خصائص الشعر الوطني

اقرأ في هذا المقال


الكلام المنظوم المتعلق بالوطن نوع من أشكال الشعر المشرقي يتكلم عن عشق البلاد، ويوضح من خلاله جماله وقيمته ويبكيه إذا حلّت به المآسي، ويدافع عنه بكلمات صادرة من الأفئدة ويُظهر فيه رفض الذل والخنوع للأعداء، وفي هذا المقال سنتحدث عن هذا الشعر ونذكر سماته وأبرز الأشعار الوطنية.

ظهور الشعر الوطني

برز الشعر الوطني في العهد الحديث لعدة أسباب من أهمها غربة الأدباء عن بلادهم، أو مشاهدة بلدهم يقع تحت الاستعمار، مما يجعل الشاعر ينظم المقطوعات بأروع الكلمات الصادقة النابعة من الأفئدة.

إن عشق البلاد فطرة وهو مزروع في القلوب، وكيف لا وفيه خرجنا للحياة وعلى أرضه حبونا وتحت سمائه كبرنا وحلمنا، والشخص لا يفهم هذه الرابطة بينه وبين موطنه إلا إذا ابتعد عنه وانكوى بنار الشوق له، فيكتب كلماته ويعبر عن مشاعره واشتياقه ومدى الحرقة والألم الذي يعتريه جراء هذا البعد، ومثال على هذه الكلمات ما خطّه قلم السيّاب وهو يعاني من ألم الغربة في قصيدته ” لا غريب على الخليج ” : 

جلس الغريب، يسرّح البصر المحيّر في الخليج

و يهدّ أعمدة الضياء بما يصعّد من نشيج

أعلى من العبّاب يهدر رغوه و من الضجيج

صوت تفجّر في قرارة نفسي الثكلى : عراق

كالمدّ يصعد ، كالسحابة ، كالدموع إلى العيون

الريح تصرخ بي عراق

أهمية الشعر الوطني

1- دفع البشر وتشجيعهم من أجل الدفاع عن بلادهم وتخليصها من الظلم والاستبداد وتحريرها من الاستعمار.

2- نشر الأمل والتفاؤل في قلوب المجتمعات وقدرتهم على فكّ قيود العبودية.

3- توضيح قيمة الحرية والاستقلال وأهمية العدل والإدارة.

4- حثّ المجتمع لثورة والنهوض من أجل الكفاح والدفاع عن البلاد.

5- تهديد العدو الغاصب وإبراز الإمكانيات الموجودة في نفوس أهل البلاد وقدرتهم على حماية وطنهم.

خصائص الشعر الوطني

1- التعلق بالبلاد: هو صفة واضحة في هذا النوع من الشعر وتتضح للأشخاص عند مفارقة الوطن، أو رؤيته يعاني من الاحتلال والظلم الذي وقع عليه فيتجه لنظم الكلام والتغني ببلاده.

2- الشوق إلى الوطن: ظهرت هذه السمة عند أهل المنفى والمهجر فيتوجه للدفاع عن بلاده ورفض الظلم والاستعمار واستنهاض الهمم من أجل الثورة وتخليص البلاد من الاستعمار.

3- تخليد البطولات: ذكر فاعليها وما قدموه من أعمال بطولية لحماية بلادهم وتخليصها من العدو، وذكراهم باقية وبطولاتهم راسخة في الألباب، تحملها الكلمات للأجيال القادمة.

4- توضيح قيمة الحرية والكرامة التي لا يستطيع البشر العيش بدونهما.

5- زرع الأمل والتفاؤل في نفس البشر بعزيمة وطنهم وقدرته على التخلص وفكّ القيود والتحرر.

6- تهديد وترهيب العدو وإطلاق الوعود له بثورات قوية تقضي على استبداده وزرع الخوف بين جنوده.

7- استنهاض الهمم ورواد الأدب هم جنود يحمون وطنهم بكلماتهم، فهي سلاح ذو حدين وبهذه الكلمات الصادقة يقوي أبناء وطنه ويثيرهم من أجل النهوض ومثال عليه ما كتبه عبد الله النديم:

إليكم يُرَد الأمر وهو عظيمُ 

فإني بكم طول الزمان رحيمُ

إذا لم تكونوا للخطوب وللردى

 فمن أين يأتي للديار نعيمُ؟

وإن الفتى إن لم يُنازِل زمانه 

تأخَّر عنه صاحبٌ وحميمُ

فرُدوا عنان الخيل نحو مُخيَّمٍ

 تُقلِّبه بين البيوت نسيمُ

وشُدوا له الأطراف من كل وجهة 

فمشدد أطراف الجهات قويمُ

إذا لم تكن سيفًا فكُن أرض وطأة

 فليس للمعلول اليدَين حريمُ

الوطنية في شعر أحمد شوقي

مقطوعاته تشع بنور الوطنية والانتماء، وهو من أبرز الأدباء إنتاجًا في هذا الموضوع وسيطرت عليه في جميع مراحل حياته، ونرى ذلك يسطع بشكل أوضح في شيخوخته حيث أجج البعد عن البلاد قريحته وأبدع بمقطوعات ومن أجمل ما نظمه في عشقه لوطنه:

قُل لِبانٍ بَنى فَشادَ فَغالى

لَم يَجُز مِصرَ في الزَمانِ بِناءُ

لَيسَ في المُمكِناتِ أَن تُنقَلَ الأَجبالُ

شُمّاً وَأَن تُنالَ السَماءُ

أَجفَلَ الجِنُّ عَن عَزائِمَ فِرعَونَ

وَدانَت لِبَأسِها الآناءُ

شادَ ما لَم يُشِد زَمانٌ وَلا أَن

شَأَ عَصرٌ وَلا بَنى بَنّاءُ

هَيكَلٌ تُنثَرُ الدِياناتُ فيهِ

فَهيَ وَالناسُ وَالقُرونُ هَباءُ

وَقُبورٌ تَحُطُّ فيها اللَيالي

وَيُوارى الإِصباحُ وَالإِمساءُ

أهم شعراء الشعر الوطني

1- أحمد شوقي.

2- نزار قباني.

3- بدر شاكر السياب.

4- أبو القاسم الشابي.

5- نازك الملائكة.

6- محمود درويش.

نماذج على الشعر الوطني

1- قال أحمد شوقي:

 يا أيها السائل ما الحرية 

سالتَ عن جوهرة سنية

 تضئ أرواحًا لنا زكية

 يا نعمة الحياة بالحرية

 لذاذة طاهرة نقية 

تبعث في قلوبنا الحمية

 تبعث فيها الهامة الأبية 

وتأنف المواقف الدنيّة

 وتألف المنازل العلية 

العز كل العز في الحرية

2- وأيضًا القصيدة الدّمشقيّة المشهورة لِـ نزار قباني حيث يقول:

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ 

إنّي أحبُّ وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ

 أنا الدمشقيُّ لو شرّحتمُ جسدي

 لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ

 ولو فتحتُم شراييني بمديتكم

 سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا

 زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا

 وما لقلبي إذا أحببـتُ جـرّاحُ

3- محمود درويش  في” أحبك أكثر”:

 تَكَبَّرْ…تَكَبَّر!

 فمهما يكن من جفاك

 ستبقى، بعيني ولحمي، ملاك 

وتبقى، كما شاء لي حبنا أن أراك

 نسيمك عنبر وأرضك سكَّر

 وإني أحبك… أكثر

وفي النهاية نستنتج إن الكلام المنظوم المتعلق بالوطن صادر من العواطف والمشاعر الجياشة التي تختلج صدور الأدباء المغتربين أو حتى المقيمين في أوطانهم، لكنهم عانوا من رؤيته مكبل بقيود الاحتلال فدفعهم ذلك باستخدام أسلحتهم من الكلمات محاولين الدفاع عنه واستنهاض الهمم من أجله، أمثال السيّاب وأحمد شوقي وغيرهم.


شارك المقالة: