قصة البئر والساحر

اقرأ في هذا المقال


تحكي أكثر القصص عن نهايات الطمع الأليمة، سنحكي في قصة اليوم عن رجل قام بغدر صديقه، ولكنّه لم يكن يعلم بأنّ غدره هذا قد تسبّب لصديقه بالخير، وتسبّب له بالأذى والموت.

قصة البئر والساحر

في إحدى الأزمان القديمة كان هنالك رجلان يريدان السفر مع بعضهما البعض عبر الصحراء؛ فقاما بتجهيز العدّة وانطلقا في طريقهما، وكان معهما جمل يحمل البضائع، وفي أثناء سيرهما شعر الرجلان بالعطش الشديد، ولكنّ الرجل صاحب الجمل أخبر صاحبه بأنّه لم يتبق معه ماء؛ فانطلق كلاهما بحثاً عن بئر ماء قريب.

وبينما هم يبحثان عن بئر ماء إذ عثر أحدهما على بئر ماء، وكانا بحاجة إلى دلو لحمل الماء من قعر البئر؛ فاقترح الرجل صاحب الجمل أن ينزل هو إلى قعر البئر لجلب الماء بمساعدة صديقه، فوافق صديقه على ذلك، كان أوّل ما فعله صديقه هو ربط خصر صاحب الجمل بحبل متين، ومن ثم بدأ بالنزول إلى البئر وكان يحمل معه جرّتين فارغتين لملئها بالماء.

نزل الرجل صاحب الجمل وأحضر الماء، وعندما ناولها للرجل الآخر ريثما يعود، شعر الرجل الآخر بأنّ صديقه يطمع في أخذ الجمل لنفسه؛ فقرّر أن يسرق الجمل ويهرب به قبل خروج الرجل من البئر، ذهب الرجل الآخر وقام بسرقة الجمل وترك صديقه في قعر البئر.

جلس الرجل صاحب الجمل قعر البئر، ولم يكن يعلم ماذا سيفعل في بهذا المأزق الكبير، وكان البئر الذي نزل به عميق جدّاً ولا يمكن أن يستطيع أن يصعد منه لوحده، لم يكن أمامه سوى الجلوس والانتظار لمرور أي شخص من تلك المنطقة ليقوم بإنقاذه، وظلّ كذلك فترة طويلة، ولكنّه لم يسمع أثراً لأي عابر.

كان يعلم الرجل أن تلك المنطقة هي منطقة مهجورة، ونادراً ما يمرّ بها المسافرون، لذلك سلّم لمصيره المحتوم الذي لا مفرّ منه وهو الموت من الجوع أو من العطش، وكان يجلس الرجل لوحده وسط ظلمة الليل برفقة الجوع والعطش والخوف، وفي إحدى الليالي بينما كان يجلس في عنة الليل إذ سمع صوت مجموعة من الأشخاص يتحدّثون بجانب البئر.

عندما حاول الرجل أن يستمع لأحاديثهم؛ تبيّن له أنهم مجموعة من السحرة يأتون لهذا البئر مرّةً في مثل هذا الوقت من كل عام، وهم يجتمعون بجانب البئر ليحكي كل منهم عن أهم الإنجازات التي كان قد فعلها من خلال السحر.

قال أحد السحرة متباهياً بنفسه: أنا تسبّبت لفلان بسحر قد دفعه لخسارة تجارته كلّها، وقال الآخر: أنا قمت بعمل سحر تسبّب لأحد الفتيات أن لا تتزوّج حتى وقتنا هذا، وكان منهم قد أخبر بأنّه تسبّب لأحد الأشخاص أن يموت بسبب حادث سير أليم، وبينما هم كذلك إذ قال كبيرهم: أنا قد قمت بعمل لا يمكن لأحد فعله؛ فقد تسبّبت لابنة الحاكم بالجنون، وعلاجها لا يعرفه أحد غيري.

نظر له باقي السحرة وقالوا له: وما هو العلاج السرّي؟ قال لهم: إن علاجها الوحيد هو رشّها بماء هذا البئر، ظلّ السحرة يتحدّثون بجانب البئر ويضحكون لغاية طلوع الصبح، في ذلك الوقت قرّر الرجل الذي كان في قعر البئر أن يقوم بإنقاذ ابنة الحاكم المسكينة إن استطاع الخروج من البئر.

وبعد مدّة من الوقت شاء القدر أن يمرّ مجموعة رجال من جانب هذا البئر، وبدأ الرجل يصرخ ويستغيث لينقذوه وقال لهم: إن أنقذتموني فسوف أعطيكم الماء، شكّ مجموعة الرجال في بداية الأمر في هذا الرجل، ولكن شدّة عطشهم دفعهم إلى إنقاذه، خرج الرجل من البئر وأخبر الرجال بقصّة غدر صديقه به وأعطاهم المياه ثم انطلق لقصر الحاكم.

كان الرجل قد أحضر معه البعض من مياه البئر، وما إن وصل قصر الحاكم حتى سخر منه الحرّاس وقالوا له: لقد عجر كل الأطبّاء والحكماء عن معاجلة ابنة الحاكم، ولكنّه ظلّ مصرّاً على دخوله، وعندما سمحوا له بالدخول ورأى ابنة الحاكم وجدها في حال مزري، فقام برشّ الماء عليها.

عندما فعل الرجل ذلك أغشي على الفتاة ومن ثم عادت واستفاقت وظهر بأنّها قد شفيت تماماً من مرضها، تفاجأ الحاكم بذلك، وأخبره الرجل بقصّته التي حدثت معه بجانب البئر، زوّج الحاكم ابنته من هذا الرجل، وبعد مدّة مات الحاكم وصار الرجل هو حاكم البلاد، وفي يوم من الأيام بينما كان يتجوّل إذ رأى الحاكم صديقه الخائن.

طلب من حرّاسه أن يأتوا به على الفور، وعندما رأى صديقه وقد أصبح حاكماً؛ طلب منه الرحمة والغفران، ولكن الحاكم قال له: أنا لن أفعل لك شيئاً، فقد ساعدتني لأكون حاكم هذه البلاد، وروى له ما حدث معه بجانب البئر.

طمع صديقه الخائن مرةً أخرى؛ فنوى أن ينزل لقعر البئر وينتظر السحرة علّه ينقذ ابنة حاكم آخر كصديقه، ولكن عندما جاء السحرة وبدأوا يتحدثون قال أحدهم: كيف تم إنقاذ ابنة الحاكم، إمّا أن يكون هنالك خائن بيننا، أو أن هذا البئر مليء بالجن، وهو من سمعنا وقام بإنقاذ ابنة الحاكم. لهذا السبب قرّر السحرة ردم هذا البئر للقضاء على الجن الذي بداخله، وبذلك مات هذا الرجل الخائن لصديقه بسبب طمعه.

المصدر: قصص الاطفال ما قبل النوم/ياسر سلامة/2018قصص أطفال عالمية مترجمة/توفيق عبدالله/2010قصص وحكايات/مجموعة مؤلفين/2021قصص الاطفال/مقهى الكتب/2019


شارك المقالة: