دروس الأنثروبولوجيا الثقافية:
كانت أعمال الأنثروبولوجيا الثقافية الأمريكية محل للانتقادات الكثيرة، وذلك مشروع تماماً في حد ذاته ضمن النقاش العلمي، ولكن ما هو أقل مشروعية هو العرض المختزل غالباً وشبه المتفق عليه أحياناً الذي قد تم تقديمه في فرنسا على شكل أطروحات ثقافية.
إن الجانب الأكثر قابلية للمناقشة في ذلك العرض هو شمولية الثقافة، فهذه الثقافة معروضة على أنها عبارة عن نسق نظري موحد، في حين أن الأصح من ذلك هو الحديث عن الثقافة الفردية.
يتم جرد سلسلة كاملة من الانتقادات الموجهة إلى الثقافة وذلك دون إيضاح أن عدداً كبيراً منها كان عبارة عن صياغة بدائية للأشخاص الثقافيون، ليواجهوا بها ثقافة الغير، ولقد كان هناك دائماً نقد داخلي ضمن الأنثروبولوجيا الثقافية.
كما أن اقتراحات الثقافة النظرية كانت دائماً تقدم تدريجياً وعبر تصحيح بعض الاقتراحات السابقة، أنه بالإمكان لأي شخص أن يأخذ العلم لأغلب الباحثين إضافة إلى العلوم التي حدثت عليها تطورات ملموسة في فكرهم وعلى امتداد مساراتهم المهنية.
إن نقد الشعوب الجوهرانية التي تتمثل في تصور الثقافة واعياً في ذاته، وهذا التصور قد تم توجيهه إلى الكثير من الثقافيين، ولا ينطبق هذا الأمر إلّا على العالم كروبر، الذي كان يعتبر أن الثقافة تنتمي إلى مجال ما فوق العضوي بوصفه مستوى مستقلاً من الواقع، كما يخضع إلى قوانين مخصومة ويتم اكتسابها من الواقع البشري.
النسبية الثقافية لدى بعض العلماء:
كانت النسبية الثقافية لدى بعض العلماء عبارة عن ردّة فعل منهجية ضد أعمال التطورية الثقافية، ولم يكن الأمر يتمثل في إدعاء أن مختلف الثقافات غير قابلة مطلقاً للمقارنة الشخصية فيما بينهما، بل يجب التأكيد على عدم جواز المقارنة بين الثقافات إلّا بعد دراسة كل واحدة منها لذاتها وبطريقة شاملة ولا شك في أن وهماً ما يمكن في الاعتقاد في إمكانية تحديد ثقافة معينة وتدقيق حدودها، وتحليلها على أنها وحدة غير قابلة للرد.
نحن جميعاً ندين لمدرسة الثقافة والشخصية لتسليط الضوء على أهمية التربية في صيرورة التميز الثقافي، إضافة إلى أن التربية الثقافية ضرورية ومحددة لدى الإنسان، وكما يوجد عدة أبحاث على الرغم من عدم انتسابها إلى الثقافة، إضافة إلى عدم إمكانية التطابق معها، تلك الأبحاث التي استوحت كافة أعمال الأنثروبولوجيين.