” خلق الله لنا أذنين ولساناً واحداً لنسمع أكثر مما نقول”.
من أقوال أب الفلسفة الإغريقية – سقراط.
ميلاد ونشأة الفيلسوف سقراط:
ولد الفيلسوف سقراط عام 470 ق.م في أثينا، لأباً يعمل في النحت وأماً تعمل قابلة، وتوفي عام 399 ق.م حيث حُكم عليه بالإعدام قسراً بنبتة شوكران الأبقع السامة نتيجة الوضع السياسي في اليونان بعد أن خيروه بين المنفى وبين الإعدام قسراً، وروي أنه كان قبيح المنظر ذو عينين غائرتان وأنف أفطس وشفاه غليظة.
ومن سماته الشخصية أنّه متفائل، حيث كان يعزي سبب تفائله وسعادته لعدة أسباب ومنها أنّه ولد إنساناً وليس حيواناً، وأنّه وُلد رجلاً وليس امرأة، وأنه أيضاً ولد يونانياً وليس بربرياً، وقد عمل في مهنة أبيه في النحت في فترة شبابه ثم توجه نحو تعلم الفلسفة، فكانت حصيلته الفلسفية على يد أستاذه بارمينيدس الذي وضع أساس فلسفته وطورها بعلمه وفكره.
فلسفة سقراط:
كان سقراط مختلفاً عمّا قبله من الفلاسفة بأنّه نجح في تحويل الفلسفة من البحث في الطبيعة الى البحث في النفس الإنسانية والتصورات الأخلاقية، واستخدم أسلوب المنهج العقلي والتأملات ولم يكن يفضل أسلوب التجريب والذي يعتمد على المشاهدة واستخدام الحواس للوصول الى المعرفة والحقيقة التي يسعى خلفها.
المنهج السقراطي:
أما المنهج السقراطي الذي ينسبه أرسطو إليه، هو الأسلوب الذي اعتمده سقراط في الوصول إلى المعرفة، وهو أسلوب يعتمد على الحوار، حيث يرى سقراط أنّ الحوار هو الطريقة المثلى للوصول الى المعرفة والحقيقة، ويمر بمراحل وهي:
- تحديد المشكلة بشكل دقيق وذلك بجمع مجموعة أسئلة باستخدام صيغة السؤال ” ما هو؟”.
- الوصول إلى إجابات واضحة لكل سؤال بشكل متتابع، وتحديد التناقضات التي توصل إليها، وتعد من أهم المراحل في أسلوب الإستقراء السقراطي.
- مرحلة التفنيد والوصول الى إدراك وشعور المتحدث بالجهل، حيث كان سقراط يستعمل كلمة التهكم وذلك بتوجيه مجموعة من الأسئلة الى الشخص الذي يسأل عن موضوع معين مع اصطناع الجهل بالموضوع لكي يصل في نهاية المطاف الى إدراك جهله لهذا الشخص، وبالتالي الوصول الى حل منطقي للمشكلة المطروحة.
وهناك أسلوب آخر للتفكير والنقد استخدمه سقراط في فلسفته وهو أسلوب التوليد للوصول الى الحقيقة والمعرفة، بتوجيه الأسئلة إلى نفوس الخصوم بطريقة منطقية وترتيب للأفكار فتتولد المعاني من النفس الموجودة في الأصل هناك، فيتم استنباط واستخراج المعرفة بطريقة واحدة ألا وهي الحوار.
النظرة الأخلاقية وطريقة الوصول الى الفضيلة:
يرى سقراط أنّ في العلم فضيلة وفي الجهل رذيلة، وهنا يريد سقراط أن يوصل بالفرد أنّ جهله هو ما يجعله يتورط في الرذيلة، وأنه إذا علم الفرد بالشر الذي يلحقه نتيجة الرذيلة لما كان ارتكبها، وليس من المعقول أن يتخلى الفرد عن سعادته نتيجة جهله بالخير الذي يتحد ويرتبط مع السعادة إذا سعى للوصول إليها.