يُعرف توماس هاردي وهو من مواليد مملكة بريطانيا العظمى من الروائيين الذين تطرقوا للحديث عن الواقع عبر رواياتهم، وهو من أبرز كُتاب العصر الفيكتوري، تُعتبر رواية بعيداً عن صخب الناس من الروايات التي تم إصدارها في البداية على شكل أجزاء متسلسلة في إحدى المجلات دون ظهور اسم المؤلف في ذلك الوقت، وكانت قد لاقت قبولاً ونجاحاً عام 1895م، مما جعله يقوم بإطراء بعض التعديلات عليها وإعادة نشرها في عام 1901م.
رواية بعيداً عن صخب الناس
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية حول شخصية شاب راعي أغنام يدعى غابرييل أوك، حيث كان شاباً نشيطاً يعمل على ادخار بعض الأموال ومن هنا وهناك تمكن من عمل مزرعة لتربية المواشي، وفي أحد الأيام جاءت فتاة جميلة للغاية تدعى باتشيبا للعيش مع عمتها التي تعرف باسم السيدة هورست في ذات المنطقة التي يقطن بها غابرييل، ومن هنا بدأ غابرييل يعجب بالفتاة شيئاً فشيئاً وهي كذلك كانت تبادله ذات الشعور.
حتى وصل بها في أحد المرات أن تعرض نفسها للخطر من أجل إنقاذ حياته، حتى جاء اليوم الذي قام به غابرييل بطلب يدها، لكن مما تفاجئ به غابرييل أنها قابلت عرضه بالرفض، وقد كان سبب رفضها هو أنها لا تحب أن ترتبط بأي شخص كان، فهي تحب أن تكون مستقلة بذاتها، وهذا الأمر يعارضه الكثير من صنف الرجال، وهنا تفكر باتشيبا في الانتقال إلى ماكن آخر للعيش فيه، إذ تحزم أغراضها وتتجه نحو على مدينة ويذبري، وتلك المدينة ليست ببعيدة على المنطقة التي كانت تعيش فيها مجرد أميال قليلة.
تبدأ أحوال غابرييل تسوء شيئاً فشيئاً، وقد كان هذا كله بسبب قيام أحد الكلاب التي كانت جديدة في المرعى بسوق الأغنام إلى منطقة منجرفة وخطيرة، إذ تبدأ الأغنام بالموت واحدة تلو الأخرى فيخسر غابرييل كل أغنامه، يقوم غابرييل بتسوية القروض التي كانت عليه، وسداد أموال الناس، مما يجد نفسه في أحد الأيام لا يملك قرشاً واحداً، حينها يعزم على الرحيل من تلك المنطقة، إذ يقرر الذهاب إلى مدينة كاستبريدج في البداية ومن هناك يسعى في الذهاب إلى إحدى المدن التي تعرف باسم شوتسفرد.
فقد كانت تلك القرية ليست بعيدة عن مدينة ويذبري التي كانت تعيش فيها باتشيبا، وأثناء سفره يصادف حريق كبير يكاد يقضي على مزرعة كاملة، مما جعله يقوم على الفور بإنقاذ المزرعة حتى يخمد النار بأكملها، وعند مجيء صاحب المزرعة حتى يتشكر غابرييل على جهوده، إذ تفاجئ غابرييل بأن صاحبة المزرعة هي باتشيبا، فقد صرحت أنها قامت بورثة المزرعة عن عمها، وكجزاء لغابرييل على جهوده قررت عرض عليه أن يقوم بالاهتمام بالمزرعة مقابل مبلغ من المال.
ومع مرور الأيام تحظى باثشيبا بأحد المعجبين يدعى بولدوود، وهو أحد المزارعين المحليين يشارف على عمر الأربعين، حيث بدأت مشاعره تتحرك نحو باثشيبا بعد رسالة أرسلتها له في عيد الحب، بينما تلك الرسالة كانت مزحة من باثشيبا، لكن بولدوود لم يكن يعلم أن تلك الرسالة عبارة عن مزحة من باثشيبا، فسرعان ما يقوم بولوود بطلب الزواج من باثشيبا.
وعلى الرغم أنها كانت لا تكن له أيّ مشاعر، لكنها كانت تتردد في قبول عرضه، فحسب اعتقادها أنّ بولدوود هو الزوج الأكثر تناسباً لها في المنطقة، حيث طلبت منه وقتاً للتفكير في الأمر، وهنا أخذ يعيب غابرييل على تصرفات وسلوكيات باثشيبا، مما جعلها تقود بطرده على الفور، وفي تلك الأثناء تصاب أغنامها بمرض خطيرة، وتعرف أن غابرييل هو الشخص الوحيد الذي يمكنه إنقاذها من الكارثة، فتتوسل إليه من أجل العودة إلى المزرعة والرجوع إلى وظيفته فيها.
ومع مرور الأيام يرجع إلى مدينة ويذبري رقيب وسيم يدعى فرنسيس، فهنا كان مسقط رأسه، ومن محض الصدفة يلتقي في أحد الأيام ما باثشيبا، وسرعان ما تعجب به بعد تقديمه لعرض في مهارات السيف، وتبدأ العلاقة بينهم، مما يزيد من توتر بولوود، كما قام غابرييل بتحذيرها من استمرارية العلاقة بينها وبين تروي، لكن العشيقان ذهبا إلى مدينة باث وتزوجا هناك، وعند عودتهم عرض بولوود مالاً على تروي؛ من أجل الابتعاد عن باثشيبا، لكن تروي وباثشيبا كان قد تم زواجهما، حينها يشعر بولوود أنه قد استهانوا به ويفكر في الانتقام.
ويوم بعد يوم تشعر باثشيبا أن تروي لا يحبها وهو رجل مهمل بكافة الشؤون ومن ضمنها المزرعة، وبالفعل تروي كان يحب فتاة تدعى فاني روبين وهي فتاة تعمل في مزرعة باثشيبا، لكن ما حدث قبل الالتقاء باثشيبا، كان تروي يعزم على الزواج من فاني، التي هربت من بيت عائلتها، للزواج من تروي في كنيسة، لكن من سوء الحظ تاهت فاني وتوجهت إلى كنيسة أخرى، إذ يستمر تروي في الانتظار أمام المذبح فقد كان يظن أن فاني قامت بخداعة وتخلت عنه.
بعد مرور عدة أشهر من على زواج تروي يلتقي بالصدفة بفاني، وتحدثه عن ما حصل معها، وأنها حامل بطفله، وهنا بدأت حالة فاني تسوء أكثر فأكثر، حتى اضطرت للذهاب إلى بيت عمل في مدينة كاستربريدج، فيقدم تروي كل ما كان في جعبته من نقود إلى فاني، وحينها طلب منها الانتظار في بيت العمل لعدة أيام فقد وعدها بتقديم المساعدة لها، وأثناء طريقها إلى بيت العمل، جاء موعد ولادتها فتودع الحياة هي وطفلها، وفي ذلك الوقت يتم إرسال جثة فاني وطفلها إلى ويذبري، وهنا تعرض باثشيبا بقاء الجثث في منزلها بما أن فاني كانت إحدى العاملات في المنزل، ولم تكن تعرف في الحقيقة أنه يوجد جثتين وليست جثة.
وفي تلك الأثناء كانت سيدة تدعى ليدي تعمل عاملة في بيت باثشيبا، بعد مغادرة الجميع تقوم بإخبار باثشيبا حول علاقة كانت بين فاني وتروي، وأنها أنجبت طفلاً منه، حينها تأخذ باثشيبا بالفتح عن الجثث، لتندهش بوجود جثة أم ورضيعها، وهو في الحقيقة طفل زوجها تروي، وفي تلك الأثناء رجع تروي من كاستربريدج، فقد كان ذهب هناك للوفاء بوعده لفاني، وإذ به ينفجع بما يراه أمامه، ويقوم على الفور بتقبيل جثة فاني، تنأى به باثشيبا عن فعل ذلك، لكنه يرد عليها بكلام جارح حيث قال: تلك المرأة تعني لي وهي متوفية أكثر بكثير منك وأنتِ على قيد الحياة.
وبعد مرور وقت قليل عزم تروي على مغادرة البيت، إذ لم يقوى على الاستمرار في تلك الحياة بعد وفاة فاني، وبعد مرور أيام قليلة يتم العثور على ملابس تروي على ضفاف البحر، وهنا ينتشر خبر وفاته، ثم بعد ذلك تعي باثشيبا أنّ المشاعر الحقيقية التي كانت تكنها في داخلها هي لغابرييل، الذي طالما كان مخلص ووفي لها، لكن غابرييل كان في ذلك الوقت قد قرر أن يهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فتحاول باثشيبا رده عن الهجرة، وهنا طلب أن يكون المقابل الموافقة على الزواج منه.