العلاقة بين الجسيمات وعلم الكونيات

اقرأ في هذا المقال


فيزياء الجسيمات هي دراسة تفاعلات الجسيمات الأولية عند الطاقات العالية، إذ أنه بينما يدرس علم الكون الفيزيائي الكون ككيان مادي واحد، ويشار أحيانًا إلى الواجهة بين هذين المجالين باسم علم الكونيات الجسيم، ويجب أن تؤخذ فيزياء الجسيمات في الاعتبار في النماذج الكونية للكون المبكر عندما كان متوسط ​​كثافة الطاقة مرتفعًا جدًا، حيث ستؤثر عمليات إنتاج زوج الجسيمات والتشتت والانحلال على علم الكونيات.

العلاقة بين الجسيمات وعلم الكونيات

كتقريب تقريبي تعتبر عملية تشتت الجسيمات أو عملية اضمحلالها مهمة في حقبة كونية معينة إذا كان مقياسها الزمني أقصر أو مشابهًا للمقياس الزمني لتوسع الكون، حيث أن الكمية الأخيرة هي {\ displaystyle {\ frac {1} {H}}} إذ أن  ح هي معلمة هابل المعتمدة على الوقت، وهذا يساوي تقريبًا عمر الكون في ذلك الوقت.

على سبيل المثال للبيون متوسط ​​عمر يتحلل بحوالي 26 نانوثانية، وهذا يعني أن عمليات فيزياء الجسيمات التي تنطوي على اضمحلال البيون يمكن إهمالها حتى يمر هذا الوقت تقريبًا منذ الانفجار العظيم، كما تضع الملاحظات الكونية لظواهر مثل الخلفية الكونية الميكروية والوفرة الكونية للعناصر جنبًا إلى جنب مع تنبؤات النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات قيودًا على الظروف الفيزيائية في الكون المبكر.

ويعتبر نجاح النموذج القياسي في شرح هذه الملاحظات يدعم صلاحيته في ظل ظروف تتجاوز تلك التي يمكن إنتاجها في المختبر، وعلى العكس من ذلك، فإن الظواهر المكتشفة من خلال الملاحظات الكونية مثل المادة المظلمة وعدم تناسق الباريون تشير إلى وجود فيزياء تتجاوز النموذج القياسي.

خصائص المادة المظلمة والطاقة المظلمة في علم الكونيات

  • يفكر علماء فيزياء الجسيمات وعلماء الفيزياء الفلكية في المادة المظلمة والطاقة المظلمة، إذ يريد علماء الفيزياء الفلكية معرفة مكونات الكون المبكر وما الذي يتألف منه كوننا اليوم، حيث يريدون أيضا معرفة ما إذا كانت هناك جسيمات غير مكتشفة وقوى هناك من أجل هذا الاكتشاف.
  • تشكل المادة المظلمة معظم المادة في الكون، ومع ذلك لا توجد جسيمات معروفة في النموذج القياسي لها الخصائص التي ينبغي أن تمتلكها، إذ أن المادة المظلمة يجب أن تكون ضعيفة التفاعل وثقيلة أو بطيئة الحركة ومستقرة على مدى عمر الكون.
  • هناك دليل قوي على وجود المادة المظلمة من خلال تأثيرها الثقالي على المادة العادية في المجرات والعناقيد، وتشير هذه الملاحظات إلى أن الكون يتكون من 5٪ مادة عادية و 25٪ مادة مظلمة و 70٪ طاقة مظلمة، لكن حتى الآن لم يلاحظ العلماء بشكل مباشر الطاقة المظلمة أو المادة المظلمة.
  • وهذه تعتبر أكبر إحراج لفيزياء الجسيمات، فمهما كانت كمية المادة الذرية التي ترى في الكون هناك خمسة أضعاف المادة المظلمة وليس هناك أدنى فكرة عن ماهيتها، لكن العلماء لديهم أدوات قوية لمحاولة فهم بعض هذه الأشياء المجهولة، فعلى مدى السنوات العديدة الماضية كان عدد نماذج المادة المظلمة في ازدياد جنبًا إلى جنب مع عدد طرق اكتشافها.
  • إن اصطدام جسيم المادة المظلمة بجسيم المادة في الكاشف هو دليل غير مباشر على أن جسيمات المادة المظلمة تتدخل في عمليات أخرى أو تختبئ في الخلفية الكونية الميكروية، فإذا كانت المادة المظلمة تتمتع بالخصائص الصحيحة فمن المحتمل أن يتمكن العلماء من إنشائها في مسرّع الجسيمات مثل مصادم الهادرونات الكبير.
  • نشاط  الطاقة المظلمة، فمن الممكن قياس خصائص الطاقة المظلمة من خلال مراقبة حركة مجموعات المجرات على أكبر المسافات التي يمكننا رؤيتها في الكون.

الجاذبية في فيزياء الجسيمات وعلم الكونيات

يجد علماء الكون أن دراساتهم تتماشى أيضًا مع دراسة الجاذبية، فبالنسبة لعلماء الجسيمات يقولون أن الجاذبية هي القوة الرئيسة للطبيعة التي لا يوضحها النموذج القياسي تمامًا، إذ يريد علماء الفيزياء الفلكية فهم الدور المهم الذي تلعبه الجاذبية وما زالت تلعبه في تكوين الكون.

وفي النموذج القياسي كل قوة لها ما يسمى بالجسيم الحامل للقوة أو البوزون، إذ أن الكهرومغناطيسية لها فوتونات، والقوة الشديدة لها غلوونات، والقوة الضعيفة لها بوزونات، وعندما تتفاعل الجسيمات من خلال قوة فإنها تتبادل حاملات القوة هذه، وتنقل كميات صغيرة من المعلومات تسمى الكوانتا، والتي يصفها العلماء من خلال ميكانيكا الكم.

تشرح النسبية العامة كيف تعمل قوة الجاذبية على نطاقات كبيرة، فالأرض تسحب أجساد للأسفل والأجسام الكوكبية تتشبث ببعضها البعض، لكن من غير المفهوم كيف تنتقل الجاذبية بواسطة الجسيمات الكمومية، حيث إن اكتشاف جسيم حامل للقوة دون الذرية من أجل الجاذبية سيساعد في تفسير كيفية عمل الجاذبية على المقاييس الصغيرة وإبلاغ نظرية الجاذبية الكمية التي من شأنها أن تربط النسبية العامة وميكانيكا الكم.

وعلى عكس الأنظمة المعقدة على الأرض، والتي يمكن وصفها كثيرًا باستخدام تفسيرات ذات مستوى أعلى بدلاً من الخصائص الناشئة من أدنى المستويات، فإن الظواهر بين المجرات والكونية أبسط نسبيًا، على سبيل المثال في المسافات الشاسعة من الفضاء واحدة فقط من قوى الطبيعة الأربعة لها تأثير حقيقي، وهي الجاذبية.

الانفجار العظيم في فيزياء الجسيمات وعلم الكونيات

مجال علم الكونيات الأكثر ارتباطًا بفيزياء الجسيمات هو دراسة الانفجار العظيم، إذ أن الانفجار الهائل الذي خلق كل المادة في الكون والزمكان الذي يتكون منه الكون نفسه بدأ كنقطة كثافة قريبة من اللانهائية وحجم صفري، إذ تفرد بعد ذلك وتوسعت بسرعة إلى حجم نواة الذرة، حيث تلعب فيزياء الجسيمات.

أحد الدوافع لإنشاء مسرعات جسيمات أقوى من أي وقت مضى هو إجراء تجارب تحاكي الظروف الفيزيائية في أقرب وقت ممكن في تاريخ الكون، فعندما كان كل شيء مضغوطًا وساخنًا للغاية يجب أن يكون علماء الكون على دراية جيدة بفيزياء الجسيمات من أجل تقديم مساهمات كبيرة في هذا المجال.

الثقوب السوداء في فيزياء الجسيمات وعلم الكونيات

مفتاح آخر لفهم العلاقة بين فيزياء الجسيمات وعلم الكونيات هو النظر في دراسة الثقوب السوداء، حيث ترتبط الخصائص الفيزيائية للثقوب السوداء بمستقبل الكون على المدى الطويل، حيث ان الثقوب السوداء عبارة عن نجوم منهارة بمثل هذه الجاذبية الهائلة التي لا يمكن حتى للضوء أن يفلت من قبضتها.

ولفترة من الوقت كان يُعتقد أن الثقوب السوداء لا تصدر أي إشعاعات، وكان من الممكن أن تكون أبدية وهي مفارقة لعلماء الفيزياء، لكن العالم ستيفن هوكينج افترض استنادًا إلى رؤى من فيزياء الجسيمات، إذ أن الثقوب السوداء تنبعث بالفعل من الإشعاع، والذي أطلق عليه فيما بعد اسم إشعاع هوكينغ.

تعتبر فيزياء الجسيمات وثيقة الصلة أيضًا بالتحقيقات في المادة المظلمة، فهي المادة غير المرئية التي يُعرف وجودها بسبب تأثيرها الثقالي على المادة المرئية والطاقة المظلمة، وهي قوة غامضة تسود الكون وتؤدي إلى تسارع توسعها.


شارك المقالة: