كان معاوية بن أبو سفيان هو من أسس الخلافة الأموية، بعد فتح مكة أصبح معاوية في ذلك الوقت مستشارا للنبي عليه الصلاة والسلام، لكنه كان محاربًا في الجيش في نفس الوقت أرسله الخليفة أبو بكر لفتح سوريا حيث أثبت معاوية نفسه لأول مرة في الدولة الإسلامية.
ولايته على سوريا
أثبت معاوية بن أبي سفيان قدرته وقوته العسكرية، وبذلك تم تعينه واليًا على دمشق، وتحت حكم الخليفة عمر بن الخطاب، أصبح حاكماً على كل سوريا، حيث بقي واليًا لمدة (20) عامًا، وهذا ما دعمه فيما بعد خلال منافسته مع علي بن أبي طالب على الخلافة.
كانت سياسة معاوية مع السكان المسيحيين الأصليين في سوريا قائمة على التسامح، فقد عين عدد من المسيحيين في بلاطه، وأما القبائل السورية من أصول عربية جنوبية فقد تحالف معها واتخذ زوجة من قبيلة كلب، بالإضافة إلى ذلك، أسس معاوية في سوريا قاعدة عسكرية وبحرية منيعة وكانت مركز لهجماته على آسيا الصغرى البيزنطية وأرسل بعثات بحرية على قبرص ورودس وساحل ليقيا.
النضال من أجل الخلافة
بدأت المرحلة الثانية المهمة من حياة معاوية في (655) مع مقتل الخليفة عثمان على يد متمردين من مصر والعراق الذين عارضوا سياسة عثمان، عندما اغتيل عثمان انتقل واجب الانتقام لموته إلى معاوية باعتباره أقوى أفراد الأسرة الأموية.
نشأ الخلاف بين معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب على خلفية مقتل عثمان بن عفان، على الرغم من أن علي لم يشارك بنفسه في القتل، إلا أنه أهمل اتخاذ أي إجراء ضد القتلة وكان ذلك من وجهة نظر الأمويون، وقام بإقالة المعينين من قبل عثمان ولم يكن قيام علي بذلك إلا من أجل اخمادا الثورة في ذلك الوقت.
أعمى الغضب معاوية واعتقد أن هذا دليلا على تواطؤ علي في القتل، وبناءً عليه، رفض تكريم علي كخليفة، سار علي إلى سوريا واستقبله معاوية في معركة صفين الشهيرة، استطاع معاوية تفادي الهزيمة بتبنيه الحيلة الذكية بوضع صفحات من القرآن على رماح جنوده، مما يدل على أن شجاره مع علي لا يجب أن يُحسم بالقتال بل بالرجوع إلى كتاب الله.
اختار الطرفان بعد ذلك المحكمين الذين اتفقوا على أنه بما أن عثمان لم يرتكب جريمة فإن قتله غير مبرر، وبهذا تم إثبات موقف معاوية، أعلن أنصاره السوريون أنه الخليفة الشرعي (658)، لتعزيز موقعه العسكري، فتح معاوية مصر في نفس العام وشن فيما بعد هجمات ضد شبه الجزيرة العربية والعراق واليمن، لكن الصراع بين المطالبين بالخلافة انتهى فقط بقتل علي عام (661) على أيدي المتعصبين الذين زعموا ذلك.
بمجرد إقناع معاوية نجل علي الحسن، بالتخلي عن مطالبته بالخلافة، كان موقف معاوية آمنًا، وشرع في استعادة الوحدة وتجديد توسع الدولة الإسلامية، استمرت قوته في الظهور من ناحيتين – رجال القبائل السورية وأقاربه الأمويين، ولتعزيز دعم السابق نقل العاصمة من العراق إلى دمشق، وكفل ولاء الأخيرة بتعيينهم مسؤولين إقليميين، في ظل غياب دعم الدوائر الدينية المؤثرة، حوّل معاوية الحكومة الإسلامية من نظام ثيوقراطي (انتهى عمليا بقتل عثمان) إلى أرستقراطية قبلية عربية تخدمها البيروقراطية.
حكم بنصيحة مجلس شيوخ العرب، إلى جانب وفود من قبائل مختلفة، وعزز البيروقراطية، التي كانت تابعة للحكم البيزنطي، من خلال إنشاء خدمة بريدية ومكتب للتسجيل، ساهمت سياسة التسامح تجاه المسيحيين وتوزيع الأموال على القبائل المنشقة في الحفاظ على الاستقرار الداخلي.
بعد استقرار الدولة الأموية الإسلامية بدأ معاوية يخطط للتوسع وفتح الأراضي، وبذلك تجددت الفتوحات الإسلامية من جديد والتي توقفت بسبب الفتنة الأهلية التي وقعت في عهد عثمان وعهد علي، وبدأت في عهد معاوية عصر ذهبي جديد للدولة الإسلامية وتوسعت الدولة في جميع الاتجاهات برًا وبحرًا.
الفتوحات في عهد معاوية بن أبي سفيان
بعث معاوية بن أبي سفيان حملة عسكرية إلى الشرق لبلاد فارس – خراسان، تم استخدامها كقاعدة لغارات عبر نهر أوكسوس إلى ما وراء النهر، إلى الغرب أرسل والي معاوية في مصر رحلة استكشافية بقيادة الفاتح الشهير عقبة بن نافع ضد شمال إفريقيا التي اخترقت الدفاعات البيزنطية إلى أقصى الغرب مثل الجزائر، ومع ذلك، من المهم أن هذه التطورات في الجزائر وما وراء النهر، في الأطراف الشرقية والغربية من حملة معاوية، لم يتم فتحها في نهاية المطاف حتى وقت لاحق في الأسرة الأموية.
إلى الشمال، بالإضافة إلى الغارات السنوية ضد الأراضي البيزنطية الحدودية في آسيا الصغرى، والتي ساعدت على إبقاء الجيوش القبلية في حالة تأهب للقتال، شن معاوية هجومين فاشلين على القسطنطينية نفسها، الأول قاده ابنه يزيد، والثاني اتخذ شكل حملة بحرية خاضها بشكل متقطع على مدى سبع سنوات.