اقرأ في هذا المقال
كتاب مع المتنبي
يتطرق طه حسين في هذا الكتاب للحديث عن حياة المتنبي منذ أن كان صغيرا وشاباً حتى أصبح من الشعراء المقربين للحكام وأهل القصور، فيتناول فيه تلك السيرة الأدبية فيحللها وينتقدها ويوجه كثير من الرسائل التي كان يجب على المتنبي الابتعاد عنها وتركها، ومنها التنافس من أجل المال والتقرب إلى الحكام والسلاطين، ويذكر أنّ طه حسين كان قد أصدر هذا الكتاب في عام 1937 قبل أن تقوم مؤسسة الهنداوي التي تتخذ من القاهرة مقرا لها بإعادة طباعته ونشره في عام 2013.
المواضيع التي تضمنها الكتاب
- صبى المتنبي وشبابه
- في ظل الأمراء
- في ظل سيف الدولة
- في ظل كافور
- غنيمة الإياب
ملخص الكتاب
لقد تطرق عميد الأدب العربي طه حسين في هذا الكتاب للحديث عن شاعر وأديب لا زالت أشعاره تتم دراستها وعلى أعلى المستويات العلمية لغاية يومنا هذا، فما كان من عميد الأدب إلا للتطرق والحديث عنها كما فعل مع غيره من شعراء العصور السابقة، هذا الشاعر هو شاعر العرب أبو الطيب المتنبي الذي كان يملك من المخزون اللغوي والمعرفي وسرعة البديهة ما لم يقدر على امتلاكه كل شعراء عصره، وهنا يعود بنا طه حسين وبعد ما يزيد عن ألف عام للحديث عن حياة هذا الشاعر وعن مغامراته الشعرية التي كانت معظمها تدور في أحضان القصور والسلاطين والحكام، فكسب منها الكثير وتقرب بسببها من حكام ذلك الزمان.
يقول طه حسين في مقدمة هذا الكتاب أنّه لم يكن راغبا كثيرا في التطرق للحديث عن هذا الشاعر، ولكنه عندما بدأ في محاكاة شعره وحياته بدأت الأحداث تجذب كل منهما إلى الآخر، وكأن هنالك شيء يدفع كليهما نحو بعض، وهذا ما دفع منه أن يستمر في تقديم هذا الكتاب الذي يعد من أهم الكتب النقدية التي قدمها في مسيرته الأدبية والفكرية، ويتطرق حسين في هذا الكتاب للحديث عن مجموعة من المراحل التي عاش فيها أبو الطيب المتنبي، فبدأ الحديث عن صباه وشبابه، وكيف كانت خصاله وتصرفاته، وكيف أصبح من ألمع الشباب الذين أتقنوا الشعر بما كان يملكه من موهبة وملكة فكرية ولغوية، فأدى ذلك إلى اشتهار اسمه ووصول ذلك إلى حكام ذلك الوقت.
وكما يتحدث طه حسين في الجزء الثاني من هذا الكتاب عن حياة أبو الطيب في ظل الأمراء واحضان القصور، وكيف أصبح اسما لامعا يشهد له الجميع بالتمكن والقدرة الكبيرة على نظم الشعر، حيث أنّه لم يستطع أحد من الشعراء مجاراته والتفوق عليه، وهنا يتناول بعض القصائد التي نظمها المتنبي ويحللها وينتقدها كما انتقد غيرها من قصائد أبي العلاء المعري، حيث أن الأسلوب الجميل في طرح الأفكار والسلاسة في تتبع الأحداث هي أبرز ما يميز طه حسين في سرد تاريخ هذا الشاعر الذي شغل اسمة كل من العامة والخاصة من أهل القصور والحكام.
كما تطرق عميد الأدب العربي للحديث عن المرحلة التي أصبح فيها المتنبي من أقرب الشعراء للحاكم سيف الدولة الحمداني، فعقد بسببه الكثير من الجلسات الشعرية وتبادل الشعراء أشعارهم وتنافسوا من أجل الحصول على الأعطيات والجوائز، وهنا ما كان من المتنبي إلا أن تفوق على كل الشعراء والظفر بمعظم هذه الجوائز، وهنا عن هذه الأحداث ينتقد طه حسين أبو الطيب، حيث أن الأدب والشعر لم يكن في يوم من الأيام تجارة وتنافس من أجل الحصول على الهدايا والتقرب من ولاة الأمور، بل كان سببا من أجل التأثير على المجتمع من أجل أن يسير نحو الطريق الصحيح والتأثير عليه بشكل إيجابي يسير به نحو الأفضل.
مؤلف الكتاب
لقد تحدث الكثير من الأدباء العرب عن عميد الأدب العربي، ومنهم عباس محمود العقاد الذي قال عنه أنّه من الرجال الأقوياء والجريئين الذي جُبلت طباعهم على تحدي الآخرين ومنجزاتهم دون خوف من رأي أو التراجع فيه، حيث تمكن بقدرته الإبداعية والفلسفية والفكرية من أن ينقل الأدب العربي والمصري خاصة إلى مستوى جديد، وكما قال عنه الدكتور إبراهيم مدكور لقد تعود طه حسين على الاعتزاز بأفكاره، حيث كان عقله هو المسير له، فبالرغم من فقدانه للبصر إلا أنّه كان يملك بصيرة لو وزعت على العشرات لكفاهم ذلك.
أشهر الاقتباسات في الكتاب
1- “أما أبوه فقد زعموا أنهم كانوا يعرفون عنه شيئًا، شيئًا يسيرا جدا: كانوا يزعمون أن أبا المتنبي كان سقاء في الكوفة، تحدث المؤرخون بذلك، وهم بين متحدث به يريد أن يرفع من شأن المتنبي الذي انحدر من رجل ٍ حقير، فملأ الدنيا وشغل الناس، وبين متحدث بذلك ليضع من شأن المتنبي الذي انحدر من رجل حقري فورث عنه الحقارة”.
2- “لماذا كاد الكائدون للمتنبي في َ نسبه؟ لماذا تعمد الغربة عن الكوفة وألح فيها، وتجنب الحياة في َ العراق ما وسعه هذَا التجنب؟ لماذا عجز عن َّ دخول الكوفة حين خف للقاء جدته، فمضى إلى بغداد وطلب إلى جدته أن تشخص إليه؟”.
3- “وعندي أن املتنبي حني ارتحل إلى البادية إنما اتصل فيها لا بالبيئة القرمطية العادية، بل بداع من دعاة القرامطة الذين كانوا يجولون في البادية، ومن يدري! لعل هذا الداعي كان أبا الفضل نفسه هذَا الذي يمدحه المتنبي، ومن يدري! لعل المتنبي لم يعد إلى الكوفة من البادية مستصحبًا أباه وجده”.