تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول المهاجرين الذين قدموا إلى الولايات المتحدة الأمريكي في بداية نشأتها، ومن بين هؤلاء المهاجرين كان هناك مجموعة من القوافل التي اختارت طريق مختصر من أجل الوصول قبل فصل الشتاء، إلا أنهم اكتشفوا أنهم ساروا في الطريق الخاطئة المليئة بالوحوش والأشباح، وعلى إثر ما حدث معهم تحولوا في النهاية إلى آكلي لحوم البشر من شدة الجوع، وقد تم تجسيد هذه القصة في واحد من الأفلام السينمائية العالمية عام 2010م.
قصة رحلة الموت
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أنه في يوم من الأيام في الفترات القديمة التي بدأت تنشأ بها الولايات المتحدة تجمعت أعداد هائلة من المهاجرين البيض القادمين من شتى بقاع الأرض على السواحل الشرقية للمنطقة، وقد كان ذلك الأمر تسبب في ضيق الحال وانتشار الأمراض وغيرها الكثير من الأمور التي جاءت بها تلك الهجرة، وعلاوة على ذلك كله كان هناك العديد من المحتالين والسماسرة بين الحشود الذي جاؤوا بفكرة أن الجانب الغربي من تلك المنطقة زاخرة بالمعادن والثروات التي لا تحتاج منهم سوى لبعض الأدوات التي تنطلق بين أيديهم، وقد اعتقدوا أنه بعد ذلك سوف تنتثر فوق رؤوسهم المال والثروات التي سوف تنقلهم من تلك الحال البائسة إلى حال أفضل.
وفي ذلك الوقت كان من بين تلك القوافل المهاجرة قافلة مكونة من تسع عربات، وعلى متن تلك العربات ما يقارب ثلاث وثلاثين نازح، ومن بين هؤلاء النازحين كانت هناك مجموعة من الأفراد وهم من عائلة واحدة وهم من المزارعين، وأكبرهم يدعى جورج وشقيقاه الاثنان بالإضافة إلى واحد من جيرانه، وتلك القافلة قرروا الانطلاق باتجاه نحو المناطق الغربية من البلاد، وفي تلك الأثناء كانت الخطة التي وضعوها تحتاج إلى ما يقارب الأربع شهور من أجل الوصول إلى تلك المناطق، وكانوا جميعهم على علم تام بأهمية الفترة الزمنية للانطلاق والوصول؛ وذلك حتى لا يضطرون إلى مواجهة الطقس الشتوي القارص.
وفي لحظة من اللحظات انطلقت القافلة بين آلاف القوافل، ولكن ما حدث هو أنه في منتصف رحلتهم اتخذ جورج قرار خاطئ وهو أنه تخلى عن أكبر قافلة كانوا يسيرون على أثرها، وانطلق ومن معه في طريق اعتقد أنه سوف يختصر لقافلته تلك المسافات الطويلة، ولكن من سوء حظه لم يكن موفق في هذا القرار كما اعتقد.
وفي تلك الأثناء ما زاد من سوء اختياره هو أنه تبعه مجموعة من القوافل وقد ساروا على أثره، لتصبح القوافل التي سارت خلفه ما يقارب السبع وثمانين قافلة، وتلك القوافل تحمل على متنها أعداد كبيرة من النازحين، ولكنهم بعد مضيهم في مسافة قصيرة دخلوا في طريق إحدى الجبال والتي تشتهر باسم جبال الملح، وهناك في تلك الجبال تمت مهاجمتهم من قِبل أعداد كبيرة من الهنود الحمر، والذين كانوا في تلك الفترة ناقمون عليهم، وفي تلك الفترة كانوا النازحين قد نفقت أبقارهم وخيولهم من شدة الجوع في الطريق ولا يوجد ما يأكلونه، مما اضطر الهنود الحمر لأكل بعضاً منهم.
ومن هناد بدأت الخلافات والمشاجرات بينهم لفترة، ومن ثم تمكن جورج من ترتيب القوافل ومتابعة المسير، ولكن في تلك اللحظة كل واحد منهم كان يلقي اللوم على الآخر في ضياع الطريق، وفي لحظة ما قام أحدهم بقتل رجل آخر، ويتم معاقبة القاتل بالطرد بعيدًا عن عائلته، كما أنه أثناء رحلتهم توفي أحد الأشخاص قبل أن يتم الوصول إلى إحدى المدن التي تعرف باسم مدينة نيفادا.
وخلال تلك الأحداث كانت القوافل متأخرة عن الموعد المقرر ومدته ثلاثة أسابيع، وهنا أدرك جورج بأنهم سوف يواجهون موسم الشتاء بين الثلوج في تلك الجبال، وفي تلك اللحظة أوعز إلى الجميع بأن يحاولوا المسير بشكل أسرع وبجهد أكثر؛ وذلك من أجل أن يتمكنوا من الوصول في الوقت المناسب، ولكن ما حدث هو أنه هناك إحدى القوافل التي أصابها الإعياء والتعب الشديد تمامًا، فطلبوا من جورج أن يقنطوا إلى الاستراحة قليلاً، وقد كانت ذلك الوقت في ساعات المساء المتأخرة، وقد أشاروا إلى أنهم مع بزوغ صباح فجر اليوم التالي سوف يستكملون طريقهم، وافق جورج على على مضض، ففي تلك اللحظة كان يعلم أن الثلوج لن تتوقف عن التساقط.
ومع بزوغ صباح اليوم التالي حدث ما توقعه جورج، إذ استمرت الثلوج بالتساقط طوال الليل، وبذلك تم انسداد المعبر على القافلة بارتفاع يقارب على العشرين مترًا، وبالتالي أصبحت القافلة محاصرة لا يمكنها أن تمضي قدمًا أو العودة إلى الخلف، وهنا تطوعت مجموعة مكونة من ثمانية أشخاص بالانطلاق والبحث عن أي وسيلة من أجل محاولة إنقاذهم من تلك المشكلة التي أوقعوا أنفسهم بها، وفي تلك الأثناء كانت تلك القافلة نفدت منهم المؤن كلها، إذ قاموا بذبح الأبقار والخيول وكامل الحيوانات التي رافقتهم طوال الرحلة، حتى أنهم في الكثير من الأحيان كان يضطرون إلى أكل لحاء الأشجار والسناجب والعصافير، ولكن كل ذلك لم يكفي قافلة قدرها؛ وذلك لأن عددهم يفوق الثمانين شخص نصفهم من النساء والأطفال.
وأول ما انطلقت مجموعة الإنقاذ لم يسيروا مسافة قليلة حتى ضلوا طريقهم، وفي تلك اللحظة أدركوا مدى الخطورة التي تحدق بهم، فلم يعد لديهم أي مؤن ولن يصلوا إلى أي مكان، هنا لجأوا إلى اقتراح وهو أنه من يتعب ويفشل في المسير يذبح ويؤكل، وكان ذلك الاقتراع من نصيب أحد الرجال، ولكن الرجل على الفور هرب واختبأ في الغابة، ليعثروا عليه في اليوم التالي متوفي ومتجمد من شدة البرد القارس، فقاموا بتقطيع جثته وأكلوا جزء منها، واحتفظوا بالباقي لرحلتهم.
ومنذ ذلك الوقت وبدأت تلك الحالة بالتكرر بين الحين والآخر حتى وصل الأمر إلى أحد الفتية الذي يبلغ من العمر في ذلك الوقت اثني عشر عامًا، ولكن لم يقع الاقتراح على أي من النساء اللاتي رافقن القافلة، ووصلت بعثة الإنقاذ أخيرًا إلى مكان مأهول بالسكان وسرعان ما انطلقت أربعة قوافل للإنقاذ.
ولكن في ذلك الوقت كانت الوسائل المستخدمة في الإنقاذ بدائية، وعلى طول الطريق كانوا يرتعبون مما شاهدوه من مناظر مرعبة، فقد كانت الجثث تملأ الطرقات، ومن ظل على قيد الحياة كان عبارة عن جلد فوق العظم فقط لا يكسوه أي لحم، ومنذ ذلك الحين بدأ الناجون في ممارسة طقوس أكل لحوم البشر، حتى يتم إنقاذ أنفسهم من هول المجاعات التي حصلت معهم، حتى أنه في النهاية تم قتل جورج وتناول جثته وجثة زوجته.