هيكل النواة الذرية في فيزياء الكم

اقرأ في هذا المقال


إن النوى كثيفة جدًا وصغيرة جدًا، إذ تحتوي على أكثر من 99.9٪ من كتلة الذرة وهي أصغر بعشرة آلاف مرة من الذرة، حيث إن النواة عبارة عن مجموعة من الجسيمات تسمى البروتونات، وهي موجبة الشحنة والنيوترونات متعادلة كهربائيًا، وهذا هو مفهوم النواة في الكم.

هيكل النواة الذرية

النواة الذرية هي المنطقة المركزية للذرة، إذ تتكون من نوعين من الجسيمات دون الذرية، وهي البروتونات والنيوترونات، وتعرف الذرات بأنها اللبنات الأساسية لكل مادة فكل ما يمكن مشاهدته والشعور به ولمسه مصنوع من الذرات، حتى أن هناك أشياء لا يمكن رؤيتها أو الشعور بها أو سماعها أو لمسها وهي مصنوعة أيضًا من الذرات، ففي الأساس كل شيء يتكون من ذرات.

توصل العالم رذرفورد من خلال تجربة ذرات الذهب إلى استنتاج مفاده أن الذرة تحتوي على نواة كثيفة؛ لأن معظم الجسيمات تنطلق مباشرة من خلالها، لكن بعض الجسيمات انحرفت بسبب كثافة نواة ذرات الذهب، حيث ستقضي هذه النظرية على فكرة أن الذرة كانت هيكلية أشبه ببودنج البرقوق، وكان نموذج حلوى البرقوق هو النموذج الرائد للتركيب الذري حتى اكتشاف رذرفورد.

أهمية النواة الذرية

النواة الذرية هي موقع الاضمحلال النووي في الذرات التي تشارك في الانشطار أو الاندماج، إنه أيضًا موقع البروتونات موجبة الشحنة، حيث أن عدد البروتونات في الذرة هو عددها الذري، ويعطي العدد الذري هوية للذرة على سبيل المثال، تنتج ثمانية بروتونات دائمًا الأكسجين، وتسعة بروتونات تجعل الذرة الفلور.

مكونات داخل نواة الذرة

تحتوي نواة الذرة على جسيمين دون ذريين لا يتشابهان وهما البروتونات والنيوترونات حيث أن البروتونات لها شحنة موجبة وعدد البروتونات الموجودة تعرف بهوية العنصر الذي تمثل الذرة جزءًا منه، والنيوترونات لها شحنة متعادلة وظيفتها الأساسية هي تقديم الكتلة للذرة، وهم أيضا الجسيمات المشاركة في الاضمحلال النووي.

نظرية المجال الكمي والنموذج القياسي للنواة

لم يقترح ديراك المعادلة النسبية للإلكترون فحسب بل بدأ أيضًا المعالجة النسبية للتفاعلات بين الجسيمات المعروفة باسم نظرية المجال الكمومي، حيث تسمح النظرية بإنشاء الجسيمات وتدميرها ولا تتطلب سوى وجود تفاعلات مناسبة تحمل طاقة كافية.

تنص نظرية المجال الكمي أيضًا على أن التفاعلات يمكن أن تمتد عبر مسافة فقط إذا كان هناك جسيم أو حقل كم لتحمل القوة، حيث أن القوة الكهرومغناطيسية التي يمكن أن تعمل على مسافات طويلة يحملها الفوتون (كمية الضوء)، ونظرًا لأن النظرية تسمح للجسيمات بالتفاعل مع مجالها الكمي فقد نشأت صعوبات رياضية في تطبيق النظرية.

لقد تم كسر الجمود النظري نتيجة قياس أجراه الفيزيائي الأمريكي ويليس يوجين لامب جونيور في عامي 1946 و 1947، وباستخدام تقنيات الميكروويف التي تم تطويرها خلال الحرب العالمية الثانية أظهر أن طيف الهيدروجين يختلف في الواقع بحوالي عُشر واحد بالمائة عن الصورة النظرية لديراك، وفي وقت لاحق وجد الفيزيائي الأمريكي بوليكار شذوذًا مشابهًا في حجم العزم المغناطيسي للإلكترون.

تم الإعلان عن نتائج (Lamb) وهي أن ما يسمى بإزاحة لامب ربما يكون ناتجًا عن الإلكترونات والكميات الحقلية التي قد تنشأ من الفراغ، وتم التغلب على الصعوبات الرياضية السابقة من قبل ريتشارد فاينمان وجوليان الذين شاركوا في جائزة نوبل للفيزياء وفريمان دايسون الذين أظهروا أن مناهجهم المختلفة متطابقة رياضياً، وتم العثور على النظرية الجديدة المسماة الديناميكا الكهربية الكمومية لشرح جميع القياسات بدقة عالية جدًا.

كيفية تصرف الإلكترونات في ظل الكهرومغناطيسية

على ما يبدو توفر الإلكتروديناميكا الكمومية نظرية كاملة لكيفية تصرف الإلكترونات في ظل الكهرومغناطيسية، وابتداءً من الستينيات تم العثور على أوجه تشابه بين القوة الضعيفة والكهرومغناطيسية، حيث جمع شيلدون جلاشو وستيفن واينبرغ القوتين في نظرية الكهروضعيف التي تقاسموا فيها جائزة نوبل للفيزياء في عام 1979.

بالإضافة إلى الفوتون تم التنبؤ أيضًا بثلاثة كميات مجال كحاملات قوة إضافية (W) الجسيم وجسيم (Z) وهيغز بوزون، وكانت جسيمات (W) و (Z) حاملة للقوة الضعيفة وكان بوزون هيغز هو الناقل لحقل هيغز، مما أدى إلى ثقل جسيمات (W) و (Z) وكتلة الفوتون صفر، وأثبت اكتشافات جسيمات (W) و (Z) في عام 1983 مع الكتل المتوقعة بشكل صحيح صحة نظرية الكهروضعيفة حيث تم اكتشاف جسيم كان يُرجح أنه بوزون هيغز أخيرًا في عام 2012.

إجمالاً تم اكتشاف المئات من الجسيمات دون الذرية منذ تحديد أول جسيم غير مستقر الميون في الأشعة الكونية في ثلاثينيات القرن الماضي وبحلول الستينيات ظهرت أنماط في الخصائص والعلاقات بين الجسيمات دون الذرية التي أدت إلى نظرية الكوارك، ومن خلال الجمع بين نظرية الكهروضعيف ونظرية الكوارك تم بناء إطار نظري يسمى النموذج القياسي يشمل جميع الجسيمات المعروفة وكميات المجال.

في النموذج القياسي هناك فئتان عريضتان من الجسيمات وهما اللبتونات والكواركات، إذ تشمل اللبتونات الإلكترونات والميونات والنيوترينوات وبصرف النظر عن الجاذبية، فإنها تتفاعل فقط مع القوة الكهروضعيفة.

الإلكترونات حول نواة الذرة

للإلكترونات مداراتها المحددة وهي S  P  D  F، ثم G، إن كل مدار عبارة عن غلاف كروي والأسماء مشتقة من طيف الضوء المنبعث من هذه الأصداف ووصف خصائص الخطوط الطيفية، ويوجد حقيقة أخرى عن الإلكترونات هي أنها موجودة في كل مكان تسمح به قوانين الكم.

في ذرة الكربون على سبيل المثال هناك ستة إلكترونات اثنان يأخذان مكان قشرة كروية في وسط الذرة والأربعة المتبقية مقسمة في خليط من القذائف الكروية وثلاث قذائف مفصصه، وفي نفس الوقت هناك شحنة كهربائية سالبة، وبالتالي فإن النواة محاطة بشيء مثل سحب الشحنة السالبة والإلكترونات الموجودة في كل مكان، ولكنها لا تعبئ الفراغات فهي تساعد الإلكترونات في تكوين الجزيئات.

روابط الإلكترون بين الذرات

إذا اقتربت ذرتان من الكربون بدرجة كافية فإن أقرب إلكترونين لهما يتفاعل وينشئ رابطة واحدة، وتسمى هذه الرابطة رابطة سيجما في الكيمياء، ثم تنحني الغيوم وتتصل مما يخلق ما يسمى برابطة بي، حيث تبدو إلى حد ما مثل الأشجار التي تربط الفروع العليا عبر الشارع.

تصبح الروابط أكثر تعقيدًا في المواقف المختلفة، ومع ذلك يبقى شيء واحد ثابتًا في كل هذه الروابط، وهي أنها لا تزال الإلكترونات مشتتة في سحابة ضخمة نسبيًا حول نواة كثيفة للغاية، ولا يزال هناك الكثير من الفضاء الفارغ، إذ تجمع الحقول الكهربائية وسحب الإلكترون هذا الفراغ الشاسع معًا

تكمن أهمية بنية الذرة بأنها تعطي نظرة ثاقبة على فئة التفاعلات الكيميائية والروابط وخصائصها الفيزيائية، إذ تحتوي النواة فعليًا على كل كتلة الذرة وهي كثيفة جدًا، حيث تعمل القوة النووية القوية على تماسك البروتونات في النواة وتتغلب على القوة الكهربائية للتنافر بين البروتونات والنيوترونات.


شارك المقالة: