قصة قصر بيرديكاريس

اقرأ في هذا المقال


تناولت هذه القصة الحديث في مضمونها حول أحد المواطنين الأمريكيين يدعى أيون بيرديكاريس، قام ببناء قصر في دولة المغرب تعبيراً عن مدى حبه لزوجته المريضة.

الشخصيات

  • القنصل بير.
  • ابن القنصل أيون بيرديكاريس.
  • زوجة القنصل أيون.
  • الزعيم.

قصة قصر بيرديكاريس

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في الأربعينات من القرن الثامن عشر في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أنه في يوم من الأيام كان هناك أحد الرجال ويدعى بير، وقد كان يعمل بير قنصل عن دولة اليونان ملتحق لدى الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد أن أمضى في عمله ما يقارب ست سنوات عاد إلى دولته، ولكنه بعد أن أمضى هناك أشهر قليلة قرر أن يعود مرة أخرى إلى الولايات المتحدة وعلى وجه التحديد في واحدة من الولايات والتي تعرف باسم ولاية كارولينا الجنوبية؛ حتى يجمع الأموال ليتمكن من تأمين حياة سعيدة لزوجته وأبنائه.

إذ كان يحلم القنصل بأن يبنى لهم قصر ضخم وبديع البناء، ولم يكن يفكر في أي دولة يريد أن يقوم ببناء ذلك القصر، ولكن كان على الدوام يشير إلى أنه سوف يختار أجمل المناطق التي تتميز بمميزات لا توجد في غيرها من المناطق، وبينما كان القنصل المتقاعد من عمله يعمل في الولايات المتحدة تم منحه الجنسية الأمريكية، ويوماً بعد يوم كان يجني العديد من الأموال وتتوسع أعماله واستثماراته وشركاته التي قام بتأسيسها هناك، وبعد فترة قام باختيار واحدة من دول المغرب العربي، وعلى وجه التحديد في مدينة طنجة، إذ أنه هناك في تلك المدينة كانت غابات تعرف باسم غابات الرميلات.

وقد وقع اختياره عليها من أجل أن يقيم عليها القصر الذي كان يحلم به، والسبب في اختياره لتلك المناطق دوناً عن غيرها هو أن زوجته في تلك الفترة كانت مصابة بأحد أنواع الأمراض الخطيرة والذي يعرف باسم مرض السل، وقام بتصميم القصر حسب التصميمات والمعايير التي كانت تبنى بها القصور في العصور الوسطى، وبعد مرور فترة من الوقت عاد القنصل المتقاعد إلى دولة اليونان موطنه بصفته قنصل يمثل الولايات المتحدة.

ولكن ما حدث له في يوم من الأيام هو أنه وقع ضحية الضرائب وقد اقترب من مرحلة الإفلاس، واضطر إلى أن يقوم بتسليم كافة الأموال التي تمكن من جمعها على مرور العديد من السنوات للحكومة الأمريكية، وبعد فترة من هجرانه للقصر توفي، وقد أصبح ذلك القصر الشهير المحيط بأجمل أنواع الأزهار والأشجار من جميع الاتجاهات، يروى عنه أنه يحتوي على الكثير من الأشباح التي تظهر بشكل مستمر في ساعات متأخرة من الليل، كما أن العديد من تلك الأشباح كانت تختفي خلف الأشجار المحاطة بالقصر، وتمت الإشارة من قبل السكان المجاورين لذلك القصر أن هناك أنواع من الأشباح كانت لا تظهر سوى خلال فصل الشتاء وفي أوقات شديدة البرودة.

وكل ما بقي في ذلك القصر هي لوحة كتب عليها أن بير قد اختار أن يقوم ببناء هذا القصر من أجل العناية بزوجته في ذلك المكان؛ وذلك جراء إصابتها بمرض السل، حيث اعتقد أن مناطق تتميز بذلك الصفاء والنقاء يساعدها على الشفاء من المرض، كما أن القصر في فترة من الفترات كان مستمر في الحفاظ على بعض من معالمه مثل غرف النوم والمطبخ، على الرغم من أنه مضي عليه فترة طويلة وهو مهجور.

وقد مرت العديد من السنوات وكبر أبناء بير والذي كان أكبرهم ابن يدعى أيون، وسار على خطى والده في أن يصبح يعمل في المجال السياسي، ويوماً بعد يوم كان يحصد النجاح تلو الآخر، وتمكن من استعادة العديد من الأموال التي حصلتها الضرائب من والده، حتى أنه أول به الأمر إلى استعادة الجنسية الأمريكية، وقد حدث ذلك من خلال لقائه بإحدى الفتيات التي أحبها كثيراً وهي ما كانت أصولها من الولايات المتحدة، وعلى إثر زواجه منها تمكن من الحصول على الجنسية الأمريكية، وبعد أن حصل الزواج قرر أيون أن يقوم ببناء قصر فخم يليق بزوجته في ذات المنطقة التي اختارها والده في السابق في تلك المدينة، وهناك وقع اختياره على قصر والده، وما شجعه على ذلك أن تلك الغابة التي كان بها قصر والده بسبب توارد القصص حول وجود أشباح فيها لم يجرؤ أحد على دخولها على الاطلاق.

وبالفعل أول ما وصل إلى ذلك القصر قام بجلب أكثر أنواع الأشجار ندرة في العالم من مختلف القارات، كما أنه أضاف على القصر أنه قام ببناء العديد من الملاجئ الخاصة للحيوانات وأنواع الطيور المختلفة، ولكن من محض الصدفة كذلك هو أن زوجته أصيبت بمرض السل حالها كحال والدته، وفي تلك الأثناء قرر أيون أن يحاول قدر الإمكان البقاء إلى جانبها وتقديم الرعاية الكاملة لها، وعاش أيون مع زوجته في تلك الفترة أجمل أوقات حياتهم، ولكن من المعروف أن الجميل لا يستمر طويلاً، إذ لم يلبث سوى القليل حتى تحولت كل تلك السعادة إلى كابوس أفقد ايون عقله.

حيث أنه في مكان قريب من تلك المناطق التي كان يقيم بها أيون وزوجته كان هناك أحد الزعماء، وهو ما كان زعيم لواحدة من القبائل التي تعرف باسم قبلية جبالة، وتلك القبيلة كانت تكره وجود الغرباء في مناطقهم، كما أن الزعيم كان ذو شخصية ثائرة وانتقامية، ومع مرور الوقت أصبح ذلك الزعيم رئيس لجميع القبائل التي تقيم في المناطق الشمالية، وكافة تلك المناطق أصبحت تخضع لحكمه.

ومن أجل يقوم ذلك الزعيم بتنفيذ مخططاته والسيطرة على مناطق أكثر كان بحاجة إلى مكان يكون مركز لتنفيذ المخططات، بالإضافة إلى أنه كان يحتاج إلى مبالغ مالية طائلة لتسيير عملياته، وبينما كان يفكر في ذلك لم يجد أنسب من ذلك القصر الذي يقع في قلب الغابة الموحشة، وهو ما كان بالنسبة للزعيم فرصة ذهبية، ولم يصبر طويلاً حتى قام بالإغارة على الغابة والقيام بخطف زوجه أيون، وبعد أن تسببت عملية الخطف تلك في انهيار أيون حاول طرق جميع الأبواب من أجل أن تحرير زوجته من قبضة ذلك الزعيم، حتى أنه في إحدى المرات طلب الدعم في إيجاد حل لمشكلته من الولايات المتحدة، وبالفعل تم إرسال بعض المساعدات من أجل الوصول إلى زوجته وتحريرها ولكن دون جدوى.

وبعد مرور فترة من الوقت كانت الدهشة والصدمة الأكبر، حيث أن زوجة أيون كانت قد أرسلت برقية لزوجها تخبره فيها أنها سعيدة بعملية الخطف تلك، وأنها ترغب في أن تبقى مخطوفة أكبر وقت ممكن، كما أشارت من خلال البرقية أن الزعيم لم يقوم بإلحاق الضرر والأذى بها، وأخيراً لا زال القصر حتى يومنا هذا متواجد في تلك المدينة ويتوافد عليه العديد من السياح من كل حدب وصوب في أرجاء العالم.

العبرة من هذه القصة أن في الكثير من الأحيان تكون الأيام السعيدة قصيرة، ولكن الأمل لم يختفي، إذ بين الحين والآخر في حياة الإنسان يتجدد الأمل.

المصدر: كتاب روائع الأدب العالمي في كبسولة - حسين عيد - 2012م


شارك المقالة: