من أكثر الأماكن التي تحدث فيها قصص جحا هي السوق، فتجواله فوق حماره بالسوق من أكثر الهوايات المحببة لديه، وسنحكي في قصة اليوم عن أحد الأمور التي حدثت مع جحا والتجار والتي تدل على الدهاء والذكاء الذين يمتلكهما جحا.
جحا مع أهل السوق:
كان جحا يسير على حماره ويمشي في السوق، وكان كلما مر بمحل من محلات السوق يسأل عن الأسعار ولا يشتري، غضب أهل السوق من هذا الأمر وبدا عليهم علامات التضايق من جحا وتصرفاته، فاجتمعوا بيوم من الأيام وقرّروا أن يلقنّوا جحا درساً لن ينساه، فقرّر واحد من الباعة أن يكون بانتظار جحا، فجاء يوم من الأيام وجاء جحا ووقف عند أحد الحوانيت.
وكالعادة أراد جحا أن يسأل عن سلعة معيّنة، وعندما انخفض ليمسك السلعة إذ بالبائع جاءه من خلفه، وقام بلطمه على قفاه بطريقة قوية، ولكن جحا تمالك نفسه في آخر لحظة ووقف وعندما التفت أراد أن يضرب البائع الذي لطمه، ولكن سرعان ما تظاهر هذا البائع بأنّه لا يقصد ذلك وأنّه كان يظن أن جحا رجل آخر كان قد سرق منه بضاعة منذ وقت طويل، وأن جحا يلبس ملابسه تشبه ملابسه كذلك، وحتّى أنّه يلبس عمامة كذلك وقال لجحا: أرجوك سامحني.
فكّر جحا بالأمر قليلاً، ثم قرّر أن يضرب هذا البائع لأنّه شعر بأن هنالك خدعة ما، ولكن التجّار حاولوا منعه وشهدوا مع البائع، فقال لهم جحا أريد رجلاً حكيماً ليحكم بيننا، فقاموا باختيار رجل أكثر التجار قيمة في السوق، ولكن من سوء حظ جحا أن هذا التاجر يكره جحا كذلك وكان غاضباً من أسئلته المزعجة أيضاً.
سأل هذا التاجر البائع الذي لطم جحا عن سبب لطمه لجحا فأجابه: لقد ظننته اللص الذي سرقني منذ فترة، وهذا لتشابه اللباس بينهما، فسأله التاجر: هل طلبت السماح من جحا إذاً، فقال له البائع: نعم لقد فعلت، فسأل التاجر جحا: ألم تقبل الاعتذار والصفح عنه، فقال له جحا: لا لن أقبل، فقال التاجر إذاً هل تقبلان بحكمي؟ فقال له جحا: نعم أوافق وسأشهد التجار الموجودين على ذلك، فطلب التاجر من البائع الذي لطم جحا أن يدفع له عشرون ديناراً ثمناً لما قام به، فقال له البائع: أنا لا أملك هذا المبلغ في الوقت الحالي.
فقال له التاجر: اذهب إلى بيتك وأحضر المبلغ على الفور، فوافق البائع وذهب ليحضر المبلغ، وبقي جحا والتاجر والموجودين بالانتظار، ولكن هذا البائع لم يعد فقد مضى وقت طويل بالانتظار، غضب جحا كثيراً وقرّر جحا أن يلطم التاجر فلطمه لطمة قوية حتى وقعت عمامته على الأرض، وقال له: عندما يأتي غريمي خذ النقود لك بدلاً لك عن هذه اللطمة.
تفاجأ الجميع من دهاء جحا حينما استطاع كشف خدعتهم، فقال لهم: ما دام أن هنالك أحد متضايق مني فليقل لي وينصحني، أمّا أن تتفقوا علي وتقوموا بجعلي أضحوكة فهذا لا يجوز، وانصرف جحا ملقنّاً هؤلاء التجار درساً لن ينسوه بدلاً من الدرس الذي كانوا يريدون تلقينه له.