اقرأ في هذا المقال
- صلة الظواهر الاجتماعية بالتغيير الاجتماعي
- تعريف التغيير الاجتماعي
- علاقة العقد الاجتماعية بالنظام الاجتماعي
يدرس علماء الاجتماع الصلة التي تجمع الظواهر الاجتماعية بالتغيير الاجتماعي، كما يقدمون مفهوماً للتغيير الاجتماعي وأيضاً العلاقة بين العقد الاجتماعية والنظام الاجتماعي.
صلة الظواهر الاجتماعية بالتغيير الاجتماعي
تحتوي جميع الظواهر الاجتماعية على تهديد إما محتمل أو مباشر للنظام الاجتماعي السائد في المجتمع من خلال التغيير الاجتماعي، وتعتبر قضية صلة الظواهر الاجتماعية بالتغيير الاجتماعي في النظام الاجتماعي من الاهتمامات الأساسية لعلماء الاجتماع وللمجتمع، حيث أن الحفاظ على النظام الاجتماعي أمر ضروري لعمل المجتمع كوحدة اجتماعية وسياسية واقتصادية، ومع ذلك فإن السعي وراء النظام الاجتماعي هو أيضًا مصدر للمشاكل الاجتماعية التي تنشأ من عمليات سَنّ القانون وإنفاذ القانون.
ويتم تنفيذ هذه العمليات من قبل الهيئات التشريعية ونظام العدالة والشرطة ونظام الإصلاح وعدد كبير من الوكالات والمهن مثل العمل الاجتماعي وعلم النفس والطب النفسي والهيئات الدينية ومجموعة متنوعة من المنظمات التطوعية، ومن منظور أوسع ومع ذلك فإن الحفاظ على النظام الاجتماعي هو بدرجات متفاوتة جزء متأصل في جميع المؤسسات الاجتماعية.
فالنظام الاجتماعي هو قضية اجتماعية دائمة الخضرة وجزء لا يتجزأ وأساسي من الحياة الاجتماعية، وفي المقابل فإن إحدى أكثر الظروف الاجتماعية تهديدًا التي يُنظر إليها على أنها أخطر ظاهرة اجتماعية هي الحالة التي تحمل أو يُنظر إليها على أنها تحمل خطر تغيير اجتماعي وانهيار للنظام الاجتماعي، وفي أخطر حالاته يمثل التغيير الاجتماعي وانهيار النظام الاجتماعي تهديدًا للأمن والممتلكات العامة والخاصة أو كليهما، وحتى الحياة نفسها، وقد تكون الأشكال المتطرفة لهذا الوضع مثل تلك التي حدثت في بعض أو معظم المجتمعات.
لذى التغيير الاجتماعي هو مفهوم أساسي في علم الاجتماع يشير إلى الطريقة التي تعمل بها مختلف مكونات المجتمع معًا للحفاظ على الوضع الراهن، ويشملوا:
1- الهياكل والمؤسسات الاجتماعية.
2- علاقات اجتماعية.
3- التفاعلات الاجتماعية والسلوك.
4- السمات الثقافية مثل الأعراف والمعتقدات والقيم.
تعريف التغيير الاجتماعي
خارج مجال علم الاجتماع غالبًا ما يستخدم الناس مصطلح التغيير الاجتماعي للإشارة إلى حالة الاستقرار والإجماع الموجودة في غياب الفوضى والاضطراب، ومع ذلك فإن علماء الاجتماع لديهم فهم أكثر تعقيدًا للمصطلح، وفي الميدان يشير إلى تنظيم العديد من الأجزاء المترابطة في المجتمع، كما أن التغيير الاجتماعي موجود عندما يوافق الأفراد على عقد اجتماعي مشترك ينص على وجوب الالتزام بقواعد وقوانين معينة والحفاظ على معايير وقيم وقواعد معينة.
ويمكن ملاحظة صلة الظواهر الاجتماعية بالتغيير الاجتماعي داخل المجتمعات الوطنية والمناطق الجغرافية والمؤسسات والمنظمات والمجتمعات والمجموعات الرسمية وغير الرسمية وحتى على نطاق المجتمع العالمي، وضمن كل هذه تكون الصلة بينهما في أغلب الأحيان هرمية إذ يتمتع بعض الأشخاص بسلطة أكثر من غيرهم حتى يتمكنوا من تطبيق القوانين والقواعد والمعايير اللازمة للحفاظ على النظام الاجتماعي.
وعادة ما يتم تأطير الممارسات والسلوكيات والقيم والمعتقدات التي تتعارض مع تلك الخاصة بالظواهر الاجتماعية والتغيير الاجتماعي على أنها منحرفة أو خطيرة ويتم تقييدها من خلال إنفاذ القوانين والقواعد والمعايير والمحظورات.
علاقة العقد الاجتماعية بالنظام الاجتماعي
كيفية تحقيق النظام الاجتماعي والحفاظ عليه هو السؤال الذي ولد مجال علم الاجتماع، حيث وضع الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز في كتابه (Leviathan) الأساس لاستكشاف هذه المسألة في العلوم الاجتماعية، وأدرك توماس هوبز إنه بدون شكل من أشكال العقد الاجتماعي لا يمكن أن يكون هناك مجتمع وستسود الفوضى والاضطراب.
ووفقًا لتوماس هوبز تم إنشاء الدول الحديثة لتوفير النظام الاجتماعي، ويوافق الناس على تمكين الدولة لفرض سيادة القانون وفي المقابل يتخلون عن بعض السلطة الفردية، وهذا هو جوهر العقد الاجتماعي الذي يكمن في أساس نظرية هوبز للنظام الاجتماعي، وعندما أصبح علم الاجتماع مجالًا راسخًا للدراسة أصبح المفكرون الأوائل مهتمين بشدة بمسألة النظام الاجتماعي.
والشخصيات المؤسسة مثل كارل ماركس وإميل دوركهايم ركزت اهتمامها على التحولات الكبيرة التي وقعت قبل وأثناء حياتهم بما في ذلك التصنيع والتحضر، وانحسار الدين كقوة كبيرة في الحياة الاجتماعية، ومع ذلك كان لهذين المنظرين وجهات نظر معاكسة حول كيفية تحقيق النظام الاجتماعي والحفاظ عليه، ولأي غايات.
نظرية إميل دوركايم حول صلة العقد الاجتماعية بالنظام الاجتماعي
من خلال دراسته لدور الدين في المجتمعات البدائية والتقليدية توصل عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركهايم إلى الاعتقاد بأن النظام الاجتماعي نشأ من المعتقدات والقيم والمعايير والممارسات المشتركة لمجموعة معينة من الناس، وتحدد وجهة نظره أصول العلاقة بين العقد الاجتماعية والنظام الاجتماعي في ممارسات وتفاعلات الحياة اليومية وكذلك تلك المرتبطة بالطقوس والأحداث المهمة، بمعنى آخر إنها نظرية النظام الاجتماعي التي تضع الثقافة في المقدمة.
وافترض إميل دوركايم إنه من خلال الثقافة التي تتقاسمها مجموعة أو مجتمع أو مجتمع نشأ شعور بالارتباط الاجتماعي ما أسماه التضامن بين الناس وبينهم وعمل على ربطهم معًا في جماعة، وأشار إميل دوركهايم إلى مجموعة مشتركة من المعتقدات والقيم والمواقف والمعرفة باسم الضمير الجماعي، وفي المجتمعات البدائية والتقليدية، لاحظ إميل دوركايم أن مشاركة هذه الأشياء كانت كافية لخلق تضامن ميكانيكي يربط المجموعة معًا.
وفي المجتمعات الأكبر والأكثر تنوعًا وتحضرًا في العصر الحديث لاحظ إميل دوركايم أن الاعتراف بالحاجة إلى الاعتماد على البعض لأداء الأدوار والوظائف المختلفة التي تربط المجتمع معًا، أطلق على هذا التضامن العضوي، ولاحظ إميل دوركايم أيضًا أن المؤسسات الاجتماعية مثل الدولة والإعلام والتعليم وإنفاذ القانون تلعب أدوارًا تكوينية في تعزيز الضمير الجماعي في كل من المجتمعات التقليدية والحديثة.
ووفقًا لإميل دوركايم من خلال التفاعل مع هذه المؤسسات ومع الأشخاص من حولهم يتم المشاركة في الحفاظ على القواعد والأعراف والسلوك الذي يمكّن المجتمع من العمل بسلاسة، بمعنى آخر الجميع يعمل معًا للحفاظ على النظام الاجتماعي، وأصبحت وجهة نظر إميل دوركايم أساس المنظور الوظيفي الذي ينظر إلى المجتمع على إنه مجموع الأجزاء المتشابكة والمترابطة التي تتطور معًا للحفاظ على النظام الاجتماعي.
نظرية ماركس النقدية حول العلاقة بين العقد الاجتماعية والنظام الاجتماعي
واتخذ الفيلسوف الألماني كارل ماركس وجهة نظر مختلفة عن النظام الاجتماعي، بالتركيز على الانتقال من الاقتصادات ما قبل الرأسمالية إلى الاقتصادات الرأسمالية وتأثيرها على المجتمع، وطور نظرية النظام الاجتماعي التي تركز على البنية الاقتصادية للمجتمع والعلاقات الاجتماعية التي ينطوي عليها إنتاج السلع.
واعتقد ماركس أن هذه الجوانب من المجتمع كانت مسؤولة عن إنتاج النظام الاجتماعي، في حين أن آخرين بما في ذلك المؤسسات الاجتماعية والدولة كانوا مسؤولين عن الحفاظ عليه، وأشار إلى هذين المكونين من المجتمع على أنهما القاعدة والبنية الفوقية، وجادل ماركس في كتاباته عن الرأسمالية بأن البنية الفوقية تنمو من القاعدة وتعكس مصالح الطبقة الحاكمة التي تسيطر عليها، وتبرر البنية الفوقية كيفية عمل القاعدة وبذلك تبرر سلطة الطبقة الحاكمة، ومعًا تخلق القاعدة والبنية الفوقية نظامًا اجتماعيًا وتحافظ عليه.
ومن ملاحظاته عن التاريخ والسياسة لخص كارل ماركس إلى أن التحول إلى الاقتصاد الصناعي الرأسمالي في جميع أنحاء العالم خلق طبقة من العمال الذين تم استغلالهم من قبل أصحاب الشركات ومموليهم، وكانت النتيجة مجتمعًا هرميًا قائمًا على الطبقة، حيث كانت أقلية صغيرة تمتلك السلطة على الأغلبية الذين استخدموا عملهم لتحقيق مكاسب مالية خاصة بهم، ويعتقد كارل ماركس أن المؤسسات الاجتماعية قامت بعمل نشر قيم ومعتقدات الطبقة الحاكمة للحفاظ على نظام اجتماعي يخدم مصالحهم ويحمي سلطتهم.
نظرة ماركس النقدية للنظام الاجتماعي هي أساس منظور نظرية الصراع في علم الاجتماع الذي ينظر إلى النظام الاجتماعي على إنه حالة محفوفة بالمخاطر تتشكل من الصراعات المستمرة بين الجماعات التي تتنافس على الوصول إلى الموارد والسلطة.