تعزيز الظواهر الاجتماعية الإيجابية

اقرأ في هذا المقال


يتم تعزيز الظواهر الاجتماعية الإيجابية بمقاربة البحث العلمي الاجتماعي الذي يركز على القيود المفاهيمية للوضعية والتفسيرية، والمبني على المساهمات التي قدمها علماء الاجتماع على أمل مواصلة مناقشة أفضل طريقة لبناء تفسيرات سببية علمية اجتماعية لتعزيز الظواهر الاجتماعية الإيجابية التي يراد الحفاظ عليها، لذلك فإن هذا النهج يدعو إلى تعميم مجموعات العمليات والأحداث التي تمكنهم، وهذا يتطلب أن يوجه الباحثون أبحاثهم للتركيز على الديناميكيات التي تلعب دورًا في تعزيز الظواهر الاجتماعية الإيجابية، وليس نتائج هذه الظواهر.

تعزيز الظواهر الاجتماعية الإيجابية

يرى علماء الاجتماع أن هناك طرق لتعزيز ودراسة الظواهر الاجتماعية الإيجابية بين العوامل الاجتماعية والمادية التي تتجنب القيود المفاهيمية للوضعية والتفسيرية، ويقدم عالم الاجتماع دانيال ليتل فهماً للطريقة السببية التي يعتقد أنها تُمكن من تعزيز الظواهر الاجتماعية الإيجابية بين النهج الوضعي والتفسير للعلاقات الاجتماعية، كما إنه يفهم أن العلاقات السببية الاجتماعية تتشكل من القوى السببية للأحداث الاجتماعية المختلفة والظروف والبنى الاجتماعية وما شابه ذلك.

فالآليات السببية الفردية التي تؤدي من الظروف السابقة إلى النتائج من خلال تفريغ المساحة المفاهيمية بين الظروف السابقة ونتائجها تمكن علماء الاجتماع من تحطيم المفاهيم الغامضة للتكوين المشترك وبناء المعنى وتعزيز الظواهر الاجتماعية الإيجابية، وقد تكون الظواهر الاجتماعية مكونة للواقع الاجتماعي بالطرق التي وصفها علماء الاجتماع، ولكن ليس من قبل بعض الموجات السحرية لعصا المعنى.

والقليل من العلماء يشير إلى أن العديد من الوضعيين يتحركون في اتجاه فحص الآليات السببية في محاولة لمعرفة كيف تحفز الأسباب آثارها، لكن هذه الممارسة ما زالت طويلة، ويعرّف علماء الاجتماع الآليات السببية على أنها سلسلة مرتبطة من الفرضيات السببية التي تشير إلى كيفية عمل الروابط بين المتغيرات أو بشكل حشو الآليات التي من خلالها يكون للسبب تأثيره، كما إنهم يوازنون بين الآليات السببية وتتبع العمليات والتحليل التاريخي ودراسات الحالة التفصيلية.

وفي حين أن بعض الأساليب قد تكون وسائل مهمة لتحديد وفحص الآليات السببية، فإن مجرد تحديد موقعها في تحقيق تجريبي لا يفعل الكثير لشرح كيف أو لماذا تعمل الآليات بالطريقة التي تعمل بها، ومع إيلاء المزيد من الاهتمام لكيفية قيام العلماء بتحطيم السلسلة السببية الموجودة بين المحفزات الاجتماعية والنتائج الاجتماعية المختلفة يصبح المنظرون أكثر قدرة على دراسة عملية تعزيز الظواهر الاجتماعية الإيجابية.

ويساعد هذا علماء الاجتماع على تجاوز مشكلة الانتماء عن طريق تقسيم الظواهر الاجتماعية الإيجابية إلى سلسلة من العمليات والأحداث الاجتماعية والسياسية والمادية والنفسية المتداخلة التي تتحد لإنتاج هذه الظواهر، على سبيل المثال من خلال فحص تطوير الهوية الجماعية كمنتج لعمليات وأحداث مختلفة يمكن لعلماء الاجتماع البدء في الحصول على صورة لكيفية حدوث التعزيز، فما هي مجموعات الظروف والعمليات التي تدفع الأفراد المنفصلين إلى الاتحاد حول هوية معينة؟

إذ قد يتعذر التمييز بين الموضوع والموضوع على المستوى الكلي لذلك يعرف المحللون أن الأفراد يتفاعلون مع بيئتهم الاجتماعية ويشكلونها ويتشكلون من خلال بيئتهم الاجتماعية بطريقة ما ولكن لا يمكنهم رسم أسهم سببية أنيقة.

وتقترب بعض أعمال علماء الاجتماع الحديثة من كيفية تصور الأفكار على أنها مكونة للظواهر الاجتماعية الإيجابية، ويتطلب هذا تحقيقًا في تلك الأفكار التي جعلت من الممكن تعزيز الظواهر الاجتماعية الإيجابية وتكوينها والحفاظ عليها، كما تتطلب إلى السمات الظرفية باعتبارها ظروفًا خاصة تتطلب نوعًا معينًا من الاستجابة من قبل الفاعلين، وتنظر النظريات التأسيسية في الكيفية التي تصبح بها الأفعال والأفكار ظواهر إيجابية ومفهومة وذات مغزى وشرعية، وتركز هذه النظريات على الأسئلة المتعلقة بالشروط المحتملة لمسارات العمل المختلفة.

صعوبة تعزيز الظواهر الاجتماعية الإيجابية

تكمن الصعوبة في كيفية تعزيز الظواهر الاجتماعية الإيجابية من الناحية المفاهيمية والمنهجية للتفسيرات التنافسية، فمن الناحية المفاهيمية من الضروري لعلماء الاجتماع أن يتذكروا أن التفسيرات أحادية السبب نادرًا ما تكون صحيحة وأن أي علاقة سببية من المحتمل أن تكون معقدة، وإن البحث في الآليات السببية يبقي الباحثين منتبهين لهذه الحقيقة، ولكنه يستلزم تركيز الباحثين على ديناميكيات الآلية التي تمكن من تحقيق نتائج معينة أو في كثير من الأحيان على نفس القدر من الأهمية.

وقد قدم عالما الاجتماع باتريك جاكسون ودانييل نيكسون وسيلة محتملة لهذا النوع من التحقيق، حيث يركزون على نهج في العلوم الاجتماعية يسمونه العلاقة، وهذا النهج يعالج التكوينات المختلفة لروابط التفاعل الاجتماعي والثقافي المتكرر بين التجمعات الاجتماعية من مختلف الأنواع والأجزاء المكونة باعتبارها اللبنات الأساسية للتعزيز الإيجابي، ومن خلال النظر في كيفية ربط العمليات والأحداث يمكن لعلماء الاجتماع أن يفهموا بشكل أفضل كيف تشكل التكوينات المختلفة ممارسات محددة للسياسة الدولية.

ويعتمد هذا النوع من النهج لتعزيز الظواهر الاجتماعية على فهم السببية التي يمكن أن تحافظ على التعقيد، فالسببية المباشرة لن تكون كافية في كثير من الأحيان، إذ تطرح العلاقات السببية المعقدة بعض المخاوف المنهجية أيضًا، وتشير التفسيرات السببية الاحتمالية كطرق للتركيز على الآليات العرضية التي تلعب دورًا في أي عملية اجتماعية معينة، وتُعرَّف السببية الاحتمالية على أنها أسباب تغير احتمالية حدوث آثارها بالنسبة إلى الاحتمال السابق للتأثير.

وهذا الشكل من السببية لا يزال حتميًا وهذا لأن التباين في الظواهر الاجتماعية الإيجابية التي تحمل وزنًا سببيًا يؤدي إلى اختلافات منتظمة في النتائج باستثناء إدخال القوى المتداخلة مع السماح بتفسير يحتوي على مزيد من الفروق الدقيقة والتعقيد، والتفسيرات الاحتمالية للسببية عند تطبيقها على تعزيز الظواهر الاجتماعية الإيجابية البيانات تتشكل فقط من خلال فئتها المرجعية ونطاقات القيم العددية التي يجب أن تقع ضمنها قياسات المتغيرات الحاسمة، ومن خلال القاعدة المنهجية التي تقرر أن الانحرافات القابلة للتكرار عن تلك النطاقات تدحض النظرية.

وهي تدعي أن هذا النهج للسببية يفشل في فهم كيفية تشكيل تعزيزات للظواهر الاجتماعية الإيجابية من خلال الخطاب الأخلاقي والاهتمام البراغماتي، لكنه فشل في توضيح سبب ذلك بالضرورة، ومن خلال تطوير تفسيرات سببية تحاول تقليل الغموض المنهجي قدر الإمكان سيتمكن علماء الاجتماع من التعامل بشكل أفضل مع الظواهر الاجتماعية الإيجابية من الناحية المفاهيمية، وتطوير النظريات التي تعزز الظواهر الاجتماعية الإيجابية من حيث احتمالية الحدوث بدلاً من الواقعية.

وهي وسيلة مثمرة لمعالجة السلوكية الضمنية للسببية الوضعية، ويتيح هذا النهج تفسيرات سببية للأحداث التي لم تحدث، كما إنه يشجع التفسيرات متعددة الأسباب بشكل غير مباشر من خلال تصور الظواهر الاجتماعية الإيجابية على أنها مزيج من عدة ظواهر اجتماعية ومادية، ومن خلال عرض الظواهر الاجتماعية الإيجابية بهذه الطريقة يكون الباحثون في وضع أكثر ملاءمة للتحقيق في كيفية تعزيز الظواهر الاجتماعية الإيجابية والاختلافات في التوليفات المختلفة للظواهر الاجتماعية والمادية واحتمالية نتائج تجريبية معينة.

وتحتوي التفسيرات السببية لأجراء تعزيزات للظواهر الاجتماعية الإيجابية على أربعة معايير:

1- تختلف الظواهر الاجتماعية الإيجابية من حيث النتائج التي تنتجها مجموعاتها وفي استقلالها المشروط.

2- قد يكون للعلاقة بين الظواهر الاجتماعية الإيجابية ونتائجها آثار يمكن ملاحظتها.

3- يجب أن يكون التعزيز صحيحًا من الناحية الواقعية.

4- تركز التعزيزات على الظواهر الإيجابية الموجودة في الزمان والمكان بقصد اكتشاف العمليات التي تحدث عبر أنواع الظواهر.


شارك المقالة: