يُعدُّ الشعر الجاهلي تراثاً عربياً و أدبياً مُهمّاً، حيث يسرد لنا أحداثاً تاريخية مُهمّة، ويبعث لنا صورة مُهمّة لنا عن ذلك العصر، حيث تعدّدت الأغراض الشعرية للشعر الجاهلي ومنها: الرثاء والغزل، المدح والحكمة، والفخر والهجاء وغيرها من الأغراض التي اتبعها الشعر الجاهلي، حيث يتميّز الشعر الجاهلي هو الوقوف على الأطلال و التغني بها ومن ثمّ ينتقل الشاعر إلى الغرض من هذا الشعر .
وقد برز في العصر الجاهلي العديد من الشعراء المرموقين والذي يتردّد شعرهم بيننا إلى يومنا هذا ومنهم :
امرؤ القيس
اسمه :
هو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر بن عمرو بن معاوية بن الحارث الأكبر. وهو من قبيلة كندة .وكندة قبيلة يمنية،كانت تسكن قبل الإسلام غربي حضر موت.
ولادته :
ولد امرؤ القيس في القرن السادس ميلادي، في منطقة نجد شمال الجزيرة العربية، وذكر أن والدهُ هو حجر بن الحارث الذي كان ملكاً على قبائل الأسد، وأنَّ والدتهُ هي فاطمة بنت ربيعة التغلبي.
مضى امرؤ القيس حياته منتقماً لوالدهِ الذي توفي بسبب اغتيال قبيلة الأسد لهُ حيث قرَّر في ذلك الوقت التَّخلّي عن النبيذ والنساء، وذكر أنه قال :”ضيّعني أبي صغيراً، وحَمّلني دمَهُ كبيراً، لا صحو اليوم، ولا سكر غدا، اليوم خمر، وغدا أمر”. وحارب قبيلة الأسد حتى انتقم منهم و أكمل حياته مُضياً في استعادة مُلكَ والدهِ.
بدأ امرؤ القيس كتابة وتأليف الشعر منذ الصغر، حيث كان والدهُ معارضاً لهذا الأمر معتقداً أنَّ الشعر هواية غير مناسبة لابنه في كونه ابن مَلِك القبائل .
شعرهُ:
يعتبر أول شخصية أدبية عربية كبيرة، لا يزال “امرؤ القيس ” أشهر الشعراء الجاهليين، أجمع الكثير من الشعراء أنَّ امرؤ القيس أحدث أشياءً كثيرة في عصره، حيث تفرَّد في أسلوب بليغ لا يشبهُ أحد، حيث شملت قصائده استدعاء أصحابه للتَّوقف والبكاء على أنقاض المخيمات المهجورة.
من شعر امرؤ القيس:
ترى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصاتِها
وقيعانها كأنه حبَّ فلفل
كأني غَداة َالبَيْنِ يَوْمَ تَحَمَلّوا لدى
سَمُراتِ الحَيّ ناقِفُ حنظلِ
وُقوفاً بها صَحْبي عَليَّ مَطِيَّهُمْ
يقُولون لا تهلكْ أسى ً وتجمّل
وفاته :
توفي امرؤ القيس في مدينة أنقرة في تركيا المعاصرة، و توفى عام 560م-80 ق. هـ بعد أن غادر القسطنطينية، حيث سافر ومرض بالقرب من مدينة أنقرة وبقي هنلك حتى مات، ويقول بعض المؤرخين أنَّ امرؤ القيس توفي أثر مرض جلدي مزمن، وقد ذكر هذا المرض في أحد الأبيات في قصائده .
طرفة بن العبد
اسمهُ :
هو الشاعر عمرو بن العبد، وطرفةُ لقبٌ أطلق عليه، كان في صِغَرهِ عاكفاً على حياة اللَّهو، حيث كان ينفق أمواله على الخمر، وينتمي إلى عائلة معروفة و مشهورة بكثرة شعرائها، وكان جريئاً على الهجاء وذلك بسبب مكانته المرموقة بين قومه، ولكن موت أبويهِ جعلهُ مظلومًا، حيث رفض أعمامهُ أن يقسموا لهُ مال أبيه، وظلموهُ ممّا جعلهُ يخرج عنهم، ويتركهم، وعندما اشتدّ عليه التمرُّد عاد إلى قبيلتهِ، وأصبح يرعى إبل أخيهِ معبد التي ما لبث إلى أن سُرقت منه، وقصد بعدها ابن عمّهِ مالك الذي نهره، لذلك عاد مُجددًا إلى الغزو.
ولادته :
ولد في البحرين عام 543م
شعره:
ترك طرفة ديواناً شعريّاً كان أشهر ما فيه المعلقة، كما يحتوي على 657 بيتاً شعريّاً، والمعلقة البالغ عدد أبياتها 104 أبيات المنظومة على البحر الطويل، ومن أشهر موضوعات المعلقة:
- وصف الناقة.
- التعريف عن نفسه،ومعاتبة ابن عمه بعد ذلك.
- الغزل.
- الوقوف على الأطلال في وصف خولة.
- ذكر الموت.
- ووصيةٌ لابنة أخيهِ أن تندبهُ بعد موتهِ.
وفاته :
ذهب طرفة إلى الملك عمرو بن هند في بلاط الحيرة، وكان هناك أيضاً خالهُ المتلمس (جرير بن عبد المسيح)، حيث كان طرفة في صِباه شابًا مُعجبًا بنفسهِ، يختال في مشيتهِ، فمشى تلك المشية مرةً بين يدي الملك عمرو بن هند الذي جعلهُ ينظر إليه نظرةً قويّة شريرة، وكان خاله حاضراً، فلمّا قاموا من الجلسة قال المتلمس لطرفة: (يا طرفة إنّي أخاف عليك من نظرته إليك). فردّ عليه طرفة قائلاً: كلا…، وبعد ذلك كتب الملك عمرو بن هند لكلٍّ من طرفة والمتلمس كتباً، وبعثه مع عامله في البحرين، وعُمان اسمه المكعبر، وكانا يسيران في أرضٍ قريبةٍ من الحيرة، وتبادلا هناك الحديث مع شيخٍ في تلك المنطقة، ونبّهه الشيخ المتلمس إلى فحوى الرسالة، وكان حينها المتلمس لا يعرف القراءة، ولذلك استدعى غلاماً من أهل الحيرة ليقرأ كتاب الملك له، فقرأ فيها: (باسمك اللهمّ… من عمرو بن هند إلى المكعبر،إذا أتاك كتابي هذا من المتلمس فاقطع يديه، ورجليه، وادفنه حيّاً)، ممّا جعل المتلمس يلقي الكتاب في النهر، ثمّ دعا طرفة أن يطّلع على فحوى الرسالة التي يحملها، ولكنه لم يفعل وسار حتّى قدم عامل البحرين، وأعطاه الرسالة، فلمّا قرأ المكعبر ما جاء في الرسالة طلب من طرفة الهرب، وذلك لما بينه وبين الشاعر من نسب، ولكنهُ رفض، وحبسهُ الوالي، وكتب إلى عمرو بن هند قائلًا: (ابعث إلى عملك من تريد، فإني غير قاتله)، فبعث ملك الحيرة رجلاً من تغلب، وأُخذ طرفة إليه فقال له: (إني قاتلك لا محالة، فاختر لنفسك ميتةً تهواها)، فردّ عليه طرفة وقال له: ( إن كان ولا بدّ من ذلك فاسقني الخمر، واقتلني)، ففعل ذلك، ومات طرفة عن عمر 26 عامًا، ولذلك سمي بالغلام القتيل.