السيميائيات الراهنة وسؤال المعنى

اقرأ في هذا المقال


يقدم علماء الاجتماع من خلال العديد من الدراسات والمعلومات حول السيميائيات الراهنة وسؤال المعنى وكذلك السيميائية الماركسية.

السيميائيات الراهنة وسؤال المعنى

السيميائيّات الراهنة لديها العديد من الموضوعات، ولكن من خلالها بدأ تأثير سؤال المعنى يلوح في الأفق بشكل كبير على فكر السيميائية، وإن تحولها إلى ما يسمى بالسيميائيّات الراهنة للموهبة، والتي كانت غنية حقًا، والتي كانت مؤقتتها هي إيقاع النشاط الجماعي قبل أن يتحول الوقت إلى نقود، والتي لم يتم تعقيم وحدتها في اتصال سريري بارد، قدمة الأساس لنظريتها عن الرمزية والتبادل، وعلى النقيض من ذلك تتميز السيميائيّات الراهنة بنشر وقائي هائل للعلامات التي تستحضر في الوقت نفسه وبعيدًا الواقعية التي تثيرها جميع وسائل الإعلام بشكل يائس.

ولديها الكثير لتساهم فيه حيث تساهم في فهم المجتمعات لتلفزيون الواقع، وعلى طول الطريق من السبعينيات إلى الألفية الجديدة، وفي أعمال علماء السيميائية انبثقت نظريتها عن التبادل الرمزي من نظريتها عن المجتمع الاستهلاكي،  وما يميز المجتمع الاستهلاكي هو الانقلاب الساخر للمصطلحات التي توجه تحليلاته.

وبالنسبة للسيميائيّات الراهنة كل نظام اجتماعي يستنفد نفسه في إعادة إنتاجه أو يعيش فقط من أجل آثاره السلبية، والهدف الحقيقي من الموازنة الاجتماعية هو الفشل، وليس إعادة التوزيع الاقتصادي، ولا يمكن أن يوجد الثراء دون مضايقاته، مثل التدهور البيئي وبالتالي فإن معنى الثراء هو الهدر.

والعيوب هي وفاء كل نظام وهنا يشعر علماء السيميائية بقوة بما ستصوره السيميائيّات الراهنة لاحقًا من حيث الحاجة إلى تقديم فرضيات متطرفة ضد النظريات الوضعية والنقدية، والرد بالمثل على لغز العالم أكثر من أي مجال آخر للسيميائيّات الراهنة.

وطور مايك جين هذا الاتجاه بشكل أعمق وأطلق حجة بارعة فيما يتعلق بالاحتياجات، ومثلما المعنى في التحليل الهيكلي هو تأثير العلامات المترابطة، لا يتم إنتاج أشياء محددة فيما يتعلق باحتياجات محددة، وعند النظر إلى الاحتياجات بشكل فردي، ليس لها هوية لأنه لا يوجد مصطلح في نظام مترابط له هوية منعزلة.

علاوة على ذلك نظرًا لأنه لا يمكن تحديد الاحتياجات والأشياء التي ترضي في ذلك الوقت ولا يمكن حصرها وتفتقر إلى الخصوصية الموضوعية، فهي مرتبطة دائمًا بالنقص بما ليس كذلك، والاستمتاع في الاستهلاك أمر مستحيل بالنسبة للسيميائيّات الراهنة، وتُزعم نفس الشيء عن تحقيق الذات وتحرير الاحتياجات الفردية، وتدعي السيميائيّات الراهنة أن إحدى أعظم المفارقات والتعريف المقنع للاستهلاك هو أن الإنتاج الصناعي للاختلافات التي يُزعم أنها تسمح للأفراد بأن يكونوا على طبيعتهم.

وأن يكون لهم أسلوبهم وشخصيتهم الخاصة، ويمحو في نفس الوقت الاختلافات الفردية بين الأشخاص من أجل استبدالهم بعلامات الاختلاف، أكثر وأكثر دقة بما يتوافق مع النماذج التجريدية الاصطناعية، والنتيجة هي أن يكون المرء على طبيعته وفقًا لشروط المجتمع الاستهلاكي ويعني أن يكون ما ليس عليه أي أنها جزء لا يتجزأ من نظرية بنيوية للقيمة، ومن وجهة نظر السيميائيّات الراهنة في المجتمعات الاستهلاكية تحدث التنشئة الاجتماعية من خلال مؤسسات التدريب العقلي مثل الائتمان، وهذا ببساطة شكل، كما تجادل من الرقابة الاجتماعية.

وكانت السيميائيّات الراهنة مفتونتاً بقيود المجتمع الاستهلاكي مثل إعادة التدوير المتواصل للعلامات، ونكهات الموضة للشهر، وإمكانيات الاندماج التي تحددها نماذج مجردة يتوافق معها المستهلكون وهم يعيشون أسطورة التفرد.

وبالنسبة إليها يعتبر المجتمع الاستهلاكي نوعًا من ثقافة عرض الاختبارات التي يتم فيها عرض المعرفة كما لو كانت ردًا على سؤال محدد بوقت، وهو تشبيه مثالي للاختيار وشرائه، ويمكن اكتساب المعرفة الثقافية كسلعة استهلاكية من خلال ألعاب التوافه ومجلات السوق الجماهيرية المتوسطة، وتجهيز كل منها بمجموعة هوية مليئة بعناصر المكانة التي يمكن استبدالها بالوضع الاجتماعي.

على سبيل المثال تم فهم الجمال كأشكال لرأس المال السيميائي، وكعلامات يمكن تحويلها لصالح الفرد، والصحة أيضًا هي عنصر مرموق يتم عرضه من خلال اللياقة البدنية، وفي الواقع عندما يتم إضفاء الطابع الفني على كل شيء لم يعد النشاط الجسدي متفجرًا بشكل عدواني بل يتم ترويضه من خلال الاندماج في إنتاج الفروق الهامشية، وهنا إذن يتم التحكم الاجتماعي من خلال ربط التحرر بالقمع.

السيميائية الماركسية

كشف تشارلز بيرس البعد الأيديولوجي لقيمة الاستخدام ومستودع المثالية الحقيقية في السيميائية الماركسية، وفضحها على أنها تجريد مخفي تحت عباءة الفورية والخصوصية، وعلى الرغم من أن السير ماركس مشبع بالفعل بالتكافؤ لقد تعلم الكثير عن مخاطر التنظير للتبادل الرمزي من هذا النقد لعمل الأساطير الماركسية.

وأظهر أيضًا أن نموذج رومان جاكوبسون الشعري للتواصل كان مليئًا بالافتراضات الميتافيزيقية كنتيجة لإرهاب الكود الذي يمنح المرسل امتيازًا على المتلقي ويبقيها في نمط تعليق، مما يفرض الوحدة الأحادية الجانب، ووضوح الرسائل وباستثناء التناقض كمبدأ أكثر ضراوة من مجرد الغموض الشعري.

وكانت أهم مظاهر السيميائية الماركسية هي التناظر بين العلامة وأشكال السلع وقيمة التبادل هي الدال لأن قيمة الاستخدام تدل وقابلية التحويل المحدودة بين منطق القيمة وقيمة الاستخدام وقيمة التبادل وقيمة تبادل الإشارة والتبادل الرمزي.

في حين أن قيمة الاستخدام وقيمة التبادل وقيمة الإشارة تتقارب في أشكال كائن ذات وجهين مدمجة في بناء جملة وظيفي ويتم التحكم فيها بواسطة رمز يحدد تداولها، فإن الأخير التبادل الرمزي ظهر باعتباره الآخر غير المتجانس للاقتصاد السياسي المتجانس وعلم السيميولوجيا، وكلا نظريتي القيمة لا ينبغي الخلط بين إحساس بالرمزية والرمزية الأخرى في جاك لاكان وجوليا كريستيفا، حيث تعارض رمزية ماركس علم السيمولوجيا.

ووجدت موضوعات نقد فئات السيميائية الماركسية والرمزية تطبيقها في قراءة سلالات معينة من الماركسية في مرآة الإنتاج، وإن العلة القاتلة للرأسمالية هي عدم قدرتها على إعادة إنتاج نفسها بشكل رمزي، وهي العلاقات التي تحاكيها بدلاً من ذلك، وكان فشل المادية التاريخية هو أنها لم تستطع الهروب من تصنيفات الاقتصاد السياسي، ومعتبرة الإنتاجية والعمل غير اللذين لم يتم تحليلهما بشكل كافٍ كمرايا لكل نشاط اجتماعي، بعبارة أخرى فإن هذه المفاهيم تطارد الماركسية وتظل حبيسة منطق تمثيل ما سعت إلى نقده بشكل جذري.

وكبديل قدمت السيميائية الماركسية التبادل الرمزي كدورة ناهضة متواصلة مشبعة بالتناقض، واستعارة من اقتصاد الإنفاق العام المناهض للإنتاجية لجورج باتاي وتحليل مارسيل موس لمراسم القدر التي تنطوي على التدمير المتهور للثروة في إنشاء المرتبة.

وضمن ثالوث الالتزامات العطاء والاستلام والسداد، ويمكن قراءة السيميائية الماركسية بشكل مثمر باعتباره منظور الالتزامات والمحاكاة وهي المحاكاة الأخرى للتبادل الرمزي، وتحتوي المحاكاة على أشهر نظرية للسيميائية الماركسية حول ترتيب المحاكاة، حيث ظهر الترتيب الأول للتزييف في عصر النهضة مع تحرر العلاقات الاجتماعية المغلقة والقاسية وضمان الدلالة المحفزة والمرتبة الاجتماعية الثابتة.

المصدر: الاتجاه السيميولوجي، عصام خلف كاملالسيميولوجيا والسرد الأدبي، صالح مفقود، 2000ما هي السيميولوجيا، ترجمة محمد نظيف، 1994سيمياء العنوان، بسام قطوس، 2001


شارك المقالة: