كيفية تطور علم الاجتماع عند علماء العرب والمسلمين:
اهتم العرب قبل الإسلام بالكثير من جوانب الفكر الاجتماعي، حيث فكروا في شؤون الحياة والمجتمع وكانت لهم نظم وأوضاع اجتماعية ارتضوها فيما بينهم، كذلك كانت لهم لقاءات عامة يناقشون فيها مشكلاتهم وأمور حياتهم، ويفكرون في وسائل علاجها.
وقد مهر العرب وبرعوا في بعض الجوانب، كالكهانة والعرافة، وقد مارسوا نظام الثأر، وكانت لهم شعائر وطقوس وعبادات خاصة، وأيضاً عرفوا جميع نظم الزواج، من تعدد الأزواج والزوجات إلى وحدانية الزوجة وتعدد الأزواج، إلى وحدانية الزوج والزوجة، ونظام الطلاق وكذلك مهر العرب في بعض جوانب الفلك الطب، والحروب والترجمة، الأمر الذي يمكن معه القول بأنهم لم يكونوا في عزلة عن المجتمعات الخارجية والحركات الفكرية الأخرى، وحينما انتشر الإسلام حقق في فترة وجيزة وحدتهم القومية، تلك التي لم تتحقق خلال التاريخ الطويل رغم توافر مقوماتها.
والإسلام دين اجتماعي بالدرجة الأولى، والنظام الاجتماعي في الإسلام جزء من الدين، فقد اهتم هذا الدين بالعقائد والعبادات وإلى جانب ذلك اهتم بالتشريعات الدقيقة التي تنظم الحياة الاجتماعية مثل الزواج والطلاق والوراثة والزكاة، والضوابط الاجتماعية، وحقوق الإنسان، وأعلى كثيراً من القيم الفاضلة كالحرية والمساواة والتراحم والتعاون، وأضفى الإسلام على العمل صبغة مقدسة تصل إلى مراتب العبادة.
والإسلام كدين اجتماعي يحث على التفكير والاجتهاد، وطلب العلم، وقد اهتم المفكرون الأول في عصر الخلفاء الراشدين يجمع القرآن الكريم وتفسيره ورواية الأحاديث النبوية وجمعها وتبويبها، وفي العصر الأموي زاد الاهتمام بالدراسات والجوانب الفقهية، وقد شهد العصر العباسي نهضة علمية، وثقافية واسعة النطاق شملت كل فروع الفكر الاجتماعي ومختلف العلوم الإنسانية والطبيعية، وقد كان لهذه الحركة الإحيائية آثارها الواسعة على مختلف أنحاء الإمبراطورية الإسلامية.
وعلى الرغم من ذلك فقد كان الاهتمام بطبيعة الحياة الاجتماعية، والتغير الذي حدث في المجتمع والذي كان فريداً في نوعه، كان الاهتمام بذلك كله ضئيلاً وقليلاً، لذلك جاءت الكثير والعديد من الدراسات مختلطةً بالدين والفلسفة، فيما عدا دراسات المفكر والعالم العربي عبدالرحمن بن خلدون التي جاءت موضوعية في تصويرها لواقع الحياة في المجتمعات الإنسانية كافة.