قصيدة - أقول لنفسي مرة بعد مرة

اقرأ في هذا المقال


نبذه عن البراق بن روحان:

أمّا عن البراق بن روحان فقد كان من أشجع فرسان قبائل ربيعة، وقد كُتِب فيه أنّ مجد ربيعة يعود إليه، وهو ابن عم وائل بن ربيعة المكنى بكليب والزير سالم، وهو أكبر منهما، وأقدم منهما في الفروسية، وقد اقتدوا به في الشجاعة، ولأنّه أكبر منهما لم يخرجا عن أمره.

قصة قصيدة “أقول لنفسي مرة بعد مرة”:

أمّا عن مناسبة قصيدة “أقول لنفسي مرة بعد مرة” فيروى بأنّ القبائل اليمنية كانت فارضة سيادتها على القبائل العدنانية، فقد كانت القبائل العدنانية تدفع لهم الجزية، وبقي هذا الحال حتى اجتمعت القبائل العدنانية، ومنها قبائل مضر وإياد ونزار، تحت راية ربيعة بن الحارث، وقرروا أن يضعوا حدًا لسيطرة قبائل اليمن عليهم، وبالفعل تواجهت القبائل العدنانية مع القبائل اليمنية في معركة السلان، واشتهر في هذه المعركة البراق بن روحان بأنّه الفارس الأول لقبائل العرب، وبعد هذه المعركة أصبحت سيادة القبائل كافة لربيعة، وكان فارسها الأول هو البراق.

وكان له ابنة عم وكان اسمها ليلى، وكانت ليلى تحبه، وكان هو الآخر يهيم بها عشقًا، وفي يوم ذهب البراق إلى عمه اللكيز وقال له بأنّ ليلى له، وأن لا يعطيها لغيره، فقال له عمه بأنّه لن يجد لها زوجًا خير منه وأنها له، وقد كان اللكيز تاجرًا كبيرًا، وكان صديقًا لملوك اليمن، حيث كان يذهب بالقوافل إليهم في كل سنة.

وفي يوم وبينما كان أبو ليلى في مجلس ملك اليمن، قال له الملك: لقد سمعت بأنّ عندك ابنة تدعى ليلى فائقة الجمال، فقال له لكيز: لقد صدقت يا مولاي، فقال له الملك: أنا أريدها زوجة لولدي، وبذلك أجعل من صداقتنا نسب بيني وبينك، فلم يستطع اللكيز أن يرفض طلب الملك، وخجل أن يقول له بأنّه قد أعطى كلمة للبراق، ووافق على أن يزوجها من ابن الملك.

وعند عودة اللكيز إلى اليمن أخبر البراق بما حصل له مع ملك اليمن، فحاول البراق أن يثنيه عن ذلك، ولكنّه رفض وأصر على أن يزوج ليلى من ابن الملك، فخرج البراق من عنده غاضبًا، وبينما هو خارج قابل ليلى، وقال لها: هل أنت راضية أن تتزوجي من ابن الملك؟، فقالت له ليلى: لا لست براضية عن ذلك، ولكني لا أستطيع أن أقول لا لأمر أبي، فقال لها البراق: في الليل خذي ما تحتاجين وقابليني عند البئر، وسوف نهرب من القبيلة، ولن يقوم أي منهم باللحاق بنا، فجميعهم يخشوني، ولكن ليلى رفضت الهروب معه، وقالت له: إن ما قاله أبي سوف يمشي علي وعليك، وإن كنت تحبني حقًا فتمنى لي السعادة، فلن أهرب معك وأفضح أبي بين القبائل.

ومن وقتها كره البراق قبيلته لأنهم لم يثنوا عمه عن قراره، وحزن لأنّهم عندما كانوا يحتاجونه في الحرب كان دائم الحضور، ولكنّه عندما احتاجهم لم يساندوه، فقام باعتزال العرب، وخرج إلى الجبال، يهيم على وجهه، وبينما كان البراق في عزلته وقعت معركة بين قبيلته وبين قبيلتي طي وقضاعه، وكان يقود قبيلته وائل بن ربيعة “كليب” والزير سالم، ولكن قبيلتي طي وقضاعه تمكنوا من الانتصار على قبيلة ربيعة، واستنزفت قبيلة ربيعة، ولكن البراق لم يشاركهم القتال، رغم أنه قد وصله بأن ابناء قبيلته يقتلون ويموتون في هذه المعركة، وعندما زاد عدد القتلى في القبيلة ولم يعودوا قادرين على الوقوف في وجه قبيلتي طي وقضاعه، أرسلوا في طلب البراق لكي يساعدهم، ولكنّ البراق طردهم ورفض أن يقاتل معهم.

فقامت قبيلتي طي وقضاعه بكتابة رسالة إلى البراق يشكروه فيها لأنّه لم يتدخل في الحرب، ووعدوه بالهدايا، ففهم البراق الرسالة على أنّها شكر منهم لأنّه تخلى عن أهله، وسوف يدفعون له مقابل ذلك، فركب فرسه وعاد إلى قبيلته لكي يقاتل معهم، وهو ينشد قائلًا:

أَقولُ لِنَفسي مَرَّةً بَعدَ مَرَّةٍ
وَسُمرُ القَنا في الحَيِّ لا شَكَّ تَلمَعُ

أَيا نَفسُ رِفقاً في الوَغى وَمَسَرَّةً
فما كَأسُها إِلّا مِنَ السُمِّ يُنقَعُ

إِذا لَم أَقُد خَيلاً إِلى كُلِّ ضَيغَمٍ
فَآكُلَ مِن لَحمِ العُداةِ وَأَشبَعُ

فَلا قُدتُّ مِن أَقصى البَلادِ طَلائِعاً
وَلا عِشتُ مَحموداً وَعَيشي مُوَسَّعُ

إِذا لَم أَطَأ طَيّاً وَأَحلافَها مَعاً
قُضاعَةَ بِالأَمرِ الَّذي يُتَوَقَّعُ

فَسيروا إِلى طَيٍّ لِنُخلي دِيارَهُم
فَتُصبِحَ مِن سُكّانِها وَهيَ بَلقَعُ

وعندما اصطف الجيشان للقتال، صاح فرسان ربيعة وهم يقولون:

براق سيدنا و قائد خيلنا
وهو المطاع في المذيق الجحفلِ

وعندما بدأت المعركة أخذ البراق يبحث عن النصير وهو زعيم قبيلة طي، وهو الذي كتب له الرسالة، وعندما وجده أمسك به وقال له: أتريد أن تعطيني الهدايا لكي أتخلى عن قومي؟، سوف أقطع رأسك وأقدمه هدية لهم، وبالفعل قام البراق بقطع رأسه وأهداه لكليب، وعند عودتهم إلى مرابعهم منتصرين، قاموا بوضعه زعيمًا لقبيلتهم.

المصدر: كتاب "المهلهل سيد ربيعة" تأليف محمد فريد ابو حديدكتاب "ديوان المهلهل" شرح وتحيق انطوان محسن القوالكتاب "ديوان مهلهل بن ربيعة" شرح وتقديم طلال حربكتاب "الشعر والشعراء" تأليف أبو قتيبة


شارك المقالة: