قصة قصيدة وكاتبة بالمسك في الخد جعفرا

اقرأ في هذا المقال


نبذة عن شاعرة القصيدة:

هي جارية يقال لها محبوبة، أهديت للخليفة جعفر المتوكل على الله، وكانت تجيد الشعر، والغناء، والأدب، والرواية.

قصة قصيدة وكاتبة بالمسك في الخد جعفرا:

أما عن مناسبة قصيدة “وكاتبة بالمسك في الخد جعفرا” فيروى بأنه عندما استلم جعفر المتوكل على الله الخلافة، قام رجل يدعى بابن طاهر بإهدائه هدية عظيمة، وكان من هذه الهدية مجموعة من الجواري، وكان من بين هؤلاء الجواري جارية تدعى محبوبة وهي من الطائف، وكانت قبل أن تهدى للخليفة، وقبل أن يملكها ابن الطاهر، كان لها مولًا، وكان قد أحسن رعايتها، واعتنى بها عناية شديدة، وبسبب ذلك برعت محبوبة في الأدب، وكانت تحسن الشعر، وكانت أيضًا راوية جيدة، في رواياتها ظرافة، وكانت ذات صوت جميل.

وعندما وجد بها جعفر المتوكل كل هذه الصفات، دخلت قلبه، وغلب عليه حبها، وفي يوم كان جعفر في مجلسه وكان معه علي بن الجهم، يا علي، لقد دخلت قبل قليل على قينة، وكانت قد كتبت على خدها اسمي، فوالله إنّي لم أرَ أحسن ممّا كتبت، وأريدك أن تقول في ذلك الشعر، فأخذ علي الورقة والقلم، ولكنّه لم يستطع أن يكتب شيئًا، وكأنّه لم يقل الشعر من قبل، فالتفت على الخليفة وقال له: يا أمير المؤمنين، لو أنّك تأذن لجاريتك أن تقول شيئًا، فلربما استطعت أن أقول الشعر بعد أن أسمع ما تقول، فأمرها الخليفة، فأنشدت محبوبة قائلة:

وكاتبةٍ بالمسك في الخدّ جعفراً
بنفسي خطّ المسك، من حيث أثرّا

لئن أودعت سطراً من المسك خدّها
لقد أودعت قلبي من الشّوق أسطرا.

فاعجب لمملوكٍ يظلّ مليكه
مطيعاً له فيما أسرّ وأجهرا

فغضب الخليفة ممّا قالت محبوبة، وأمر الجواري أن لا يكلمنها، وبقيت في غرفتها وحيدة لعدّة أيام، وفي يوم دخل علي بن الجهم على الخليفة، وقال له: لبيك يا مولاي، فقال له جعفر المتوكل: لقد رأيت الليلة وأنا نائم وكأنّي قد سامحت محبوبة، وكنت قد صالحتها وهي صالحتني، فقال له علي: لعله خيرًا يا أمير المؤمنين، هي جاريتك، وبيدك أن ترضى عنها أو أن تسخط عليها، وبينما هم يتحدثون، دخلت أحدى الجواري، وقالت للخليفة: يا مولاي، لقد سمعت صوت عود من غرفة محبوبة، فقال الخليفة لعلي: قم معي نرى ما تفعل محبوبة، فقاما حتى وصلا غرفتها، وإذ هي تضرب على العود، وتنشد قائلة:

أدور في القصر، لا أرى أحداً
أشكو إليه، ولا يكلّمني

كأنّني قد أتيت معصيةً
ليست لها توبةٌ تخلّصني.

فهل شفيعٍ لنا، إلى ملكٍ
قد زارني في الكرى فصالحني

حتّى إذا ما الصّباح لاح لنا
عاد إلى هجره فصادمني.

فدخل عليها جعفر، وعندما رأته نزلت إلى قدمه تريد أن تقبلها، فقال لها: لم قلتي ما قلتي؟، فقالت له: لقد رأيت في المنام أنك تراضيني، وأنا أراضيك، فقال لها: والله إني رأيت مثل ما قد رأيتي، واصطلحا.

المصدر: كتاب " صقر الأندلس قصة الأمير الأموي عبد الرحمن الداخل" تأليف محي الدين قندوركتاب "مدخل لدراسة الشعر الحديث " إعداد إبراهيم خليلكتاب "الأغاني" تأليف ابو فرج الاصفهانيكتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة


شارك المقالة: