أصبحت الصلة بين الهجرة والجريمة موضوع بحث في مطلع القرن العشرين، وذلك تحديداً بعد أن جاء المهاجرون من أوروبا إلى الولايات المتحدة بأعداد كبيرة، والذي فتح أعين علماء الجريمة لعلاقة الهجرة على الدول التي تشهد ذلك، فلم تكن العلاقة بين الهجرة والجريمة موضوع بحث رئيسي قبل ذلك لأنّ اتجاه الهجرة كان بطيئًا خلال هذه الفترة في أنحاء العالم بشكل عام وفي الولايات المتحدة بشكل خاص، ولأنّه كان يعتقد أنّ شرائح كبيرة من المهاجرين الأوروبيين القادمين في أوائل القرن العشرين قد تم استيعابهم بالفعل في المجتمع الأمريكي.
أثر الهجرة على الدول
مع سياسة الباب المفتوح بموجب قانون الهجرة والجنسية لعام 1965 وصل مهاجرون جدد مرة أخرى إلى الولايات المتحدة بأعداد لم نشهدها منذ مطلع القرن العشرين، وهجرة ما بعد عام 1965 والتي تضمنت أعدادًا كبيرة من الآسيويين والأفرو كاريبيين واللاتينيين جدد الاهتمام البحثي بالموضوع جزئيًا بسبب المناقشات العامة المتزايدة حول تكاليف وفوائد الهجرة وجزئيًا بسبب مصادفة ظاهرتين اجتماعيتين:
1- وصول مهاجرين جدد.
2- ارتفاع معدلات الجريمة في السبعينيات والثمانينيات.
كما كانت هناك مخاوف بشأن انخفاض مستويات مهارات سوق العمل بين المهاجرين الجدد وخاصة أولئك الذين وصلوا عبر القنوات السرية والثغرات القانونية، وأنتجت الدراسات المبكرة والحديثة نتائج مختلفة ولكنها لم تظهر أدلة قوية حول الآثار السببية للهجرة على الجريمة، وبدلاً من ذلك أشاروا إلى آثار العوامل الاجتماعية والاقتصادية المختلفة على السلوك الإجرامي بين المهاجرين.
لا آثار سلبية للهجرة على الجريمة
لم تجد العديد من الدراسات المبكرة والحديثة أدلة حول التأثير السلبي للهجرة على مشكلة الجريمة، وأشارت النتائج المستخلصة من ثلاث دراسات مبكرة بما في ذلك:
1- اللجنة الصناعية.
2- لجنة الهجرة.
3- اللجنة الوطنية لمراقبة القانون وإنفاذه (المعروفة أيضًا باسم لجنة ويكرشام) إلى أنّ على المستوى الكلي، فإنّ المدن التي بها نسبة عالية من الأشخاص المولودين في الخارج ليس بالضرورة لديها معدلات جريمة أعلى من المدن التي بها نسبة أقل من الأشخاص المولودين في الخارج.
على المستوى الجزئي كان يُنظر إلى البيض المولودين في الخارج على أنّهم أقل إجرامًا من البيض المولودين في الولايات المتحدة لأنّ معدلات الحبس لديهم أقل، كما أظهرت سجلات المحكمة أنّ الأشخاص المولودين في الخارج كانوا أقل احتمالاً من المولودين في البلاد لأنّهم مذنبون بارتكاب جرائم، وقدمت الأبحاث في السنوات الأخيرة نتائج مماثلة تظهر أنّ الأحياء ذات التركيزات الكبيرة من المولودين في الخارج لديها مستويات أقل من العنف من تلك التي بها نسب أقل من المقيمين المولودين في الخارج، وقدمت الأبحاث التي أجريت على العديد من المجموعات العرقية – الإثنية التي يُنظر إليها على أنّها ذات مستويات عالية من الجريمة، وأدلة إضافية على انخفاض مستوى الجريمة بين المهاجرين.
على الرغم من أنّه من المحتمل أن يكونوا متورطين في جرائم قتل المعارف، إلّا أنّه لا توجد أدلة كافية على تورطهم بشكل غير متناسب في جرائم قتل الغرباء أو أنّهم كانوا عنيفين بشكل غير عادي، كما تشير الموضوعات السائدة في الصور النمطية الشائعة، وعلى الرغم من أنّ معظم الأبحاث التي تمت مناقشتها لم تفسر سبب انخفاض مستويات الاعتقال والإدانة بين المهاجرين المولودين في الخارج، فقد أشارت دراسة حديثة أجراها بوتشر وبيل إلى أنّ طبيعة الاختيار الذاتي للمهاجرين تفسر انخفاض مستوياتهم من ارتكاب الإجرام.
كما وجدوا أنّ المهاجرين الجدد من جميع الخلفيات العرقية والإثنية لديهم مستويات أقل من التعليم ولكن لديهم أيضًا مستويات أقل بكثير من السجن مقارنة بالسكان الأصليين، حتى خلال الفترة الزمنية التي توسعت فيها المؤسسات، وبعد عدم العثور على أي دعم لتفسيرات أخرى (على سبيل المثال زيادة الترحيل والردع) خلص بوتشر وبيل إلى أنّ المهاجرين تم اختيارهم بأنفسهم من بين أولئك الذين لديهم نزعة إجرامية منخفضة.
الجريمة بين غير المواطنين
يشير مصطلح غير المواطنين المستخدم في تقارير الجرائم التي جمعها مكتب إحصاءات العدل الأمريكي إلى المقيمين الدائمين والمهاجرين الأجانب غير المتجنسين أو الذين ليس لديهم وضع الإقامة الدائمة والمواطنين الأجانب الموجودين في الدولة مؤقتًا والمهاجرين غير الشرعيين (أو المهاجرين غير الشرعيين)، وتم إدراج الجرائم التي يرتكبها الأجانب المهاجرون لأول مرة في التقرير المعنون: “تقرير عن الجريمة والمولودون في الخارج” والصادر عن اللجنة الوطنية لمراقبة القانون وإنفاذه.
على الرغم من عدم دخول جميع المهاجرين الأجانب إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، فقد تم اعتبارهم مجموعة مختلفة عن المهاجرين الذين يتمتعون بالوضع القانوني للمقيمين الدائمين، وأشار التقرير إلى عدد كبير من جرائم القتل (12٪ -25٪ من جميع الجرائم) التي ارتكبها مهاجرون أجانب مسجونون في المؤسسات العقابية الأمريكية، وعلى الرغم من أنّه لم يكن من الممكن للتحقيق مقارنة معدلات جرائم القتل بين الأجانب والمهاجرين المتجنسين والمجموعات المولودة في البلاد، إلّا أنّ اللجنة كانت مهتمة بحقيقة أنّ نسبة كبيرة من المهاجرين الأجانب المسجونين ارتكبوا هذه الجرائم الخطيرة بعد وقت قصير من وصولهم إلى الولايات المتحدة.
في السنوات الأخيرة غالبًا ما توجد الخلط بين المهاجرين الشرعيين والمهاجرين غير الشرعيين في المناقشات حول الهجرة والجريمة، وكان هناك ميل لتجميع هاتين المجموعتين في المصطلح العام مهاجرون، وعندما يتم تمييز المهاجرين غير الشرعيين عن المهاجرين الشرعيين غالبًا ما يُعتقد أنّ المجموعة الأولى مسؤولة عن نسبة كبيرة من السلوكيات الإجرامية المرتكبة، وقد قيل إنّه بسبب خطر الترحيل يخشى المهاجرون غير الشرعيين إبلاغ الشرطة بالجرائم المرتكبة ضدهم، مما يجعل التقديرات الرسمية للجرائم في مجتمع المهاجرين غير الشرعيين منخفضة بشكل مصطنع.
ومع ذلك لا يوجد دليل على أنّ الإبلاغ عن التحيز يؤثر بشكل خطير على تقديرات معدلات الإيذاء بجرائم القتل لأنّه على عكس الجرائم الأخرى يجب أن يكون لقضايا القتل جثة، وفي الواقع على المستوى الوطني للبلاد تنعكس جرائم القتل التي يرتكبها المهاجرون غير الشرعيين في البيانات تمامًا مثل جرائم القتل في الفئات الاجتماعية الأخرى، وإنّ الرأي القائل بأنّ المهاجرين غير الشرعيين ينخرطون بشكل غير متناسب في سلوك إجرامي خطير لا يتماشى مع حقيقة التي صدرت قبل ذلك بأعوام، بينما انخفضت معدلات الجرائم العنيفة في الولايات المتحدة. تضاعف عدد السكان المهاجرين إلى 12 مليون.
تم توجيه تهم ساحقة إلى هؤلاء المجرمين من غير المواطنين بارتكاب جرائم الهجرة بما في ذلك الدخول والعودة غير القانونيين وكذلك تهريب الأجانب غير الشرعيين ونقلهم وإيوائهم، وتم اتهام نسبة أقل من الجناة غير المواطنين بجرائم تتعلق بالمخدراتن ونظرًا لقصر فترة وجودهم في الدول المهاجرين إليها فقد كانوا أقل احتمالًا من نظرائهم من المواطنين الأصل أن يكون لديهم تاريخ إجرامي معروف.