أهم المعتقدات حول علاقة التعليم بالجريمة

اقرأ في هذا المقال


هناك منظور عام لمفهوم التعليم والجريمة هو دراسة تأثير الجريمة على التعليم وليس العكس بتأثير التعليم على الجريمة، فكما هو الحال مع تأثير التعليم على الجريمة، فإن تأثير الجريمة على التعليم له اتجاهات عديدة يمكن التعامل معها، فهي تعد باعتبارها عائقًا أمام الفرص التعليمية والتحصيل، بالإضافة إلى النظر بإيجاز في قضايا السلامة المدرسية وغيرها من الجوانب الأخرى.

معتقدات علاقة التعليم بالجريمة

في البداية لا بد من ذكر أهم المعتقدات التي تم إدخال العديد منها كروابط بين التعليم والجريمة في الأدبيات وتم قبولها على نطاق واسع، وفيما يلي بعض المعتقدات المدعومة تجريبياً حول الروابط بين التعليم والجريمة:

1- غالبًا ما يؤدي افتقار الشخص إلى التعليم إلى زيادة احتمالية تورطه في الجريمة والسلوك غير الاجتماعي، والعكس صحيح أيضًا: فكلما زاد تعليم الفرد زادت احتمالية أن يعيش حياة خالية من الجريمة.

2- إنّ الافتقار إلى التحصيل العلمي يقلل بشكل عام من فرص العمل المستقبلية للفرد بسبب زيادة معايير التوظيف في المجتمع، مما يؤدي إلى سلوك إجرامي محتمل لأولئك الأفراد الذين لا يستطيعون الحصول على عمل قابل للتطبيق.

3- إنّ الافتقار إلى التعليم والتحصيل التعليمي يحد بشكل عام من معدل الذكاء للفرد مما يجعله أكثر عرضة للاستغلال والتورط الجنائي الثانوي المحتمل.

4- كلما كان المجتمع أكثر تعليمًا قلت الجرائم التي يتعرض لها.

5- كلما كان الشخص أكثر تعليمًا قل خوفه من الجريمة وقل تأثيرها على حياته أو حياتها.

6- من المعتقد عمومًا أنّ الزيادة في السلوك الإجرامي للفرد تقلل من قدرته (والدافع) لإكمال مستويات أعلى من التعليم (أي التسرب من المدرسة والطرد).

7- لقد أثبت التاريخ أنّ الزيادات في معدلات الجريمة ستستنزف دائمًا الموارد القيمة من احتياجات المجتمع التعليمية وتتطلب توجيه هذه الموارد نحو جهود مكافحة الجريمة.

8- أظهر التاريخ أيضًا أنّ الزيادة في جرائم الأحياء المحلية غالبًا ما تقلل من فعالية البرامج التعليمية للمدارس المحلية وحتى من حضور الطلاب.

9- بسبب تنوع الأعراق داخل المجتمع الواحد فهناك تمايز بين تحصيلهم التعليمي، فمثلًا الأمريكيون الأفارقة والأسبان بشكل عام لديهم تحصيل تعليمي أقل من المجموعات العرقية الأخرى، ولديهم أيضًا معدل تسرب أعلى من المجموعات العرقية الأخرى، ويعد الأمريكيون الأفارقة والأسبان الذين يتركون المدرسة لديهم معدل سجن أعلى بكثير من أولئك الذين لا يفعلون ذلك، ودعمت الأبحاث بشكل تجريبي النظرية القائلة بأنّ الأمريكيين الأفارقة والأسبان لديهم معدلات أعلى من السلوك الإجرامي، ويجادل العديد من العلماء بأنّ هناك علاقة محددة بين العرق والجريمة.

10- على المستوى العملي يحتاج المرء فقط إلى النظر إلى حقيقة أنّه في الأيام التي تكون فيها المدرسة في جلسة، وينخفض ​​مستوى جرائم الملكية التي يرتكبها الأحداث بشكل كبير.

بالنظر إلى هذه النتائج يصعب على كثير من الناس تصديق أنّه نظرًا لأنّ الولايات المتحدة على سبيل المثال لديها واحد من أعلى معدلات الحبس في العالم الصناعي، فإنّ معدل إنفاقها على الأنظمة التعليمية هو من بين أدنى المعدلات، ويعتبر الكثيرون أنّ هذا هو أحد العوامل المحفزة الرئيسية للزيادات المستمرة في السلوك المنحرف والعنيف في أمريكا.

هل تعد الجريمة عائق أمام الفرص التعليمية

أحد المجالات الرئيسية التي يمكن العثور فيها على تأثير الجريمة على التعليم هو كيف تعمل الجريمة في كثير من الأحيان كحاجز أمام الفرص التعليمية للعديد من الأشخاص، ويمكن أن تظهر حالة الحاجز هذا من اتجاهين وهما:

1- أنماط التنقل السلبية لبعض المجموعات من حيث المعايير التقليدية وغير التقليدية للحركة الصاعدة والتحصيل التعليمي.

2- عدم وجود فرصة للأفراد في التحصيل العلمي بسبب سلوكهم الإجرامي، على سبيل المثال الحبس والتسرب من المدرسة والطرد.

بالنسبة للعديد من الأشخاص يعد الذهاب إلى الكلية أو تحقيق مستويات أعلى من التعليم هدفًا غير واقعي بسبب القيود المالية أو الظروف المعيشية، بل بدلا من ذلك البقاء اليومي هو مصدر قلق بالغ، واضطر العديد من هؤلاء الأفراد إلى ترك المدرسة في سن مبكرة للمساعدة في إعالة أسرهم أو رعاية الأشقاء الصغار، وبالنسبة للآخرين أصبح سلوكهم الإجرامي عائقاً أمام تحصيلهم التعليمي في المستقبل.

علاقة التعليم بوقوع الجريمة

كما ذكرنا سابقًا يضطر العديد من الأفراد إلى ترك البرامج التعليمية التقليدية من رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر بسبب سلوكهم الإجرامي أو المنحرف، ويبدأ هؤلاء الأفراد عادةً بالتعليق في المدرسة والذي يتطور إلى حالات تعليق خارج المدرسة وفي النهاية إلى عمليات طرد، وفي معظم البلدان التي يكون فيها سن التعليم الإلزامي 16 عامًا غالبًا ما يجد هؤلاء الأفراد أنفسهم مجبرين على حضور برامج تعليمية بديلة، ودعم البحث الاعتقاد بأنّ غالبية هؤلاء الشباب لا يسعون إلى أي فرص تعليمية ما بعد المرحلة الثانوية، وكثير منهم لا ينهون المدرسة الثانوية أو برامج (GED).

معظم إن لم يكن كل السلوكيات المدرسية الإجرامية أو المنحرفة مثل الهروب من المدرسة وتعاطي المخدرات والسلوك العنيف والانخراط في جرائم الممتلكات ترتبط ارتباطًا وثيقًا بنقص التخرج من المدرسة الثانوية، فتبنت العديد من الأنظمة التعليمية موقف سياسة عدم التسامح عندما يتعلق الأمر بأي نوع من سلوك الطلاب السلبي، والنتيجة الأساسية لهذه السياسات هي طرد الطفل الجانح من المدرسة والنتيجة الأولية لمعظم عمليات الطرد هي أنّ الفرد لا يعود أبدًا إلى المدرسة.

وبالتالي في ظل غياب التحصيل التعليمي المناسب (وربما الفكر) فإنّه لا يستطيع أن يكون قادرًا على المنافسة في معظم أسواق العمل، وكما يعد نقص التوظيف عاملاً رئيسيًا في قرار الفرد بالتحول إلى السلوك الإجرامي لتلبية احتياجاته المالية.

قضايا السلامة المدرسية

المجال الأخير للمناقشة هو التأثير العملي للغاية الذي يمكن أن تحدثه الجريمة على التعليم، فهناك عدد كبير من الأبحاث التي تتناول أكثر أشكال العنف المدرسي شيوعًا: التحرش الجنسي والبلطجة أو التنمر، وقد يجادل كثير من الناس بأنّ هاتين المسألتين وحدهما مسؤولتان عن قدر كبير من التسرب من المدرسة الثانوية والاعتداءات وحتى إطلاق النار في المدارس.

ترتبط السلامة المدرسية والحماية المناسبة للطلاب ارتباطًا وثيقًا بالجريمة، فكلما ازدادت الجريمة في المدرسة قل شعور الطلاب بالأمان وكلما قل شعورهم بالأمان قل تعلمهم، وعندما يضطر الطلاب إلى القلق بشأن سلامتهم على أساس يومي في المدرسة غالبًا ما تُترك الخبرات الأكاديمية وراءهم، ويتفق معظم الناس على أنّ التعلم يصبح ثانويًا بسرعة كبيرة عندما يضطر الطفل إلى القلق بشأن الموت أكثر من الفشل في الفصل.

ترتبط العديد من الروابط التي تربط الجريمة بالتعليم من رياض الأطفال وحتى التعليم الثانوي بالحوادث التي تحدث بين الطلاب، وهناك مشكلة كبيرة تتعلق بالتنمر والتحرش الجنسي في حرم العديد من المدارس الأمريكية على سبيل المثال، وهذه الأعمال رغم أنّها ليست عنيفة بشكل واضح فتمر في كثير من الأحيان دون أن يلاحظها أحد ويمكن أن يكون لها تأثير سلبي للغاية على الضحايا، كما تم ربط مثل هذا العلاج بمعدلات التسرب المرتفعة والدرجات الفاشلة وحتى حالات انتحار الأحداث.


شارك المقالة: