أعجب خرافات الشعوب

اقرأ في هذا المقال


إن الرحلة العقلية التي قامت البشرية بقطعها عبر التاريخ ما هي إلا رحلة انتقال من الجهل والخرافات نحو العلم، ولقد بقيت البشرية ترتكز على رؤية خرافية في تأويل الأحداث الكونية إلى أن بدأ الإنسان تلك الرحلة الشاقة الطويلة لكي يستكشف الأسباب الحقيقية الواقعية التي تكمن خلف الأحداث، إلا أن الغريب في الأمر أن الإنسان في هذا العصر، والذي قطع أمسافات بعيدة من هذه الرحلة نحو الحضارة والتفكير العلمي، لا يزال يعتقد ببعض الخرافات الموروثة.

عجبا لك أيتها الخرافة:

الخرافات مرتبطة بفلكلور وإرث الشعوب، إذ أن الخرافة في العادة تمثل موروثًا تاريخيًا تتناقله وتتداوله الأجيال، ومرة بعد مرة حين نسمع أو نقرأ عن خرافة نقف طويلًا تغمرنا الدهشة من غرابتها، وفي هذا المقال بعضًا منها:

خرافة تناول الطعام في ساعات متأخرة من الليل قد لا يؤدي بالضرورة الى زيادة الوزن:


تشير بعض الدراسات في مراكز التغذية إلى أن اعتقاد البعض في أن تناول الأشخاص للطعام في ساعات متأخرة قد يزيد الوزن، في الحقيقة هو ليس أمرًا مهمًا، بل أن الأمر الأكثر أهمية هو الكمية الإجمالية التي يتناولها الفرد خلال أربع وعشرين ساعة.
خرافة قص أطراف الشعر تساعد على نموه:


لقد نشأ عدد لا بأس به من الأشخاص، وهم يصدقون مقولة إن قص الشعر من أطرافه تساعد على نموه وإطالته، غير أنه ليس لهذه المعلومة أي مصدر يثبت صحتها، فكما هو معروف علميًا أن نمو الشعر يكون من الجذور وليس من الأطراف.

خرافة الإبداع بالوراثة:

ثبت علميًّا أنه لا يوجد جين يُطلق عليه جين الإبداع، إذ أنه ليس من المعقول أن ينجب الآباء المبدعون أطفالًا يحملون نفس الجين المبدع بينما بالمقابل غير المحظوظين ليس بإمكانهم أن يحصلوا عليه، وبالتأكيد البحوث تثبت العكس تمامًا فالأفراد الأكثر بذلًا للجهد والعمل، ولا تنقصهم الثقة بأنفسهم في النهاية يصلون إلى حل معادلة الإبداع ودون جينات بالتأكيد.

خرافة القيـود تعيق الإبداع:


بين يدينا خرافة تنتشر بشكل كبير مفادها أن القيود أكبر معيق للإبداع، فالأشخاص الأكثر إبداعًا هم الذين تُهيأ لهم مصادرهم غير المحدودة، وفي الحقيقة هذا الاعتقاد خاطىء على الأغلب، فعلى العكس تمامًا فكلما كانت هناك تحديات أكثر وقيود أكبر على الأشخاص، كان اندفاع الأشخاص للإبداع والابتكار أعظم للتغلب على الصعوبات.

خرافة الغراب طير الساحرات المدلل:

ربما لا يعلم الكثيرون أن الغراب هو الطائر الأكثر ذكاءً بين الطيور، غير أن ذلك لم يكن شفيعًا له عند البشر، فكثيرون ينظرون إليه بعين الريبة والشك ويتشائمون منه، ولعل هذا النفور من الغربان يرجع إلى عصور موغلة في القدم، ففي انجلترا وإيرلندا اعتبروا أن الغراب ما هو إلا تجسيد لآلهة الحرب ونذير بالموت، وفي السويد كانوا يعتقدون أن الغربان هي أرواح الناس القتلى، وأما في الدنمارك فقد عدّوها أرواحًا شريرة طُردت من أجساد ممسوسة، أما الغراب عند العرب فقد رأوه تجسيدًا للشؤم والنكد والخراب.

خرافة إسقاط عملة معدنية من مبنى مرتفع قد يقتل أحدهم:


 تقول الخرافة أنه إذا صعد المرء إلى قمّة مبنىً، ثم رمى عملة معدنية نحو الأسفل فإنها قد تقتل أحدًا، والمنطق والحقيقة أن العملات المعدنية خفيفة الوزن لا تتجاوز الغرام الواحد، وهي تشكل دائرة مسطحة، فحين تصل للسرعة القصوى “105 كم/س”، فإنها بالتأكيد لن تؤذي الشخص الذي يقف على الرصيف، والضربة الناتجة عن ذلك ستكون  شبيهة بأثر نقر أصبع على الرأس، فهي مزعجة بالفعل غير أنها ليست مميتة. 

خرافة العين الشريرة:

كثير من الناس سمعوا أو قرأوا عن العين الشريرة أو عين الحسود، وهم يؤمنون بها ويخشون أن تطالهم تلك العين بالأذى، العين الشريرة الحاسدة هي لعنة سحرية ترجع في أصولها للعصور الأولى، وهي تولّد الخوف المستمر، وقد تناقلت الأجيال هذا الخوف عبر العصور، ويعتقد كثير من الناس أن الحسد قد يسبب الكثير من الأذى والسوء، ومن الأقوال التي يتداولها العامة ” الحسد بيفلق الحجر”، وذلك إشارة إلى أثره الكبير فيمن يعتنق هذا الموروث، فهم يرون أن بإمكان الحسد أن يؤثر في صحة المحسود، أو قد يؤدي إلى موته، كما أن نظرة واحدة من الحسود قد تصيب أي شيء أو أي شخص بنية الأذى.

فكرة الحسد واللعنة المرتبطة به ترجع أصولها لليونانيين القدماء وروما القديمة، والتي كان يعتقد الناس فيها أن أي مكروه يصيب الإنسان هو نتيجة الحسد، ونتيجة لهذا ابتكر الناس أشكالًا كثيرة للحماية ضد الحسد حول العالم، غير أن أشهر شكل من أشكال الحماية هو العين الزرقاء تتوسط الكف، والتي تعد أشهر أنواع الخرافات التي يعتقد أغلب المؤمنين بها بأنها تمنع الحسد وتبعد الأرواح الشريرة.

حتى هذا الوقت يوجد الكثير من البشر حول العالم وفي الوطن العربي يؤمنون بقوة وتأثير نظرات الحسد، فلا استغراب من أن تجد أشخاصًا شديد الحرص على تذكير من يجاملهم بشيء ما، على قول الجملة الشهيرة “ما شاء الله”، سلوك آخر غريب عند الأمهات فتجد بعضهن يحرصن على عدم ترتيب أبنائهن خوفًا عليهم من الحسد.


شارك المقالة: