محكمة التفتيش: هي محكمة تابعة للديوان المقدس لمحاكم التفتيش في إسبانيا، واشتهرت باسم محاكم التفتيش الإسبانية، وقد قام بتأسيسها الملوك الكاثوليك “الملك فرناندو الثاني والملكة إيزابيلا الأولى، وقد تم تأسيسها في عام 1478 ميلادي، بموافقة “البابا سيكستوس الرابع” وقد كانت مهمتها المحافظة على العقيدة الكاثوليكية في الممالك الإسبانية.
تأسيس محاكم التفتيش في إسبانيا:
تم تأسيس محاكم التفتيش في إسبانيا؛ من أجل أن تحل مكان محاكم التفتيش القروسطية التي كانت تحت السيطرة البابوية، وقد أضحت المحاكم الإسبانية أكثر موضوعية عن باقي الأشكال المختلفة لمحاكم التفتيش المسيحية (الرومانية والبرتغالية)، وتعتبر تلك المحكمة مؤسسة لم يسبق لها مثيل في المؤسسات المماثلة في أوروبا في القرن الثالث عشر ميلادي.
ويتم استخدام اسم محاكم التفتيش في إسبانيا على نطاق في إسبانيا وجميع المستعمرات والأقاليم الإسبانية، منها جُزر الكناري وهولندا الإسبانية ومملكة نابولي وجميع مستعمرات إسبانيا في أمريكا الشمالية والوسطى وأمريكا الجنوبية، وفي عام 1492 ميلادي، سقطت غرناطة والتي تعتبر آخر قلاع المسلمين في إسبانيا، وقد كان سقوطها نذيراً بسقوط صرح الأمة الأندلسية الديني والاجتماعي وتبدد تراثها الفكري والأدبي، وتعبر مأساة المسلمين هناك من أفظع مآسي التاريخ، حيث شهدت تلك الفترة أعمالاً بربرية وحشية ارتكبتها محاكم التفتيش.
وقد هاجر الكثير من مسلمي الأندلس إلى الشمال الإفريقي بعد سقوط مملكتهم فراراً بدينهم وحريتهم من اضطهاد النصارى الأسبان لهم، وعادت إسبانيا بعد ذلك إلى دينها القديم، أما باقي المسلمين الذين بقوا في إسبانيا فقد اجبروا على الرحيل أو التنصر، وقد نشط بعد ذلك الديوان المقدس الذي يدعمه العرش والكنيسة في ارتكاب الفظائع ضد المسلمين المتنصرين.
وفي عام 1516 ميلادي، توفي ملك إسبانيا “فرناندو الخامس” الذي أوصى حفيده “شارل الخامس” بحماية الكاثوليكية والكنيسة واختيار المحققين أصحاب الضمائر الذين يخشون الله؛ من أجل أن يعملوا في حزم وعدل في خدمة الله وتقوية الديانة الكاثوليكية، وقد تم بعد ذلك إنشاء محاكم التفتيش بمرسوم بابوي في عام 1483 ميلادي، وقد تم تعيين القس “توماس دي تركيمادا” مجققاً عاماً لها، وقد قام بوضع دستور لهذه المحاكم الجديدة وأصدر عدداً من اللوائح والقرارات، وقد تم ممارسة جميع أنواع التعذيب في تلك المحاكم خلال فترة العصور الوسطى.