث شعري إنما تراثهم هو من الشعر العباسي المعاصر له والمتمثل بالشاعر أبو نواس، وأبو تمام، والبحتري والعباس وغيرهم الكثير، ويعتبر الشعر الأندلسي تابعًا للشعر العباسي لأنه منبثق عنه.
الخاص بين الشعر الأندلسي والشعر العباسي
1ـ سلال الشعراء: عندما حلَّ العصر العباسي توالت سلاسل الشعراء وتأثرهم ببعضهم، ولكن ظهر في هذا العصر الحرص على تكوَّن أساليب وتجارب شعرية مستقلة خاصة بهم، ويعتبر هذا العصر هو عصر بروز تجارب جديدة في جميع اتجاهات الشعر الفنية.
وهذا ما حققه العباسيون بالفعل إذ يعتبر بشار أبُ الشعراء المحدثين، حيث أنه قام بوضع أسس شعرية اتبعه من جاء بعده وسميت آنذاك معهد المولدين.
ومن جهة سلاسل الشعراء فليس هناك سلاسل شعراء لشعراء الأندلس أو حتى معاهد كما وجدت في المشرق، بل كانت في الأندلس عبارة عن مجالس وحلقات مبعثرة هنا وهناك.
وفي هذا العصر لم تروى أبيات شعرية إلا ما تم اسناده إلى بن زياد فاتح الأندلس وبعد ذلك اسم الشاعر أبي الخطار، وبعدهُ يبرز بن الصمة وكان مختص بمدح الصميل، وورد شعر شعراء أمويين في عهد الداخل، ومن أشهرهم عبد الملك، وحبيب بن عبد الملك وغيرهم، ويُرى في شعر الأمراء شعرًا غير فني إلا القليل منه.
2ـ التجارب الشعرية: تفرد شعراء المشرق بأساليب وتجارب شعرية متطورة ومتميزة، ومن غير الممكن بل من المستحيل أن يكون شعرهم نسخ مكرر من غيرهم، ولم يظهر في شعراء المشرق شاعرًا أطلق على نفسه اسم شاعر آخر، على الرغم من تأثرهم الشديد بشعراء قدامى مثل عنترة وزهير.
قام بعض شعراء المشرق بتشكيل معاهد ومدارس خاصة بهم مثل مدرسة المولدين لبشار، ومعهد البديع لأبي تمام، وكان للبحتري معهد عمود الشعر وغيرها الكثير من المعاهد والمدارس المشرقية.
ولا يظهر ذلك في أهل الشعر الأندلسي فهم منفصلين لا يرتبط شاعر منهم بشاعر آخر، ولا يوجد لهم طابع وأسلوب خاص يتميزون به عن غيرهم حالمين إلى بلوغ المنازل التي وصل إليها شعراء المشارقة، وها نحن نرى ابن شهيد يترك مظاهر بلاده الشعري في كتاب التوابع والزوابع ويتوجه إلى علم الجن ينافس فيه شعراء المشرق جاعلًا إياه مقياس لتفوق.
نستطيع القول بأن أغلب شعراء الأندلس هم تلاميذ للمشارقة، يقلدونهم ويتتبعونهم ويسمون أنفسهم بهم مثل بحتري الأندلس، متنبي الأندلس، في القرن الرابع بدأ الشعر الأندلسي بالتكون، وبدأ بالاستقلال مستمد ألفاظه وتشبيهاته من جمال البيئة، وأطباع المجتمع الأندلسي.
المشترك بين الشعر الأندلسي والشعر العباسي
1ـ الثقافة العربية: قام كلا الشعرين مستندين على الثقافة والتراث العربي سواء من لغة أو من حيث التاريخ، عادات وتقاليد، لقد استقى كلا الشعرين من هذا المعين في نتاجهم الشعري.
2ـ الثقافة الشعرية: اشترك الشِعْرين من حيث قوانين الشعر ومادته ومحتواه، فلا نجد فرق بينهم في الأحكام، ولا فرق في طريقة عرض هذا الشعر، ولقد تمسك شعراء الأندلس بهذه الأحكام؛ لأنهم استقوها من أهل المشرق.
وفي النهاية نستنتج أن هناك علاقة وارتباط وثيق بين الشعر الأندلسي والشعر العباسي، وهناك ما هو خاص تفرد به شعر كل عصر، وهناك ما هو مشترك بينهم.