اقرأ في هذا المقال
- جهاز المخابرات في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان
- دلالات على قوة جهاز المخابرات في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان
جهاز المخابرات في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان:
كانت الأجهزة الأمنية في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان قويةً جداً، وكانت قدرتها على جمع المعلومات عظيمة جداً، وكان الخليفة يقوم بالإشراف على جهاز المخابرات بنفسه، وكانت يمتلك جهازاً سرياً؛ حتى يراقب الولاة والرعية، فلم تخلى أي منطقة أو أي ناحية أو عامل أو أمير إلا وكانت عليه عين مراقبته، ووصلت عيونه حتى البلاط البيزنطي.
دلالات على قوة جهاز المخابرات في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان:
1- اطلاع معاوية بن أبي سفيان على المراسلات بين الحسن بن علي وأهل العراق:
عندما توفي الحسن بن علي بن أبي طالب قام الشيعة بالاجتماع في دار سليمان بن صرد، وكتبوا إلى الحسين بن علي بن أبي طالب كتاباً؛ حتى يعزوه بوفاة أخيه الحسن، وقالوا فيه: إن الله قد جعل فيك أعظم الخلق ممن مضى ونحن شيعتك المصابة بمصيبتك، المحزونة بحزنك، المسرورة بسرورك، المنتظرة لأمرك.
فرد عليهم الحسين بن علي: إني لأرجو أن يكون رأي أخي في الموادعة، ورأيي في جهاد الظلمة رشداً أو سداداً، فالصقوا بالأرض وأخفوا الشخص، واكتموا الهوى، واحترسوا الأضناء ما دام ابن هند حياً، فإن يحدث به حدث وأنا حي يأتكم رأيي إن شاء الله.
وكانت هذه الرسائل المتبادلة بين الحسين وأهل الكوفة تشير إلى مخاوف بني أمية في المدينة، وكتبوا إلى معاوية بن أبي سفيان يستشيرونه بشأن الحسين، فرد معاوية عليهم بأن لا يتعرضوا له مطلقاً، وكانت معاوية على درايةٍ مسبقة بعلاقة الحسين وأهل الكوفة الوثيقة والرسائل المتبادلة فيما بينهم، ولهذا طلب من الحسين بأن يتقي الله وألا يشق عصا المسلمين.
وكان موقف الحسين بن علي موقفاً واضحاً وصريحاً، وقال: إنا قد بايعنا وعاهدنا، ولا سبيل إلى نقض بيعتنا، وظل ملتزماً ببيعته طوال عهد معاوية بن أبي سفيان.
2- قصة معاوية بن أبي سفيان مع المسور بن مخرمة:
صارح معاوية بن أبي سفيان المسور بن مخرمة وقال له: يا مسور ما فعل طعنك على الأئمة، وبقوله هذا دليل على معرفته بجميع ما يقوله كبار الشخصيات في المجتمع الإسلامي كاملاً.
3- قصة الأسير المسلم عند البيزنطيين:
كان هذا الأسير المسلم في السجون البيزنطية وقد لطم وجهه بين يدي ملك الروم، وقال الأسير: وا إسلاماه أين أنت يا معاوية؟ فوصل هذا الخبر للخليفة معاوية بن أبي سفيان، وهذا ما يدل عى قوة الأعين التي وضعها الخليفة في كل مكان.
4- وضع بعض أتباع علي بن أبي طالب رضي الله عنه تحت المراقبة:
لم يدخل زياد بن أبيه في طاعة معاوية بن أبي سفيان بسهولة، وكان قد امتنع في بداية الأمر، وسأل زياد معاوية بأن يسمح له للذهاب إلى الكوفة، وكان المغيرة بن شعبة يحترم معاوية ويعظمة، فكتب له معاوية: مُرَّ زياداً وسليمان بن صرد، وحجر بن عدي، وشبت بن ربعي وابن الكواء، وعمر بن الحمق في صلاة الجماعة، وكانوا يحضرون دائماً معه الصلاة.
وكان هذا الإجراء احترازياً من معاوية بن أبي سفيان؛ حتى يبقوا دائماً تحت أنظار والي الكوفة، ولأن الصلح بينه وبين الحسن بن علي يوجد له الكثير من المعارضين، وكان لا يستبعد بأن يجتمعوا مع أنصار علي بن أبي طالب لإشعال الفتنة.
5- اهتمام معاوية بن أبي سفيان ببناء الجيش الإسلامي:
كان معاوية بن أبي سفيان يمتلك بعداً في النظر السياسي، وتمثل ذلك في بنائه لجيش قوي منذ أن كان والياً على الشام، وكان دور الجيش يتمثل في نشر الأمن داخل الولاية، وبعدها القيام بعمليات توسعية خارجية، وكان ذلك قبل وبعد تسلُّمه الخلافة.
6- سياسة الموازنات:
على الرغم من أن الكلبيين قد نفذوا من الدولة الأموية، فإن المعادلة لم تكن قائمة على التحالف الذي كان بين الأمويين والكلبيين، ولكن في عهد معاوية بن أبي سفيان اتخذت منحى سياسي توازني ما بين كلب وفهر بصورة خاصة، وقحطان وقيس بصورة عامة، وإذا كان الكلبيون قد تحملوا عبء الدفاع المسلح عن الدولة؛ لأنهم كانوا يقيمون في جنوب الشام وهم من جنود الأردن.
فإن الفهريين كان لهم دور سياسي وإداري وعسكري بارز، وقد شارك زعيمهم الضحاك بن قيس الفهري في معركة صفين، كما كان له دور كبير في إقناع الناس بالبيعة إلى يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وقد ارتفع الضحاك في السياسة الأموية، كما أنه معاوية بن أبي سفيان جعله قائداً على الشرطة، بالإضافة لدوره البارز في عهد يزيد، فقد كان والياً على دمشق.
والمنصب الذي وصل له الضحاك بن قيس هيأه لدور أكثر خطورة في عهد معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، الذي كان قد أوصى بأن يصلي الضحاك في النس في دمشق، وبهذا يكون معاوية بن أبي سفيان قد نجح في الإمساك بزمام الأمور جميعها، من خلال موازنته لقبائل الشام الكبرى، ولم يجعل لأي منها مجالاً بأن تتجاوز الحدود المرسومة لها في الدولة.
وقد نجح معاوية بن أبي سفيان في تحقيق التوازن الذي كان يطمح له داخل قريش، بالإضافة للتوازن في داخل الأسرة الأموية وهم بنو حرب وبنو العاص، كما أنه احتوى المثقفين بعد أن منحهم إدارة العراق الذي كان تاريخه يرتبط بالأسرة الأموية.
7- سياسة معاوية بن أبي سفيان مع الأسرة الأموية:
لم يتم تنصيب معاوية بن أبي سفيان خليفة بدعم مادي أو معنوي من الأسرة الأموية، لكن كان الدعم يأتيه من جبهة شامية قبلية متماسكة كانت تدعمه، ولهذا لم يكون دور البيت الأموي بارزاً في إدارة الدولة في عهد معاوية سواء أكانت من الناحية الإدارية أو الناحية العسكرية، ولكنه أيضاً من لم جافياً لهم بل استعان بالبعض منهم، وهذا لهدفين كان يطمح لهما، وهما:
- الاستعانة بالأشخاص الأكفاء منهم.
- محاولة الحد من زيادة سلطانهم ونفوذهم؛ وذلك حتى لا يهدد أي مخططات سياسية يطمح لها.