من هو الخليفة عثمان بن عفان؟

اقرأ في هذا المقال


اعتنق عثمان بن عفّان يرضي الله عنه الإسلام مبكّراً وهو صديق مقرّب من الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، كما أنّه الخليفة الثالث من الخلفاء الراشدين، أكسبته أعماله الخيرية وتواضعه شهرة في المجتمع الإسلامي المبكر، كما كان من بين الصحابة المفضلين للنبي محمد.

من هو الخليفة عثمان بن عفان؟

اشتهر عثمان بن عفّان بتفانيه في الإسلام، ظهرت أعماله الخيرية بشكل خاص في المجتمع الإسلامي الناشئ في المدينة المنورة، ولد عثمان في الطائف وهي بلدة عربية في منطقة الحجاز لعفان بن أبي العاص، تاجر ناجح ورجل ثري، كان عثمان متعلم وسرعان ما وجد نفسه في منصب والده الذي وافته المنية، ممّا جعله أحد أغنى الرجال في مكة، عندما أعلن النبي الإسلامي رسالته أقنع أبو بكر الصديق عثمان بن عفان بقبول الإسلام عام 611 ميلادي، ممّا جعله أول النبلاء المكيّين الذين يفعلون ذلك.

كان عثمان تقي بشكل متفاخر وأصبح مشهور لتفانيه في الإسلام، بعد الهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة أكسبه الرسول لقب الغني السخي، وفقاً لإحدى الأساطير الشهيرة أنّه اشترى بئراً وسمح للناس بسحب الماء منه مجاناً، توطدت علاقته مع النبي وتزوّج ابنته رقيّة رضي الله عنها عام 615 ميلادي، كان للزوجين ابن واحد توفي في السادسة من عمره، أصيبت رقية بالمرض عام 624 ميلادي، في الوقت الذي خاض فيه المسلمون معركتهم الأولى ضد المكيين في معركة بدر.

عثمان الذي بقي في المنزل يعتني بزوجته لم ينضم إلى الجيش للمعركة، لكن بسبب القدر ماتت رقيّة، في وقت لاحق من ذلك العام تزوج من ابنة أخرى للنبي وهي أم كلثوم، كان هذا الزواج بلا أطفال وانتهى بوفاتها عام 630 ميلادي، من أجل حياته الزوجية مع اثنتين من بنات النبي محمد نال لقب ذو النورين.

الصعود إلى السلطة:

اهتز المجتمع الإسلامي بعد وفاة النبي محمد بمرضه عام 632 ميلادي، كان أبو بكر الصديق أحد أقرب مساعديه وهو الذي قاد المجتمع باعتباره الخليفة الأول للإسلام، أولئك الذين أيدوا مطالبة أبو بكر بالقيادة شكلوا جماعة داخل المجتمع الإسلامي تعرف باسم المسلمين السُّنة، أيدت مجموعة منافسة ادعاء علي بن أبي طالب وأصبحوا يُعرفون بالمسلمين الشيعة، يؤيد أتباع المجموعة الأولى مطالبة جميع الخلفاء الأربعة في عصر الرشيدون، بينما تعتبر المجموعة الثانية علي بن أبي طالب فقط الوريث الشرعي للنبي وأول زعيم روحي.

عُيِّن عمر بن الخطاب الذي كان من أشد المؤيدين لأبي بكر الصديق، الخليفة الثاني في وصيته التي أملاها على عثمان بن عفان، عمل كل من عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب كمستشارين للخليفة خلال فترة حكمه، التي استمرت عشر سنوات والتي شهدت ازدهار الإمبراطورية الإسلامية، تميز عهده بالنمو المتسارع لحجم الإمبراطورية وقوتها، تم إضفاء الطابع الرسمي على الإدارة والقانون والنظام والجيش والصالح العام وكل شيء آخر تحت رعايته.

بعد وفاة عمر بن الخطاب ضاقت خيارات الشورى لعلي بن أبي طالب  وعثمان بن عفان، تمّ ترشيح عثمان بن عفّان في النهاية، في منتصف الستينيات من عمره أخذ الصولجان، ليصبح الثالث والأطول حكماً من الخلفاء الراشدين، اكتسب أقرباؤه الأمويون الذين ارتقوا مراتب الإمبراطورية تحت حكم أسلافه، مكانة غير مسبوقة تحت قيادته، حيث اعتمد بشدة على خبراتهم.

السياسات المحلية:

عندما تولى عثمان بن عفان السلطة زاد بمقدار الربع البدل العام للأشخاص، كما سمح للناس بسحب قروض من خزينة الدولة التي كانت ممنوعة بحجة دعم نمو الأعمال والتجارة، على الرغم من أنّه لم يحصل على أيّ راتب من خزانة الدولة، إلا أنّه قبل الهدايا من مختلف الجهات وسمح لمرؤوسيه بفعل الشيء نفسه، كان هذا التساهل في تناقض صارخ مع سياسات عمر الصارمة، بسبب هذا الخفة الذهنية أصبح حكّامه الذين عينهم على أساس الارتباط القبلي للسيطرة بشكل فعال، فاسدين وبدؤوا في العمل بشكل مستقل.

يُنسب إلى عثمان بن عفان انعكاس آخر لسياسة عمر بن الخطاب، ربما كان هذا هو الأكثر تدميراً على الإطلاق، تمّ الاعتراف رسمياً بأراضي الشعب المحتل كممتلكات لهم ولا يمكن للعرب شراؤها، كان الهدف من هذا الوضع الراهن حماية حقوق هؤلاء الناس ومنع إضعاف معنويات الجيوش الغازية، سمح هذا الانعكاس للأمويين الذين كانت لديهم ثروات هائلة، بالحصول على المزيد من الأراضي، ممّا منحهم سلطة أكبر من ذي قبل.

توحيد النص القرآني:

إرث عثمان بن عفان الأعظم هو الطريقة التي يُقرأ بها القرآن الكريم، اتخذ الخليفة الأول أبو بكر الصديق خطوة بالغة الأهمية في تجميع القرآن، مع ضمان عدم العبث بالنص، مع ذلك لاحظ عثمان أنّه مع توسع العالم ودخول المزيد من الناس إلى دائرة الإسلام، كان القرآن يُتلى بلهجات متعددة، قد لا تبدو هذه الخصوصية الطفيفة مهمة لمعظم الناس، لكنّ عثمان بن عفان أدرك أنّ استخدام لهجات مختلفة قد يؤدي إلى سوء تفسير النص.

حيث أمر بتوحيد النص وفقاً لنسخة أبي بكر الصديق، أسندت المهمة إلى زيد بن ثابت أحد كتبة النبي والرجل الذي اختاره أبو بكر الصديق في مشروعه الأصلي، بعد الانتهاء من التوحيد تمّ إتلاف جميع النسخ غير المصرح بها، تحولت هذه الخطوة العبقرية مدفوعة بالاعتناء بإيمانه، إلى اتهام أعدائه بالتجديف ولكن تمّ تعويضه بهذا اللوم بعد وفاته.

الحملات العسكرية لعثمان بن عفان:

بدأ القادة العسكريون الذين تصرفوا في السابق وفقاً لقرارات الخليفة، العمل بشكل مستقل تحت حكم عثمان بن عفان، كما دفعوا حدود الإمبراطورية إلى أبعد من ذلك بتوظيف مواهب المواطنين السوريين، اتخذ المسلمون الحرب البحرية ، حيث تعرض الأسطول البيزنطي الذي كان يحاول استعادة الإسكندرية للضرب عام 646 ميلادس، سقطت قبرص عام 649 ميلادي وتلتها رودس عام 654 ميلادي، تمّ سحق الهجوم البيزنطي المضاد لهذا التوسع عام 655 م يلادي، فيما سمي لاحقاً باسم معركة الصواري.

تمّ إخضاع جزء من شريط شمال إفريقيا خارج طرابلس بعد انتصار حاسم على البيزنطيين في معركة سوفيتولا على الجبهة الساسانية، قُتل الإمبراطور يزدجيرد الثالث على يد أحد السكان المحليين في ميرف عام 651 ميلادي، أدّى موته إلى زعزعة تنظيم الإمبراطورية الفارسية إلى أبعد من ذلك وسمح بإخضاع مقاطعة خراسان الساسانية الشرقية، انتشرت الإمبراطورية حتى أقصى الشرق لتشمل السند، كما تمّ دفع الحدود السورية إلى أبعد من ذلك.

كانت النجاحات العسكرية لعثمان بن عفّان رائعة من جميع النواحي ما عدا واحدة، هي سياسة عمر بن الخطّاب التوسعية المالية، على الرّغم من سياسته الحذرة، لم يكن صحيح بالنسبة لهذه الفتوحات، حيث فشلت حملات عثمان بن عفان العسكرية في مطابقة الأعداد المطلوبة للحفاظ على ازدهار الدولة.

في هذه الأوقات الصعبة وجد عثمان عدواً آخر هو عمرو بن العاص، فاتح مصر وحاكمها الذي طرده بسبب طبيعته الفاسدة وغير الكفؤة، أثار هذا معارضة ضد الخليفة وخاصة داخل مصر، مع وجود العديد من القوات التي تعمل ضده، اندلع الاستياء السري المدفون في المدن الحامية، كما رفعت معايير التمرد أولاً في الفسطاط بمصر ثم في مدينتي الكوفة والبصرة، سار المتمردون الذين بلغ عددهم بالآلاف، إلى المدينة المنورة وكانت محاولات عثمان لمعالجة المشاكل عبثاً.

على الرّغم من أنّ عثمان يواجه نقص في الدعم داخل مملكته، كان بإمكانه استخدام الجيش السوري الموالي والمتشدد للمعركة لسحق المنشقين، عندما طلب منه معاوية ابن أبي سفيان الحاكم السوري الانتقال إلى دمشق، رفض مغادرة المدينة التي عاش فيها مع نبيه، اقترب قادة المتمردين من الخليفة وقدموا شكاويهم أمامه، وعد عثمان بالتوصل إلى قرار عادل بعد استشارة قانونية وطلب منهم الانسحاب، إلّا أنّهم عادوا فيما بعد وضربوه في منزله.


شارك المقالة: