ظهرت في الآونة الأخيرة مجموعة من الظواهر الاجتماعية الغريبة والمثيرة للدهشة، ومن هذه الظواهر هي ظاهرة الاحتفال بالطلاق إذ تعتبر هذه الظاهرة جديدة، حيث أنها لم تكن موجودة في السابق، ولكن في ضل التغيرات الاجتماعية التي تحدث في الحياة ظهرت هذه الظاهرة كتعبير عن الفرح بسبب الحصول على الطلاق والحرية.
ظاهرة الاحتفال بالطلاق
في دراسة لعلماء الاجتماع حول سبب ظاهرة الاحتفال بالطلاق تم مناقشة لماذا يجب على الرجال والنساء الاحتفال بالطلاق وقد أظهرت هذه المناقشات أن هؤلاء الأشخاص الذين يُمارسون هذه الظاهرة يعتبرون أن الطلاق مثل الزواج لا بد من الاحتفال به، كما إنه علامة فارقة ونهاية لعملية شاقة في كثير من الأحيان، ولا عيب في الاحتفال بذلك، وفي هذه الحفلات يتم تقسيم كعكة الزفاف إلى المنتصف وتقف أغطية كعكة العروس والعريس على كلا الجانبين والألعاب النارية في الخلفية.
في العقود الأخيرة اكتسبت ظاهرة حفلات الطلاق الكاملة شعبية حيث يسعى المطلقون وشبكات دعمهم إلى إعادة تشكيل وإعادة تعريف السرد الموصوم بشدة والذي يحيط منذ فترة طويلة بإنهاء الزواج، وبدلاً من شيء يدعو للحزن أو العار، تدرك الإجراءات الاحتفالية في أعقاب الطلاق أن نهاية الزواج لا تختلف عن بداية الزواج، حيث تمثل علامة فارقة مهمة، وغالبًا ما تنتهي بفترة صعبة في الحياة، فإذا تم الاحتفال ببداية شيء جيد فلماذا لا يتم الاحتفال أيضًا بنهاية شيء سيء؟
ويقول علماء الاجتماع أن المؤيدين لظاهرة الاحتفال بالطلاق يعتقدون أن حفل الطلاق في الوقت المناسب يمكن أن يوفر طقوسًا تشتد الحاجة إليها للاحتفال بنهاية فترة صعبة، فعندما يعلن الأزواج خطوبتهم وكذلك عندما يتزوجون فإن أفراد المجتمع يجتمعون حولهم ويقدمون الهدايا ويرقصون ويحتفلون بالزوجين، ولكن عندما يتعلق الأمر بنهاية الزواج كما يقولون يمكن لظاهرة الاحتفال بالطلاق تحسين طريقة اجتماع الأفراد حول الفرد الذي يمر بالطلاق.
هذا هو المكان الذي يمكن أن تكون فيه احتفالات الطلاق مفيدة سواء في إعادة كتابة السرد المحيط بنهاية زواج المرء كزواج إيجابي وكذلك توفير فرصة للأصدقاء والعائلة لإظهار الدعم، ويمكن أن يكون هذا مفيدًا بشكل خاص للرجال الذين وفقًا لعلماء الاجتماع يكافحون إحصائيًا أكثر من النساء في أعقاب الطلاق، وربما جزئيًا لأن المفاهيم القديمة للرجولة تميل إلى منع الرجال من طلب دعم الأصدقاء والعائلة، ويقول علماء الاجتماع يمكن أن تكون مساعدة شخص ما على الاحتفال بالطلاق الأخير عملًا داعمًا يجمع مجتمع الرجل، ويخلق طقوسًا للاحتفال بنهاية شيء مؤلم، وغالبًا ما يتم تذكره منذ فترة طويلة.
شكل ظاهرة الاحتفال بالطلاق عند النساء والرجال
وفي شكلها العصري غالبًا ما ترتبط ظاهرة حفلات الطلاق التي اكتسبت شعبية في السنوات الأخيرة بالنساء المطلقات، وتشبه نوعًا من حفلات العزوبية المعكوسة مع حرق فستان الزفاف الاحتفالي وكعك الطلاق وصفيق وصور الزفاف على ألواح السهام، وبطبيعة الحال قد لا يكون هذا خيارًا جذابًا بشكل خاص لمعظم الرجال، ونظرًا لأن الصور النمطية المجتمعية هي ما هي عليه فقد يكون من الأسهل على النساء التخلص من هذا النوع من عدم الاحترام.
وبالنسبة للنساء اللواتي لديهن تاريخياً سلطة أقل داخل مؤسسة الزواج قد يبدو إلقاء السهام على صورة سابقة في حفل الطلاق أمرًا مضحكًا ومسلٍ أو حتى ممكناً، أما بالنسبة للرجال من ناحية أخرى قد يميل الاحتفال بالطلاق بطريقة مماثلة إلى الظهور على إنه سلوك لا طعم له بل وحتى متحيز للنوع الاجتماعي ويعكس الصور النمطية المؤرخة حول الكره القديم للتحيز.
ومع ذلك لا يعني هذا أن الرجال لا يمكنهم ولا ينبغي لهم الاحتفال بطلاقهم بأي طريقة يختارونها، وعلى الرغم من أن الكثيرين قد يسعون إلى أشكال احتفال أكثر هدوءً من حفلات الطلاق المبهجة والجاهزة والتي أضاءت وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة إلا أن هناك بعض الرجال يرون أن الاحتفال بالطلاق يتطلب شراءًا باهظًا لسلعة فاخرة مرغوبة منذ فترة طويلة (أو اثنتين)، أو قد يرى البعض أن يجتمع برجال آخرون مع الأصدقاء في جولة أو يلعبون الجولف أو التخطيط لرحلة تخييم أو الاحتفال مع العائلة.
ويقول علماء الاجتماع أن النساء تكون أكثر علنية بشأن احتفال الطلاق، في حين أن الرجال قد يكونون أكثر خصوصية، ويضيفون إنه من خلال تجربتهم من المرجح أن تحتفل النساء بالطلاق بشكل عام على الرغم من أنهم بدأوا يرون الاتجاه يتزايد بين الرجال.
تجدر الإشارة أيضًا إلى إنه على الرغم من النغمة المتقلبة التي تميل إلى تلوين اتجاه ظاهرة حفلات الطلاق فإن الاحتفال بالطلاق لا يجب أن يكون بمثابة إصبع وسط لزواج سابق أو زواج آخر، فبالنسبة للبعض لا يعتبر الاحتفال بالطلاق بالضرورة احتفالًا بنهاية الزواج في حد ذاته.
الأسباب التي تنطوي عليها ظاهرة الاحتفال بالطلاق
إذ يرى علماء الاجتماع أن هناك بعض الأشخاص احتفلوا بطلاقهم بعد خمس سنوات من الزواج وسنتين من إجراءات الطلاق الفوضوية بما في ذلك معركة حضانة الأطفال، وكان الاحتفال يدور حول الاعتراف بنهاية عملية قانونية مرهقة أكثر من نهاية الزواج نفسه، وعندما انتهت المعركة القانونية المطولة مع الزواج السابق وأخيرًا تم منح حضانة الأطفال، كانت التجمعات الاحتفالية مع الأصدقاء والعائلة وسيلة للاحتفال بنهاية فترة زمنية صعبة للغاية.
ولكن أيضًا بالنسبة لهاؤلاء الأشخاص تعتبر حفلات الطلاق بمثابة شكر لنظام الدعم الذي احتشد حولهم طوال فترة الطلاق، ويقول علماء الاجتماع أن ظاهرة الاحتفال بالطلاق كان لها فائدة كبيرة من خلال القدر الهائل من عملية الدعم برمتها، وكانت الحفلات بشكل أساسي بمثابة شكر للأشخاص الذين كانوا داعمين، وبطبيعة الحال كانت بمثابة تعبير عن التحرر من الأوقات الصعبة، ولحسن الحظ بدأ المجتمع أيضًا في اللحاق بالركب حيث يشير الاتجاه المتزايد لحزب الطلاق إلى تحول أوسع في المفاهيم الثقافية للزواج ونهايته بدلاً من الفشل المخزي.
وبدأ المجتمع يدرك أن قرار الطلاق صعب ولكنه ضروري وصحي في كثير من الأحيان، وبدلاً من عار الناس على البقاء في زيجات غير سعيدة يتم الاحتفال بهم لامتلاكهم الشجاعة للخروج والبحث عن السعادة والإنجاز في مكان آخر، ومع ذلك هذا لا يعني إنه لا يوجد مجال للحزن على الطلاق بسبب الخسارة التي غالبًا ما تكون حتى أثناء الاحتفال بجوانب معينة من نهاية الزواج، إذ يقول علماء الاجتماع أن من المهم عدم التقليل من مشاعر الحزن لدى الشخص؛ لأن هذه المشاعر طبيعية وصحية، وهناك العديد من جوانب الطلاق التي يمكن الاحتفال بها مع الاعتراف أيضًا بوجود جوانب مؤلمة أخرى.
وبغض النظر عن الجنس أو حتى من تقدم بطلب الطلاق لا توجد طريقة صحيحة أو خاطئة للاحتفال، ولا توجد أسباب صحيحة أو خاطئة، حيث يرى علماء الاجتماع إنه يمكن للناس الاحتفال بنهاية علاقة صعبة ونهاية العملية القانونية الفظيعة ونهاية عملية فصل الأصول وفك التشابك العاطفي المؤلم ويمكنهم أيضًا الاحتفال ببداية فصل جديد أكثر سعادة، وفي بعض الأحيان يكون حفل الطلاق مجرد فعل من قبل أصدقاء الشخص المطلق حديثًا يظهرون فيه الدعم لهم ذلك لأنهم نجحوا في هذا الأمر الصعب حقًا.