اقرأ في هذا المقال
كتاب من أدبنا المعاصر
تناول طه حسين في هذا الكتاب الحديث عن مجموعة من القضايا التي تتعلق بالأدب والفكر العربي في العصر الحديث، حيث تناول مجموعة من الأدباء وبعض مؤلفاتهم فحللها ونقدها ووجه كثير من الملاحظات عنها، ولكن بأسلوب أدبي راقي، كما تحدث عن مجموعة من القضايا التي تهم الأدباء والمفكرين ومنها التجديد في الشعر الحديث والواقعية وغيرها، كما تطرق إلى بث الكثير من اللوم والعتاب لمجمع اللغة العربية الذي لم يكن وحسب رأيه يقوم بواجبه نحو الأدب العربي كما يجب أن يكون، ويذكر أن طه حسين كان قد أصدر هذا الكتاب في عام 1958، بينما تمت إعادة طباعته ونشره من قبل مؤسسة الهنداوي التي تتخذ من القاهرة مقرا لها في عام 2013.
المواضيع التي تضمنها الكتاب
- هكذا خُلقت
- واقعيون
- التجديد في الشعر
- الكلمة الضائعة
- ليست ثورة وإنما هي دعاء
- الكابتان ميخالي
- تناقض
- بين القصرين
- دموع إبليس
- كنز جديد
- السد
- وحي الحرمان
- أصداء النيل
- في الذوق الأدبي
- هارب من الأيام
ملخص الكتاب
تناول الأديب والمفكر المصري طه حسين في هذا الكتاب الحديث عن مجموعة من الأعمال الأدبية والفكرية والفلسفية التي رأت النور في العصر الحديث والتي كانت للعديد من المفكرين العرب، حيث تناول في البداية الحديث عن الأديب المصري حسين هيكل وقصته التي كتبها بعنوان “هكذا خلقت”، فحللها ووجه كثير من التساؤلات لمؤلفها، متطرقا في بداية الأمر الحديث عن صاحبها وأفكاره وفلسفته الفكرية ودوره في رقي الحركة الفكرية الحديثة، فكان حديثا أدبيا ونقديا وتحليلياً تمكن من خلاله أن يضيف الكثير لهذه القصة ولهذا الأديب الذي يعد من مؤسسي الفكر العربي الحديث وخصوصا في مصر، فكان تحليله لهذه القصة وحسب رأي العديد من المفكرين وكانّه مخرج سينمائي نقل الكلام المكتوب إلى أن يصبح صورة حيّة تجذب نظر الجميع.
كما تطرق بعد ذلك إلى الحديث عن نجيب محفوظ وروايته التي كانت بعنوان “بين القصرين” فتناولها كما تناول القصة الأولى ولكن بشيء من الإسهاب والتعمق في أعماق هذه الرواية التي تمكن من خلالها أن يسلط الضوء على أهم الأهداف التي كان يريد محفوظ أن يوصلها، فما يملكه عميد الأدب العربي من موهبة لغوية نقدية وتحليلية استطاع من خلالها أن يحقق ذلك بكل بساطة وسلالة دون عناء، ومن بين الذين تطرق طه حسين في هذا الكتاب للحديث عنهم الأمير السعودي عبدالله الفيصل وذلك من خلال ديوانه الذي كان بعنوان “وحي الحرمان”، حيث كان تحليله ونقده لهذا الديوان بطريقة جعلت من الشعر وكأنه كلام سهل يستطيع العامة نظمه وقوله دون أن ينكر عليه نبوغه وتفوقه في هذا المجال.
وأما رواية “هارب من الأيام” للأديب والمفكر ثروت أباظة فكان تحليله لها بطريقة تختلف عن سابقاتها من الروايات، حيث سلط الضوء فيها على نقاط الضعف التي كان يجب أن يتجنبها مؤلفها، حيث اقترح حسين عليه أن يحاكي الواقع الذي يعيش أو يعيشه الذين من حوله ليتمكن بذلك من الوصول إلى قلوب المحبين وعقولهم، ومن بين أهم الأمور التي تم التطرق إليها في هذا الكتاب مسألة التجديد في الشعر، حيث هاجم عددا من الشعراء المجددين واتهمهم بأنهم سبباً في تراجع هذا الفن، فعاب عليهم ألفاظهم البسيطة القريبة من اللهجة العامية دون أن يكون لديهم مخزون لغوي ومعرفي يمكنهم من خوض غمار هذا المجال، كما تحدث عن بعض الشعراء الذين كان لهم اسهام وتأثير في تطور الحركة الأدبية ومنهم أحمد شوقي وحافظ إبراهيم وغيرهم.
ومن المواضيع التي تم التطرق إليها بكثير من التفصيل والتحليل مسألة الواقعية كمذهب أدبي يجب على الأدباء الالتزام به دون أن يذهب فكرهم وتفكيرهم إلى مكان ليس بمقدورهم الرجوع منه، فالحديث عن الواقع الذي يعيشه الناس عامتهم وخاصتهم هو الأمر الذي يجب أن يتصدر المشهد الأدبي، فمن خلال ذلك قد يتمكن الأديب من حل بعض هذه المشاكل التي قد يعانون منها، كما تحدث عن بعض المفكرين حيث انتقد جمود لغتهم دون أن يجعلوا منها مرنة تتناسب وجميع الأذواق واللهجات، فالبقاء ضمن إطار معين من اللغة قد يجعل من الصعب إيصال الأفكار وتقبلها من الناس، ومن بين المسائل التي تحدث عنها توجيه اللوم والعتاب والنقد اللاذع لمجمع اللغة العربية الذي كان يرى أنّه لم يكن يقم بواجبه كما يجب.
مؤلف الكتاب
تمكن طه حسين ومنذ أن كان صغيرا من إثبات نبوغه وتفوقه على كل أقرانه، فبالرغم من فقدانه للبصر وهو مازال طفلا إلا أن هذا الأمر لم يكن قد أثر عليه بشكل سلبي، وإنما كان دافعا حقيقيا له من أن يثبت للجميع أن فاقد البصر ليس دائما فاقد للبصيرة، وأما العكس فقد يكون صحيحا تماما، وما أثبت هذا هو تمكنه من حفظ القرآن الكريم وهو ما زال في السنة الأولى من التحاقه بكتّاب القرية، وعندها أبهر الجميع بقدراته التي لم يكن أحد غيره يمتلكها، حيث اتقن القراءة والكتابة والرياضيات وعلوم الدين، وهذا ما أهله ليدخل مدرسة الازهر ليستفيد من ذلك العلم المتنوع، وهنا اثبت مجددا أنّه لا يشبهه أحد، فكان كثير الخلاف مع أساتذته، والسبب في ذلك هو انّه كان يرى أن الأسلوب المتبع في إعطاء الدروس وفي مختلف المواد ما زالت غير مناسبة.
أشهر الاقتباسات في الكتاب
1- “فهيكل بارع في هذه القصة لا يتحدث فيها إلى القلب والشعور وحدهما، ولا يتحدث فيها إلى العقل وحده، ولكنه يتحدث إلى هذه الملكات كلها هي وملكات أخرى غيرها؛ يتحدث إلى السمع بهذا اللفظ السهل العذب النقي البريء من التبذل والابتذال جميعاً، والبريء مع ذلك من التعقيد والتكلف، ومن هذا التصنع البغيض الذي ما زال بعض الناس يشغفون به ويتورطون ويِّورطون غيرهم فيه”.
2- “ولكن أصحابنا لا يعرفون هذا الشقاء ولا يحبون أن يعرفوه؛ فهو يناقض طبائعهم التي لا تحب الثقل وإنما تحب الخفة، ولا تألف الضيق وإنما تألف السعة، ولا تميل إلى العناء وإنما تميل إلى الدَعَة، نشئُوا على الكلام اليسير يقدم إليهم في يُسر يقرءونه في يُسر ويتخففون منه في يُسر، ثم يستأنفون حياتهم كأن شيئًا لم يُقدم إليهم وكأنهم لم يقرأوا شيئًا”.
3- “الخوف من هذا! أو الخوف ممن! الخوف من المحافظة والمحافظين من الذين ظنوا أن الكتابة مقدسة، وحسبوا أنها قد ُنزلت من السماء فلا يجوز أن تُمس بإصلاح أو تغيير، ونسو أو جهلوا أن قدماء المسلمين قد غيروها وأصلحوها ليُقرأ بها القرآن الكريم قراءة صحيحة”.