رواية مئة عام من العزلة - One Hundred Years of solitude

اقرأ في هذا المقال


تُعد رواية مئة عام من العزلة من الروايات التي أشهرت للمؤلف من أصول كولومبية (غابرييل غارثيا ماركيث)، كما اشتهرت على المستوى العالمي الأدب اللاتيني، وقد نشرت الرواية في سنة 1967م، لقد حقّقت نجاحات كبيرة بين الروايات والكتب، مما جعل الكثير من المترجمين يقومون بترجمتها إلى 46 من مختلف اللغات العالمية.

حيث كانت تركز الرواية على فكرة رئيسية ومهمة، ألا وهي أنّ التاريخ يكرر ذاته، بطريقة لا يمكن لأي شخص أن يقوم بالفرار منه، وأنّ الأحداث والوقائع التي تحدث في الماضي يؤثر بشكل كبير على الحاضر، فيما يرى البعض الآخر أنّ المؤلف يشير إلى تاريخ أمريكا اللاتينية، وذلك من خلال الأحداث التي يسردها لنا في تلك الرواية.

نبذة عن مؤلف الرواية


من المعروف أنّ غابرييل غارثيا ماركيث من مواليد دولة كولومبيا، وهو أحد الروائيين والكتاب، الذين اشتهروا بتأليف وكتابة القصص قصيرة، كما عمل أيضاً كصحفي وكاتب سيناريوهات، فقد كان يعرف باسم جايتبو في كولومبيا وأمريكا اللاتينية، وهو الاسم المختصر لاسمه، ماركيز من مواليد سنة 1927م، وكانت وفاته سنة 2014م، إذ تم اعتباره من قبل الكتاب والروائيين أنه من أهم الشخصيات التي اشتهرت في القرن العشرين، ومن أبرز الأشخاص الذي كانوا قادرين بشكل متمكن من التأليف باللغة الإسبانية.

ونظراً للإنجازات العظيمة حصل ماركيز على جائزة نوبل في الآداب سنة 1982م، كتقدير له عن كافة أعماله، ماركيز من الكتاب الذين قضوا معظم حياتهم في نفس الدولة التي ولدوا فيها، وهي المكسيك، إذ بقي فيها منذ ولادته حتى مماته، مما جعل رئيس الدولة آنذاك يُطلق عليه بعد وفاته لقب (أعظم كولومبي عاش على الإطلاق، ومن أبرز الروايات التي اشتهر بها (وقائع موت معلن) و (الحب في زمن الكوليرا) و (مائة عام من العزلة)، والأمر الذي جعله يقتبس فكرة الرواية منها، هي أنّ فكرة العزلة كانت تسيطر على حياة ماركيز، فحسب وجهة نظره أنّ العزلة تكمن في أنّ كل فرد يعيش في عزلة خاصة به.

رواية مئة عام من العزلة

بدأت أحداث الرواية في مدينة من نسج خيال المؤلف، أطلق عليها اسم ماكوندو، تتحدث الرواية عن قصة لسبعة أجيال متتالية من أحد العائلات تُعرف بعائلة بوينديا، والتي كانت تعيش في منطقة تعرف باسم ماكوندو، فالشخص الذي أسس ماكوندو هو الجد الأكبر للعائلة الذي يدعى خوسيه أركاديو بوينديا، ففي أحد الأيام أجبر على مغادرة المدينة الأصلية ريوهاتشا، والتي تقع في دولة كولومبيا، لكن لم يكن بمفرده، بل رافقه زوجته أورسولا إيغواران، وأحد الأشخاص الذي يربطه به صلة قرابه قوية، وقد كان هذا الإجبار على المغادرة بسبب قيام خوسيه أركاديو بقتل برودينسيو أغيلار، خلال مشاجرة حدثت على أثر مصارعة للديوك.

وفي أحد الليالي خلال الهجرة، وحينما كانوا يخيما على أحد ضفاف النهر، خيم النوم على خوسيه أركاديو، وفي أثناء ذلك حلم بماكوندو، وهي مدينة تتميز بوجود المرايا فيها، والتي كانت بمثابة مرآة عاكسة للعالم من الداخل والخارج.

وحالما استيقظ من نومه، أخذ  قرار بإنشاء مدينة مثل مدينة ماكوندو على ضفة النهر الذي يتواجد عنده،  وبعد مرور القليل من الأيام قام بالتجوال في الغابة وحولها، وأخذ يتخيل بأنه في يوم من الأيام، سوف تكون ماكوندو من أهم الأماكن والمدن الفاضلة.

فمن وجهة نظر خوسيه بودينا أنّ ماكوندو، ينبغي أن تكون تحاط بالماء؛ وذلك حتى تعكس العالم من حولها،  ومن هنا وفي تلك الجزيرة، سوف يقوى على اختراع العالم بأكمله، حسب اعتقاده، وستظل المدينة بمكان منعزل عن العالم، فلا يعلم بها أحد ولا يزورها أي شخص، سوى مجموعة من الغجر؛ وذلك لأنهم كانوا يمرون من تلك المنطقة أثناء التجوال لبيع منتجاتهم

ومع مرور الأيام اندفع خوسيه باتجاه التفكر والتعمق والتأمل في دراسة الكون من حوله، مما جعله ينخرط في علم الكيمياء وعلم الفلك ويهوى التعمق فيهم، كما وتعرف على الكثير من العلوم الأخرى، وذلك من خلال صحبته ل ميلكياديس، وهو أحد الأشخاص الغجريين الذي كان يقوم بزيارة المدينة باستمرار لبيع البضاعة، وهذا الأمر جعله يخرج من مجتمعه، ومغادرة عائلته، ويبقى على الدوام في عزلة مستمرة، مما اضطر عائلته في الآخر بالقيام بتعليقه في أحد الأشجار حتى وفاته.

لكن زوجته أورسولا، وهي أول أم لأساس عائلة بودينا، عاشت قرابة المائة عام، حيث شهدت خلال حياتها على ستة أجيال متتالية من العائلة، وفي أثناء حياة خوسيه كانت أورسولا تمتلك شخصية قوية وفذّه جدًا، إذ كانت على الدوام تنجح في الأمور التي كان يفشل فيها كبار الرجال من العائلة.

بينما ميلكياديس كان من خلال سرد الأحداث قد غادر إلى دولة سنغافورة، وحسب التوقعات أنه بقي هناك حتى وفاته، لكن ما كان على غرار كافة التوقعات أنه في أحد الأيام عاد إلى مدينة ماكوندو، وإنما لم ينخرط في العائلة، بل اعتكف؛ من أجل كتابة مخطوطة مشفرة عن عائلته.

ومن خلال مجريات الوقائع والأحداث للرواية، تحولت تلك البلدة البريئة بشكل تدريجي من منطقة عارمة بالصفاء النقاء والبراءة، إلى منطقة أخرى مختلفة تماماً؛ وذلك بسبب تواصلها مع العالم بالخارج، والذي شاع فيما بعد به التطور والتنور، حتى وصل خبر تلك المدينة لحكومة كولومبيا، وعلى أثر ذلك تم القيام بعمل انتخابات مزيفة بين الحزب المعني بالمحافظين والحزب المعني بالليبراليين داخل تلك المدينة.

وهذا ما جعل أوريليانو بودينا ينادي ببدء حرب أهلية في تلك المنطقة ضد حركة المحافظين، مما جعله يصبح  قائد ثوري مبدع، وقد استمر في قيادة الحرب سنين عدة، إذ أقيمت ضده العديد من محاولات الاغتيال والتي فشلت جميعها، لكنه تعب في النهاية مما جعله يتوصل إلى توقيع معاهدة سلام مع المحافظين، وعاد أخيراً لماكوندو ليكرس كامل حياته المتبقية في صناعة سمكة ذهبية صغيرة.

ومع مرور الوقت وصل خط السكة الحديد إلى مدينة ماكوندو، وقد جاء معه التكنولوجيا المتطورة والأعداد الهائلة من المستوطنين الجد لمدينة ماكوندو، فأقيمت شركات متخصصة بإنتاج فواكه أمريكية غريبة في ذلك الوقت، ألا وهي الموز، كما تم بناء قرية منعزلة عند النهر، وهذا ما جعل تلك المدينة تشهد ازدهار حديث ومتقدم.

ومن الجدير بالذكر أن تلك المرحلة انتهت بمأساة كبيرة، إذ يقوم العمال المعنيين بالمزارع بالإضراب والعزوف عن العمل، مما يجعل الجيش يقدم على قتل الآلاف من الأشخاص والعمال، وقد تم اسناد تلك الأحداث إلى وقائع حدثت بالفعل علم 1928م، وقد أطلق عليها اسم مذبحة الموز.

ومن الأشخاص الذي نجا آنذاك من تلك المذبحة خوسيه أركاديو سيجوندو، وهو من قام برواية تلك المشاهد من المذبحة ونقلها للآخرين، لكنه لا يقدر على تقديم أي دليل حقيقي على تلك الأحداث ووضعه بين يدي الناس، إذ اعترضوا على تلك الروايات ولم يصدقونها.

المصدر: One Hundred Years of solitude


شارك المقالة: