لكل الشعوب التي رسمت الخطى على أطراف هذه البسيطة الإرث الثقافيّ الخاص، والذي يجعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، وفيما يلي سيتم ذكر قصة المثل العربي الشهير، هو: “دخول الحمام ليس كالخروج منه”.
أصل مثل: “دخول الحمام مش متل خروجه”:
قد يسمع المرء هذا المثل، في الكثير من الأحيان خلال تفاصيل يومه وفي مواقف معينة، وبشكل خاصّ حين يغير أحدهم موقفه بعد ما حصل على ما يريد، وأما أصل هذا المثل فيرجع إلى تاريخ الدولة العثمانية، وتحديدًا في الوقت الذي انتشرت فيه الحمامات العامة، والتي لا يزال لها وجود حتى يومنا هذا، وإن كان بعدد قليل، وفي الحقيقة أنّ هناك قصة وراء شيوع مثل “دخول الحمام مش متل الخروج منه”، ولا ننسى أن الأدب بشكل عام قد تأثر باختلاط الشعوب العربية بثقافات عديدة؛ وذلك بسبب مرورها بأنظمة حكم متنوعة على مدار التاريخ.
قصة مثل: “دخول الحمام ليس كالخروج منه”:
في أحد الأيام قرر أحد الرجال العثمانيين أن يفتتح حمامًا تركيًّا جديدًا، وكي يجذب الزبائن إلى الحمام بطريقة مبتكرة، أمر أحد الخدم أن يعلّق لافته كبيرة، وقد كُتب عليها: “دخول الحمام مجاناً”، ذاع صيت الحمام الجديد فى البلدة بأكملها، وما كان من الناس إلا أن تهافتوا عليه، وبعد أن يدخل الزبائن إلى الحمام، كان يحتجز الرجل ملابسهم، وبعد أن ينتهى الزبون، و يقرر أن يخرج، يرفض صاحب الحمام تسليم الملابس له إلا بعد أن يدفع مقابل استخدام الحمام.
فوجىء الزبائن ودُهشوا من تراجع الرجل “صاحب الحمام”، عمّا أعلنه على اللافتة، بأن دخول الحمام بالمجان، ولما واجهه الناس بما كُتب على الباب، ردّ قائلًا: “دخول الحمام مش زي خروجه”، وهكذا أصبح ردّ صاحب الحمام مثلًا يتداوله الناس إلى يومنا هذا؛ وذلك عندما يتورط شخص فى مشكلة، بالرغم من أن بدايتها لم تكن تنبئ بنهايتها.