هو أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم الخراساني، كان أحد الفرسان العاملين في خدمة الدولة العباسية والذي قام بقيادة الثورة العباسية التي دمّرت الدولة الأموية، كان أبو مسلم على الأغلب من أصل فارسي وولد إما في ميرف أو بالقرب من أصفهان، التاريخ الدقيق غير معروف إما في عام 718 ميلادي أو في وقت ما في عام 723 ميلادي ووفقاً لبعض المصادر، فقد وُلِد في مقاطعة سار إي بول بأفغانستان الحالية لعائلة طاجيكية.
الوالي أبو مسلم الخرساني:
ترعرع أبو مسلم الخرساني في مدينة الكوفة وعمل في منصب والي السراج وهناك قوّى تواصله مع الشيعة، كانت وضع الكوفة في ذلك الوقت غير مستقر وكثرت فيها الاضطرابات ضد الدولة الأموية التي كانت تفضل سياساتها على غير العرب المتحولين إلى الإسلام وبالتالي كان يُنظر لها على أنها تقوم بانتهاك الوعود الإسلامية بالمساواة، ساهم أسلوب الحياة المترفة للخلفاء الأمويين وهجومهم على العلويين إلى نفور الناس.
أدّت هذه الأنشطة إلى دخول أبو مسلم السجن حيث تم تحريره عام عام 741 ميلادي على يد المبشرين العباسيين وهم في طريقهم إلى مكة، تم إرساله إلى إبراهيم بن محمد مؤسس العشيرة العباسية الذي قام بإرساله عام 745 ميلادي حتى يوجه الجهد التبشيري في خراسان.
خراسان والنصف الشرقي الإيراني من الخلافة بشكل عام قدمت أرض خصبة للأنشطة التبشيرية للعباسيين، بعيداً عن محافظة سوريا الأموية كان لخراسان هوية مميزة، حيث كانت موطن لمجتمع كبير من المستوطنين العرب مما أدى بدوره إلى عدد كبير من المتحولين الأصليين، فضلاً عن التزاوج بين العرب والإيرانيين، كمدينة حدودية تتعرض للحرب بشكل مستمر، كان المسلمون المحليون من ذوي الخبرة العسكرية.
ساعد الكفاح المشترك على توحيد العرب والمسلمين الأصليين في خراسان، مع كراهية مشتركة تجاه الميول المركزية لدمشق وابتزاز محافظون سوريون، وفقاً لروايات لاحقة أرسل العباسيون بالفعل في عام 718 ميلادي اثني عشر نقباً إلى المقاطعة، لكن العلماء المعاصرين يشككون في مثل هذه المزاعم ويبدو أنّه بعد فشل ثورة زيد بن علي عام 740 ميلادي قام المبشر العباسي.
الحركة تبدأ في إحراز تقدم في خراسان، في عام 745 ميلادي سافر الخراساني قحطبة بن شبيب الطائي غرباً ليقسم على الولاء لإبراهيم بن محمد وكان معه أن أبو مسلم أُرسل شرقاً لتولي السيطرة، عند وصول أبو مسلم إلى خراسان كانت المدينة مضطربة بسبب تأثير الحرب الأهلية الأموية على الفتنة الثالثة والتي أعادت الحرب بين قبيلتي اليمن وقيس.
عارضت العديد من العناصر اليمانية في المحافظة الحاكم منذ فترة طويلة وهو نصر بن سيار، حيث سعوا إلى استبداله ببطلهم جودي الكرماني، وكما قاد الكرماني انتفاضة حينها ضد ابن سيار وطرده من العاصمة الإقليمية وذلك في أواخر عام 746 ميلادي، فرّ الحاكم إلى معقل قيسي في نيسابور.
أبو مسلم الخرساني والثورة العباسية:
استولى أبو مسلم الخرساني على ميرف في عام 747 ميلادي وهزم الوالي الأموي نصر بن سيار وكذلك شيبان الخرجي وهو من الخوارج ويطمح إلى الخلافة، أصبح أبو مسلم الوالي الفعلي لخراسان ونال شهرة في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي بسبب فوزه على تمرد بيهفريد زعيم الطائفة التوفيقية التي كانت في مازداست، كما حصل أبو مسلم على الدعم للتخلص من التمرد من المسلمين الأصوليين والزرادشتيين.
في عام 750 وصل أبو مسلم إلى منصب قائد الجيش العباسي وقام بالفوز على الأمويين في معركة الزاب، بعد إقامة النظام العباسي بقي أبو مسلم والي على خراسان، وفي هذا الدور قام يقمع انتفاضة الشيعة لشريك بن الشيخ المهري في بخارى عام 750 ميلادي، كما أنه عزز الفتح الإسلامي في آسيا الوسطى وأرسل أبو داود خالد بن إبراهيم إلى حملة في الشرق.
كان دور أبو مسلم الكبير في مهارة الثورة والعسكرية مع سياسته المتصالحة تجاه الشيعة والسنة والزرادشتيين واليهود والمسيحيين، فقد أصبح له شعبية كبيرة بين الشعوب وبالرغم من أنّ أبو العباس السفاح كان يثق به بشكل كبير، إلا أنّه كان يحذر من قوته، حيث وصل عدد حاشيته على 500 رجل عند وصوله إلى العراق وفي طريقه إلى الحج عام 754 ميلادي.
فضّل السفاح في أكثر من مرة بالتخلص من أبو مسلم؛ خوفاً من تنامي نفوذه وشعبيته، ويبدو أنّ هذه الكراهية كانت بين الطرفين، حيث كان أبو مسلم يتطلع إلى مزيد من السلطة وينظر بازدراء إلى المنصور ويشعر أنّ المنصور مدين له لمكانته، عند تمرُّد عم الخليفة الجديد عبد الله بن علي، أرسل المنصور أبو مسلم للتخلص من هذا التمرد، فأعطى عبد الله لابن أخيه وسجنه، ثم أُعدم عبد الله في النهاية.
تدهورت العلاقات بشكل سريع عند إرسال المنصور وكيل له لغنائم الحرب، ثم عيّن أبو مسلم والي على سوريا ومصر خارج معقل له، بعد مراسلات كبيرة على نحو متزايد بين أبو مسلم والمنصور، خاف أبو مسلم أن يُقتل إذا ظهر في حضور الخليفة وغير رأيه فيما بعد وقرر أن يظهر في حضوره بسبب مزيج من عصيان المتصور، ووعد المنصور بإبقائه والي خراسان مع تأكيد مساعديه المقربين الذين رشى بعضهم.
سار أبو مسلم إلى العراق حتى يلتقي بالمنصور عام 755 ميلادي، شرع المنصور في تعدد شكاواه ضد أبو مسلم الذي بقي يذكّر الخليفة بجهوده في تنصيبه، كما وجهت ضد أبو مسلم عدة اتهامات بالزندق، ثم أشار المنصور إلى 5 من حراسه خلف رواق ليقتلوه، تمّ إلقاء جثة أبو مسلم في نهر دجلة مشوهة وتم رشوة قادته للإذعان عن جريمة القتل.
الزرادشتية المشفرة:
لقد تمّ التشكيك في صدق المعتقدات الإسلامية لأبي مسلم خاصة في ضوء علاقاته الوثيقة مع مباد سنباد، بعد نجاحه في جرجان، هناك سرد عن تمكن أحد رجال القبيلة من الوصول إلى الخط العباسي وقام بإرسال أخبار خسارة الأمويين من خلال حلق لحيته وربط كوستي والتظاهر بأنّه زرادشتية، كما تم تسجيل أمر أبو مسلم بقتل جميع المتحدثين باللغة العربية في خراسان.
لم يتم تذكر أبو مسلم بشكل إيجابي من قبل الأرثوذكسية الزرادشتية في اللغة الفارسية الوسطى، لم يلق مقتله استحسان لدى سكان خراسان وكان هناك استياء وتمرد بين السكان على الأساليب القذرة التي قام الخليفة المنصور باستخدامها.
أصبح أبو مسلم من الشخصيات الأسطورية للكثير من الناس في بلاد فارس وبدأ العديد من الهراطقة الفارسية الثورات يدّعون بأنه لم يمت وسيعود، تضمّنت الدعاية التي تخص إسحاق الترك رجل الدين الزرادشتي سونباذ في نيسابور، القسم المتفرع من كيسانية الشيعة في خراسان.