عصر الفايكنج: هو فترة من تاريخ أوروبا وخاصةً تاريخ أوروبا الشمالية، وقد امتد ذلك العصر في أوروبا منذ القرن الثامن حتى القرن الحادي عشر ميلادي، وقد قام الفايكنج باكتشاف أوروبا بكل بحارها ومحيطاتها بواسطة الحروب والتجارة، كما وصل الفايكنج إلى الأناضول وآيسلندا كما تقول دراسات وصول الفايكنج إلى أمريكا الشمالية.
عصر الفاينكج:
كانت بداية عصر الفايكنج قوية في إنجلترا والتي كانت في عام 793 ميلادي، حي قام الفايكنج بتدمير دير كان موجوداً في شمال جزيرة إنجليزية والتي كانت تعتبر تلك الجزيرة مقدسة في إنجلترا، حيث أنها كانت تعتبر مركزاً للتعليم في قارة أوروبا، قام الفايكنج حينها بقتل الكهنة والرهبان الموجودون في الدير وقاموا برمي بعضهم في البحر وقاموا باتخاذ الآخرون عبيد، كما أنهم قاموا بنهب كنوز الكنائس وقاموا بسرقة السفائن في الجزيرة.
حيث كانت تعتبر حملة الفايكنج على إنجلترا عبارة عن حملة تجارية أكثر من أن تكون حملة قرصنة، فقد كانت تعتبر الفظائع التي قام بها الفايكنج عبارة عن إنذار لأوروبا، فأخذ أوروبا حينها تأخذ حذرها من الفايكنج، وفي القرن التاسع عشر ميلادي بدأ العلماء يلاحظون مدى مهارة الفايكنج في الإبحار، وقد كان يصور الفايكنج في عهد الملكة فيكتوريا ملكة المملكة المتحدة بأنهم شعوب همجية ودموية، فقد كانت السجلات التاريخية في إنجلترا تصورهم بأنهم ذئاب بشرية.
وكان أول بداية لظهور الفايكنج وفنونهم في القرن السابع عشر ميلادي، حيث بدأت أعمالهم العلمية بالتأثير على القراء في بريطانيا وبدأ حينها علماء الآثار بالكشف عن تاريخ عصر الفايكنج وفي العمل على تحديد أصولهم وفي اللغة التي كانوا يتحدثون فيها، وخلال عصر النهضة وعصر التنوير في الشمال بدأت الدول الإسكندنافية تتعامل بشكل علماني عقلاني، حيث كانت القصص التي تذكر عصر الفايكنج توصفهم بأنه عصر متوحش وغير حضاري في المناطق الشمالية.
وكان الفايكنج الذين قاموا بغزو أوروبا الشرقية والغربية معظمهم من وثنيين الدنمارك والسويد والنرويج، كما أنهم قاموا بالاستقرار في جزر آيسلندا وأيرلندا وجزر الفارو وقد كانوا يتحدثون اللغة النوردية القديمة، كما كان ينظر الدنماركيون إلى امتلاك أكبر مساحة ممكنة من الأراضي وكانوا يسعون إلى التجارة.
أما في النرويج فقد كانت الطبيعة الجغرافية للبلاد عبارة عن تضاريس جبلية ومضايق بحرية والتي كانت تشكل حدوداً طبيعية فيها؛ ممّا جعل المجتمعات فيها منفصلة عن بعضها البعض، حيث كانت تتكون النرويج مجموعة من الممالك الصغيرة وقد كان يتم التنقل بين تلك الممالك بواسطة البحر، ومع بداية القرن الثامن ميلادي بدأت الدول الإسكندنافية بإرسال سفنها الحربية؛ لكي يتم بدء عصر الفايكنج والذين كان معظمهم من القراصنة واللصوص، وكان المجتمع الإسكندنافي يعتمد على الزراعة والتجارة في علاقاته مع الدول الأخرى.
كما كان لديهم بعض القوانين والقيم التي كانوا يحتفظون فيها، حي كانت قاعدتهم من العيب غزو وفتال دولة معينة تخوض حرباً مع دولة أخرى، وقد بدأ عصر الفايكنج بالتوسع مع بداية الحروب المسيحية والتي عَملت تلك الحروب على تقسيم النرويج لفترة طويلة، ومع تطور وسائل النقل حينها تم صنع السفن الطويلة والمياه المفتوحة زادت رغبة التجار الإسكندنافي في الاكتشاف والتجارة والحصول على بضائع جديدة والعمل على توسعة الشركات التجارية في مناطق جديدة.
وقد كانت الدول الإسكندنافية تعاني من تجارة غير متكافئة؛ وذلك بسبب الحملة التي قادها ضدهم دعاة المسيحية؛ ممّا أدى ذلك في النهاية إلى انهيار علاقتهم التجارية، فقام بعض التجار البريطانيون بالإعلان بأنهم مسيحيون لكي يتم دعم تجارتهم وتوفير السلع لهم والتي كان يوفرها لهم شبكة من التجار المسيحيين، أما تجار الفايكنج فقد كانوا يقومون بعملياتهم التجارية بشكل سري، وقد كانت الحملات الهجومية للفايكنج منفصلة عن أعمالهم التجارية.
وقد كان السكان الذين يسكنون في شبه الجزيرة الإسكندنافية كبيراً جدً مقارنة بالجُزر الأخرى، حيث لم يكن لديها الأراضي الكافية التي من الممكن ان تطفي الجميع فقامت بطرد بعض السكان من أراضيهم؛ لكي تتمكن من الحصول على المزيد من الأراضي الزراعية، وقد كانت الدول الإسكندنافية تعاني من عدة صراعات داخلية والتي أدت تلك الصراعات إلى تمركز السلطة في أيدي القليل، كما قام عدد من الحكام المحليين بالهجرة إلى جزر ما وراء البحار، وتم حينها تأسيس جمهورية آيسلندا الأولى والتي كانت تعتبر أول جمهورية حدية في أوروبا.
وكانت بدايات غارات الفايكنج في عام 787 ميلادي وذلك عندما قام مجموعة من الأشخاص النروجيين بالإبحار إلى جزيرة “دورست” الإنجليزية، حينها رآهم أحد المسؤولين الإنجليز ظن بأنهم تجاراً وقام بدعوتهم بالحضور إلى القصر الملكي لكي يقوموا بدفع الضر ائب، عذا عن أنهم لم يستجيبوا له وقاموا بقتله، وفي عام 793 ميلادي كانت أوروبا تعيش في حالة رعب؛ بسبب الأخبار والقصص التي كانت تسمعها عن الفايكنج.
وفي تلك الفترة بدأ الفايكنج بالغارات في الجزر الأوروبية وقاموا بعمليات النهب والسلب والقتل بأبشع الطرق، وقاموا بالعام الذي يليه بالهجوم على دير في أيرلندا وقاموا بقتل الكهنة الموجودين فيه وعمليات السرقة وبعد ذلك قاموا بإحراقه، وقام ملك النرويج “هارالد الثالث” بغزو إنجلترا، إلا أن ذلك الهجوم قد فشل؛ ممّا ادى فشل ذلك الهجوم إلى نهاية عصر الفايكنج في إنجلترا، وتم بعد ذلك هزيمتهم بعدة معارك متتالية، حي تم هزيمتهم بعد ذلك في معركة “جسر ستامفورد” في أيرلندا، وقامت اسكتلندا بعد ذلك باستعادة أراضيهم من الاسكندنافيين.
وبعد تأسيس السلطة الحاكمة في الدول الإسكندنافية وقيامها بإعلان المسيحية الديانة الرسمية فيها، فتم حينها انتهاء عصر الفايكنج في تلك الدول، وقد كان نهاية عصر الفايكنج في النرويج بعد قيام معركة كبيرة فيها وانتشرت المسيحية في النرويج بشكل كبير، حي حينها لم يعد يطلق على النرويجيين اسم الفايكنج، وكان الاسكندنافيين يقومون بصناعة السفن الطويلة ذات الألواح المتداخلة في بعضها البعض والذي ساعدهم ذلك في الإبحار في المياه العميقة واستطاع التجار والمستوطنين من السفر لمساحات كبيرة، حتى وصل إلى وديان وبحار شمال وغرب أوروبا.
وقام بعد ذلك الأمير الروسي “روريك” بالتوسع نحو الشرق وقام بالاستيلاء على عدة مدن، وقام حينها بتأسيس دولة خاصة بعائلته، في ذلك الوقت كان الاسكندنافيين يقومون بحملات التوسعية نحو الجنود حتى وصلوا إلى البحر الأسود وقسطنطينية، حي أنهم كانوا يملكون سفن تسير في المياه الضحلة والعميقة، وقد كانت مملكة الفرنجة حينها والتي كان يحكمها “الإمبراطور شارلمان” من أكثر المتضررين من الهجمات التي يقوم فيها الفايكنج، حيث أنهم قاموا بالإبحار حتى تمكنوا من التحصن جنب مملكة الفرنجة.
وفي تلك الفترة كانت بداية لنهاية عهد “الإمبراطور شارلمان”، فقام الاسكندنافيين بزيادة غاراتهم على تلك المنطقة حتى قاموا بالاستيطان فيها، وفي عام 911 ميلادي قام الملك الفرنسي “تشارلز البسيط” بعقد اتفاق مع قائد غارات الفايكنج وقام بمنحه لقب دوق ومنحه حكم نورماندي، فأقسم حينها قائد غارات الفايكنج بالولاء للملك تشارلز زقام باعتناق المسيحية، كما قام التعهد بالدفاع عن المناطق الشمالية من فرنسا ضد أية هجمات أخرى من الفايكنج.
وقد أصبح الفايكنج في فرنسا بعد ذلك من عامة الشعب ويتحدثون باللغة الفرنسية، إلا أنهم بقوا محافظين على ثقافتهم التي كانت مختلفة عن الثقافة الفرنسية والتي قاموا بنقلها معهم بعد ذلك إلى إنجلترا.